ذكاء اصطناعي

الروبوتات تقتحم ملاعب الكرة.. الصين تنظم أول بطولة كرة قدم روبوتية ذاتية القيادة بالكامل

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نظمت الصين أول بطولة كرة قدم روبوتية ذاتية القيادة بالكامل في بكين.

شهدت البطولة مباريات بين فرق مكونة من روبوتات بشرية الشكل دون تدخل بشري.

تعتمد الروبوتات على تقنيات ذكاء اصطناعي وحساسات بصرية لاكتشاف الكرة والتحرك.

يواجه المطورون تحديات تقنية لتحسين قدرة الروبوتات على الاستجابة التلقائية والسريعة.

تشهد الرياضات الروبوتية تطورًا كبيرًا، مما يفتح المجال لتحسين قدرات الروبوتات المستقبلية.

هل كنت تتخيل يوماً أن تشاهد مباراة كرة قدم لا يديرها بشر ولا يلعبها لاعبون بشريون؟ هذا ما حدث بالفعل في العاصمة الصينية بكين، حيث شهد الجمهور حدثاً مدهشاً يُقام لأول مرة، عندما خاضت أربعة فِرق مكوّنة من روبوتات بشرية الشكل منافسات كروية ذاتية القيادة تماماً، في خطوة جريئة تعكس التقدم الهائل للصين في مجالات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الروبوتات.

أُقيمت هذه التحديات بنظام 3 ضد 3 لاعبين دون أي تدخل بشري على الإطلاق، لتكون بمثابة النسخة التجريبية لما سنراه قريباً في بطولة العالم القادمة والتي أُطلق عليها "الألعاب العالمية للروبوتات البشرية"؛ ونجح فريق جامعة تسينغهوا "THU Robotics" في الفوز باللقب بعدما تغلب على فريق جامعة الصين الزراعية "Mountain Sea\" بنتيجة 5-3.


كيف أدارت الروبوتات نفسها بنفسها؟

اعتمدت الروبوتات التي شاركت في هذه المباريات على تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة للغاية، معزَّزة بحساسات بصرية خاصة، مما سمح لها باستكشاف الكرة والتحرك المستقل على أرض الملعب. كان كل فريق من الفرق الأربعة يستخدم أجهزة روبوتية صممتها شركة "بوستر روبوتيكس Booster Robotics"، لكن كل جامعة طورت بنفسها برمجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها؛ بدءاً من أساليب اكتشاف الكرة واتخاذ القرارات، مروراً بتشكيلات اللاعبين، وليس انتهاءً باستراتيجيات التمرير والتسديد نحو الهدف.

وبرغم القدرات العالية لهذه الروبوتات في الحركة واتباع التكتيكات بشكل ذاتي، إلا أنها ما زالت تواجه بعض الصعوبات التقنية. فبعد بعض حالات السقوط، لم تتمكن بعض الروبوتات من الوقوف لوحدها، ما اضطر المنظمين لإخراجها من الملعب على حمالات، وهو ما يبرز التحديات الكبيرة التي تواجه فرق التطوير للوصول إلى أداء مثالي.


الطريق نحو المستقبل: عندما تلعب الروبوتات ضد البشر!

هذا النجاح المبشّر فتح الباب لتخطيط مستقبلي أكثر جرأة، فقد أشار "تشينغ هاو" مؤسس شركة "بوستر روبوتيكس" إلى إمكانية تفاعل هذه الروبوتات مع اللاعبين البشر في المستقبل، ما يفرض تحدياً أكبر يتمثل في توفير أعلى مستويات الأمان، كي لا تتسبب الروبوتات في أي أضرار غير متوقعة أثناء اللعب أو التفاعل المباشر مع الرياضيين.

وأبرز "تشينغ" أن الأداء الحالي للروبوتات يشبه إلى حد كبير أداء الأطفال بعمر خمس إلى ست سنوات؛ إذ تستغرق الروبوتات جهوداً كبيرة لتسجيل هدف أو هدفين خلال المباراة الواحدة، وهو إنجاز ملحوظ مقارنة بالسابق حين كانت الحركة محدودة والاصطدامات كثيرة.


الرياضة والمنافسة: المختبر الجديد لتكنولوجيا الروبوت الصينية

وتكرر الصين توظيف الفعاليات الرياضية، مثل ماراثون الروبوتات ومباريات الملاكمة والكُرة، كموائد اختبار لأحدث ابتكاراتها في مجال الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ مما يبرز اهتمامها الشديد في هذا القطاع وسعيها لتطوير ريادة عالمية مبنية على الابتكار والإبداع التكنولوجي. ومن المقرر أن تشهد بطولة العالم الروبوتية المقبلة من 15 وحتى 17 أغسطس منافسات جديدة بالكامل تشمل ألعاباً رياضية أخرى مثل الجري وألعاب القوى، واستخدامات عملية مثل فرز الأدوية.

في ظرف عامٍ واحد فقط، تحولت المباريات الروبوتية من بطءٍ شديد وضرورة إشراف بشري دائم، إلى مواجهة ذاتية سريعة تُجرى باستقلالية تامة، كما أوضح "تشينغ"، ذلك أن الروبوتات تجاوزت الحد الأدنى من سرعة الحركة وبلغت حوالي متر واحد في الثانية، وأصبحت قادرة على الوقوف من تلقاء ذاتها في بعض الأحيان عندما تسقط أرضاً.

ذو صلة

وبينما قطعت الصين شوطاً كبيراً نحو دمج الروبوتات الذكية في رياضاتها المختلفة، إلا أن الإمكانات المتاحة ما زالت مفتوحة بشكل واسع، ويمكن أن يُثرى المشهد التنافسي أكثر من خلال تحسين قدرة الروبوت على التعافي السريع من السقوط وإضافات تكنولوجية أخرى تعزز من كفاءة الحركة والاستجابة للمواقف المفاجئة على أرض الملاعب.

لقد أثبتت هذه البطولة الروبوتية الناجحة أن المستقبل قد بدأ بالفعل، وأن فكرتنا عن التفاعل بين الإنسان والآلة قد تكون مختلفة تماماً عمّا توقعناه سابقاً؛ وربما تصبح هذه المباريات بوابة لبداية عصرٍ رياضي جديد، تتحوّل فيه الملاعب إلى مسارح مكتظة بالمشجعين الذين جاءوا لمشاهدة تفاعل البشر والروبوتات في منافسات شيقة تفاجئ الجميع وتعيد صياغة قواعد اللعب والمنافسة.

ذو صلة