ذكاء اصطناعي

الفطر الزومبي: كائنات دقيقة سيطرت على الحشرات منذ 99 مليون سنة

فريق العمل
فريق العمل

3 د

اكتُشف فطر زومبي عمره 99 مليون سنة داخل كهرمان قديم.

السيطرة الفطرية على الحشرات قد تعود لحقبة أبكر مما كان يُعتقد.

الاكتشاف يقدم لمحة نادرة عن التفاعل التاريخي المعقد بين الفطريات والحشرات.

الباحثون أجروا تصويرًا ثلاثي الأبعاد لينكشف الفطر بشكل مميز.

فتح الاكتشاف الباب لأسئلة حول تطور الحشرات والفطريات منذ ملايين السنين.

تخيّل للحظة مشهداً من فيلم رعب: نملة تتحرك بلا إرادتها، تتسلق ورقة عالية، ثم تتمسك بها حتى الموت قبل أن ينفجر من جسمها فطر قاتل، يطلق ملايين الجراثيم المعدية بحثاً عن ضحية جديدة. قد يبدو هذا المشهد خيالياً بل ومخيفاً، لكنه شيء حقيقي يحدث في الطبيعة عن طريق فطر يُدعى "أوفيوكورديسيبس"، والذي يُشتهر باسم "الفطر الزومبي".

مؤخراً، اكتشف باحثون بقايا مذهلة داخل قطعتين من الكهرمان عمرهما حوالي 99 مليون سنة، تكشف أن هذه الفطريات الزومبية كانت موجودة منذ زمن طويل يفوق ما كنّا نتصوره بكثير. هذا الاكتشاف يثبت أن العلاقة "المخيفة" بين الفطريات والحشرات، حيث تسيطر بعض أنواع الفطريات على تصرفات ضحاياها قبل القضاء عليها، قد بدأت في حقبة أقدم بكثير مما كان معتقداً من قبل.

تم الاكتشاف بطريقة لافتة، حين عَثر الباحث يوهي زوانغ بالمصادفة على قطع متحجرة محفوظة في قبو أحد المختبرات بجامعة يونّان الصينية. في البداية، ظنّ الباحث أن الشيء الخارج من ظهر النملة المتحجرة مجرد جناح صغير في مرحلة التكوين، لكن بعد تصوير ثلاثي الأبعاد لهذه العينة تبين أن الأمر مختلف تماماً: كان ما يخرج من ظهر النملة هو فطر قديم شبيه إلى حدّ كبير بالفطريات التي نعرفها اليوم باسم "الزومبي"، تتحكم في عقول الحشرات وتقتلها لاحقاً. هذه الفطريات تمتلك تراكيب مميزة كالقبة التي تخرج منها الجراثيم المعدية، في مشاهد تعيد إلى الأذهان أفلام وروايات الرعب.

ما زاد قيمة هذا الاكتشاف هو إيجاد قطعة كهرمان أخرى تحوي ذبابة مصابة بالفطر ذاته. مراقبة هذا النوع من الفطريات المتحجرة أمر نادر جداً، لأن أجسام الفطريات لينة وغير مهيأة للتحجر بشكل جيد، كما أشار الباحث الأمريكي من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، كونراد لابانديرا، الذي وصف الاكتشاف بـ"الفرصة الاستثنائية".

وهذا الاكتشاف يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة جديدة حول تاريخ هذه العلاقة الشديدة التعقيد بين الفطر والحشرات، ومدى قدم هذا التفاعل الذي ربما يرقى تقريباً لزمن ظهور الحشرات نفسها. أقدم نملة متحجرة معروفة عمرها حوالي 113 مليون سنة، وهذا يعني أن الفطريات ربما سيطرت على أعصاب ضحاياها منذ مراحل مبكرة جداً بالتوازي مع بدايات تطور تلك الحشرات.

ذو صلة

وبالرغم من هذا السيناريو المُرعب، فإن الفطريات التي أصابت نملة متحجرة كانت تصيب طور العذراء (القادرة على التحول لاحقاً إلى نملة بالغة)، وليس النملة الناضجة، وبالتالي لم يكن بإمكانها في هذه الحالة تحديداً التحكم بحركة النملة كما تفعل عادة مع النمل البالغ. الأمر المرجح إذاً هو أن حشرة عاملة قامت بإخراج تلك العذراء المريضة خارج الخلية لحماية بقية المستعمرة، متوقية انتشار العدوى.

ومع هذا جميعاً، يظل الأمر مشهداً بعيداً عن الخيال العلمي، لكنه دليل حي على أن الطبيعة تُخبئ الكثير من الأسرار المخيفة التي ما تزال تُكتشف باستمرار. تحمل هذه النتائج دليلاً قوياً على التغيرات التطورية والتفاعلية بين الأنواع المختلفة في القديم، ويمكن أن تصبح أكثر وضوحاً مع المزيد من الأبحاث والاكتشافات—فلعل الفحص الموسع والدقيق للمزيد من الكهرمان يكشف لنا المزيد من هذه القصص المروعة المثيرة للدهشة.

ذو صلة