اكتشاف كوكب عملاق حول نجم قزم يغير تصورات العلماء عن الكون

3 د
تم اكتشاف كوكب عملاق يدور حول نجم صغير يسمى TOI-6894b، ما يثير دهشة العلماء.
يخالف الكوكب الجديد النمط التقليدي، حيث يكون النجم المضيف صغيرًا نسبة لحجم الكوكب.
يُفترض أن النجم الصغير لا يوفّر الكثير من الغاز والغبار لتكوين كوكب كبير.
العلماء يقترحون عدة سيناريوهات، منها "عدم استقرار القرص الجاذبي" لتفسير الظاهرة.
يفتح اكتشاف TOI-6894b آفاقًا جديدة لاستكشاف وتطوير نظريات حول تكوين الكواكب.
عالم الكواكب الخارجية مليء بالمفاجآت، وآخرها اكتشاف أثار دهشة العلماء وجعلهم يعيدون النظر في الأفكار السابقة حول كيفية تشكل الكواكب. سُمّي الكوكب الجديد الذي جرى اكتشافه مؤخرًا بـTOI-6894b، وهو كوكب عملاق يدور حول نجم صغير من نوع القزم الأحمر، يبعد عنا حوالي 238 سنة ضوئية فقط.
الغرابة والتناقض في هذا الاكتشاف تكمن في أن النجم المضيف صغير جدًا، فهو يساوي حوالي 20% فقط من كتلة شمسنا، في حين أن الكوكب الذي يدور حوله عملاق الحجم. وهذا يخالف الحسابات التقليدية التي تشير إلى أن النجوم الصغيرة تولّد عادةً كواكب صغيرة نظرًا لاحتوائها على كمية محدودة من الغاز والغبار في القرص المحيط بها.
لغز فلكي يربك العلماء
تتشكّل الكواكب عادة في أقراص دائرية من الغبار والغاز تحيط بالنجم الوليد، ويمثّل هذا القرص البيئة التي تنمو فيها الكواكب تدريجياً، مستهلكة المواد الموجودة من حولها. وعادةً ما تتناسب كتلة هذه الأقراص مع حجم النجم نفسه: كلما زاد حجم النجم، ازداد حجم وكتلة القرص المحيط به. لذا من الطبيعي أن تصبح الكواكب التابعة للنجوم الأصغر حجمًا صغيرة نسبيًا.
بيْد أن حالة الكوكب TOI-6894b تأتي عكس هذا المنطق، ما يجعل العلماء في حيرة من أمرهم. فكيف استطاع هذا النجم القزم الصغير توفير المواد اللازمة لتكوين كوكب ضخم كهذا؟
وبينما يعمل العلماء على استكشاف المزيد، فإنهم قدّموا عدة سيناريوهات محتملة لشرح هذه الظاهرة الغريبة. أحد هذه السيناريوهات يُعرف بـ"عدم استقرار القرص الجاذبي"، ويحدث عندما ينهار جزء من القرص الغازي بسرعة، مشكّلًا كوكبًا كبيرًا دون المرور بالمراحل التقليدية المعتادة من الاندماجات التدريجية للكواكب الصغيرة.
سيناريو آخر محتمل يتمثل في أن الكوكب قد نشأ بالفعل بعيدًا عن النجم الصغير، ثم هاجر لاحقًا إلى موقعه الحالي الأقرب إلى النجم. وهذه الهجرة قد تتسبب بها تفاعلات الجاذبية مع كواكب أخرى أو نجوم مجاورة. كما يوجد احتمال ثالث هو أن عدة كواكب نشأت في المنطقة نفسها ثم دفعت قوى جاذبة كوكباً منها إلى المدار الداخلي الحالي.
لكن مهما كانت الآلية التي قادت إلى تشكيله، فإن اكتشاف TOI-6894b يفتح أمام العلماء آفاقًا جديدة للاستكشاف واختبار نظرياتهم في مجال تكوين الكواكب.
وفيما تبقى مثل هذه الأنظمة الكوكبية نادرة، فإنّ الفلكيين يأملون في اكتشاف المزيد منها خلال السنوات القادمة، ما قد يساعدهم على تجميع قطع إضافية من لغز تكوين الكواكب.
فرصة ذهبية لجيمس ويب لاستكشاف الغلاف الجوي للكوكب
المثير في هذا الاكتشاف أن الكوكب العملاق يتمتع بغلاف جوي ضخم وممتد، ما يجعل فرص دراسته واستكشافه أسهل بكثير عبر تلسكوب جيمس ويب الفضائي الحديث والمتطور.
يحدث هذا الأمر لأنه عندما يعبر كوكب من أمام نجمه، فإنه يتسبب في انخفاض بسيط في كمية الضوء القادمة من النجم، ما يعرف بـ"العبور". في حالة TOI-6894b، يُحدث عبور الكوكب انخفاضًا بارزًا في ضوء نجمِه يصل إلى 17 في المائة، مقارنة بحوالي 1 في المائة فقط في حال معظم الكواكب الأخرى، وهذا يجعل ملاحظته أكثر وضوحًا ودراسة تفاصيله أيسر.
وبفضل هذا العبور الواضح، سيكون العلماء قادرين على الوصول إلى تفاصيل أكثر عن تركيب الغلاف الجوي لهذا الكوكب الغامض ومعرفة مكوناته الكيميائية، ما يضيف معلومات قيّمة إلى نماذجهم النظرية عن كيفية تشكل الكواكب في أنظمة كهذه.
وتبرز هنا أهمية هذه الدراسات التي قد تعمل على تحسين نظريات علماء الفلك بشكل ملموس وتزيد فهمهم لبيئات تشكّل الكواكب لدى النجوم صغيرة الحجم.
في نهاية المطاف، قد لا يقلب اكتشاف TOI-6894b نظريات الفلك رأسًا على عقب بالكامل، لكنه يذكّر بأهمية البحث الدائم وتطوير أفكارنا وتصوراتنا حول الكون. إذ يبقى هذا الكوكب ونظامه الفريد المرجعية المستقبلية لعلماء الكواكب والفلك كي يصلوا إلى إجاباتٍ أوضح عن تكوين العوالم في فضائنا الرحب.
وبقراءة متأنية لما ظهر في هذه الدراسة، قد يكون مفيدًا أن يستبدل الباحثون عبارات غامضة بأخرى واضحة، وأن يضيقوا أكثر من نطاق الاحتمالات ببيانات إضافية، ما يمهّد الطريق نحو إجابات أوضح وأدق عن تكون الكواكب ومراحل تطورها.