الصين وإعلان سباق التسلح الكهرومغناطيسي: سلاح ميكروويف بقوة قنبلة نووية يهدد الأقمار الصناعية

5 د
كشفت الصين عن سلاح ميكروويف قوي يعادل انفجار نووي ويهدد الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار.
يعتمد السلاح على تقنية "Phased Array Transmission"، ما يسمح بمهاجمة أهداف متعددة بدقة.
الموجات الناتجة تصل قوتها إلى واحد غيغاوات، ما يجعلها مؤثرة بشكل هائل.
استهدف السلاح نطاق "Ku-band"، مما يهدد شبكات اتصالات الأقمار التجارية مثل "ستارلينك".
تعتبر الولايات المتحدة تطوير هذا السلاح جزءًا من سباق التسلح في الفضاء.
في أحدث تطور مذهل على ساحة سباق التسلح التقني، كشفت مصادر صينية عن تجربة سلاح ميكروويف عالي الطاقة، يتمتع بقوة تماثل الطاقة الكهرومغناطيسية المنبعثة من انفجار نووي، وقادر على تدمير الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية بلمح البصر.
منذ سنوات ترفع التكنولوجيا العسكرية شعار الابتكار، لكن التطور الجديد الذي تعمل عليه الصين يمثل نقلة نوعية في عالم الأسلحة غير التقليدية. السلاح الذي لا يزال في طور الاختبار المخبري، يعتمد على الميكروويف عالي الطاقة (HPM)، وهو نوع من الأسلحة الكهرومغناطيسية القادرة على تعطيل، بل القضاء بالكامل على الأجهزة الإلكترونية للدفاعات أو الاتصالات فضلاً عن الأقمار الصناعية الحساسة. يمكننا القول أن فكرة استخدام الطاقة لتغليب كفة المعركة كانت، ولا تزال، طموحًا تكنولوجيًا كبيرًا تتنافس عليه القوى الكبرى في العصر الحديث.
كيف يعمل السلاح الجديد؟
لعل أكثر ما يثير الفضول بشأن النظام الصيني أنه خرج عن التصميمات التقليدية. فبينما تعتمد أغلب أسلحة الميكروويف حول العالم على هوائيات تشبه أطباق الأقمار يديرها المحاورون لملاحقة الأهداف، اختار الصينيون تقنية "الإرسال عبر مصفوفة الطور" أو ما يُعرف بالـPhased Array Transmission. هذه التكنولوجيا تتيح تركيز الأشعة بشكل دقيق ومدروس لزيادة مداها ورفع حدة التأثير، وتمكن من مهاجمة عدة أهداف في نفس اللحظة. المذهل أن الباحثين تمكنوا من تجاوز عقبة عدم الاستقرار المعروفة لهذا النهج العلمي، ووصلوا لإنتاج موجات ميكروويف تعادل واحد غيغاوات (GW)، وهو رقم هائل يرتقي بالقدرات الهجومية إلى مصاف القنابل الكهرومغناطيسية النووية.
وربطًا بذلك، توصلت فرق البحث من جامعات دفاعية مرموقة – مثل جامعة الدفاع الوطني في تشانغشا ومعهد شمال غرب التكنولوجيا النووية في شيان – إلى إنتاج موجات نقالة يمكن توزيعها على ثمانية قنوات مستقلة عبر تقنية مقسم الطاقة، والذي لا يتعدى حجمه مروحة منزلية عادية. هذا التبسيط في التصميم سيُحدث بلا شك نقلة في سهولة حمل وتشغيل هذا النوع من الأسلحة مستقبلاً. وكما يشير العلماء، وصلت الشدة الناتجة إلى 80 ألف فولت لكل متر، وهي قيمة مقاربة جدًا للنبضات الكهرومغناطيسية الناتجة عن انفجار نووي في الجو.
وبالانتقال من الناحية التصميمية إلى الاختبارات الفعلية، أجريت تجارب التحمل على الجهاز أكثر من 5 آلاف مرة متتالية دون ظهور علامات تآكل أو ضعف بالأداء، وهو ما يوفر للنظام متانة موثوقة. لم تتغير جودة الموجات أثناء التجارب، ووصلت كفاءة التشغيل إلى 96.6 في المئة، ما يعني أن هناك قدرة مستقبلية كامنة ربما تتجاوز حاجز الواحد غيغاوات إن اقتضت الحاجة العسكرية.
إمكانيات تهدد شبكة الأقمار الصناعية العالمية
من هنا يتضح أن الطفرة الصينية في مجال الأسلحة الكهرومغناطيسية تُنذر بتحولات استراتيجية في توازن القوى. حسب تصريحات الباحثين، فقد صممت التجارب لإنتاج موجات في نطاق "Ku-band"، وهو نفس النطاق الذي تعتمد عليه أنظمة الاتصالات بالأقمار الصناعية التجارية مثل "ستارلينك". بالفعل، تعتمد تلك الشبكات على هوائيات عملاقة لاستقبال الإشارات الضعيفة من الأرض، وغالبًا ما تستعين بمكونات إلكترونية تجارية غير محصنة بالكامل وفق المعايير العسكرية. وهذا ما يجعلها عرضة بشكل خاص لمخاطر الهجمات الكهرومغناطيسية.
وبالإشارة إلى صعود "ستارلينك" كعنصر حساس في ساحات النزاع مثل أوكرانيا وروسيا، تتزايد الدلائل على أن تطوير الصين لهذا النوع من الأسلحة يأتي في إطار سباق تسلح مكثف في المضمار الفضائي، حيث تتهيأ لمواجهة احتمالية اندلاع صراعات مع قوى عظمى قد تعتمد كثيرًا على شبكة أقمارها. هذا الترابط بين الفضاء والأمن السيبراني والدفاعي يرسّخ أهمية الابتكار والتحصين في تصميم الأجهزة الإلكترونية المستخدمة على متن الأقمار.
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كذلك تعمل بشكل حثيث على تطوير منظومات ميكروويف عالية الطاقة، مع خطط لتفعيل بعضها في منطقة الهندو-باسيفيك قريبًا. الهدف المعلن هو مواجهة قدرات الصين، وربما تعطيل أقمارها الصناعية في حال تصاعدت التوترات بين العملاقين.
تتضح هنا ملامح حقبة جديدة من السباق بين القوى الكبرى على امتلاك مفاتيح تعطيل البنية التحتية للخصم عن بعد، وهو ما يصعد من أهمية الأمن الإلكتروني، والحماية التقنية لكل مكونات الاتصالات الحديثة فائقة الحساسية.
إلى أين يتجه سباق التسلح الكهرومغناطيسي؟
ومع تداخل الأبعاد التقنية والعسكرية في هذا التقدم الصيني، يبرز تساؤل مهم: كيف ستنظم الدول قوانين استخدام هذه الأسلحة الجديدة؟ وهل ستشهد التحديات الأمنية في الفضاء نقلة نوعية تعيد رسم خريطة الصراعات الدولية؟
لا شك أن الصين وضعت نفسها في صدارة السباق الكهرومغناطيسي الذي تجاوز مجرد تطوير الرؤوس الصاروخية إلى تطوير أدوات صامتة لكنها شديدة الفعالية. وبذلك، تجد القوى الأخرى نفسها أمام تحديات مضاعفة تفرض عليها رفع مستويات الحماية للأنظمة الإلكترونية، وتبني استراتيجيات ردع جديدة.
تُلخص هذه التجربة توجه الصين نحو تقنيات هجومية مستقبلية قد تعفيها من المواجهة المفتوحة لصالح القضاء "عن بعد" على قدرات خصومها التقنية، ما يمنحها ورقة ضغط قوية في أي صراع قادم. ربما تكون الخطوة التالية للأطراف الأخرى تعزيز مكونات الأقمار الصناعية بمستويات غير مسبوقة من الحماية الكهرومغناطيسية، أو مراجعة سياسات التصنيع للانتقال من الأجهزة التجارية إلى مكونات أكثر صلابة وتحصينًا.
من هنا، يتسلل لهذا المشهد سؤال حول مدى إمكانية تطوير تشريعات دولية تضبط استخدام أسلحة الميكروويف عالية الطاقة، خاصة في ظل صعوبة رصد آثارها الفورية مقارنة بالأسلحة التقليدية. وربما يكون على الجهات المعنية في المستقبل القريب استبدال مصطلح "الأمن الفضائي" بمرادف أكثر دقة يعكس هشاشة البنية الحديثة أمام هذه اللواقط الكهرومغناطيسية الخارقة.
عند التفكير في تعزيز قوة النص، قد يكون من الأفضل أحيانًا استخدام كلمة "حرب التكنولوجيا الصامتة" بدلاً من "سباق تسلح"، فهي تعبر بدقة أكبر عن هذا النوع الجديد من المواجهات. كما يمكن تعميق الربط بين الهجمات السيبرانية وأساليب التشويش على الأقمار الصناعية لتضييق تركيز الحديث وربطه بقضايا الأمن القومي، ما يجعل القارئ يدرك عمق الأثر الذي تحدثه هذه الابتكارات الصامتة في رسم السياسة الدولية اليوم.