ذكاء اصطناعي

الفيزياء تحسمها: الكون ليس له مركز ولم يكن انفجارا من نقطة واحدة!!

الفيزياء تحسمها: الكون ليس له مركز ولم يكن انفجارا من نقطة واحدة!!
دعاء رمزي
دعاء رمزي

3 د

لا يوجد مركز للكون، بل يتمدد الفضاء نفسه في كل الاتجاهات.

تصور الكون المتوسع يعاكس فكرة انفجار ينطلق من نقطة مركزية.

تشبيه التمدد ببالون يتسع حيث تزداد المسافات بين النقاط.

الزمكان يدمج الأبعاد الزمانية والمكانية مما يمنع وجود مركز واضح.

تستمر حقائق الفيزياء في إعادة تشكيل فهمنا التقليدي للكون.

ربما تكون قد تساءلت يوماً وأنت تشاهد السماء ليلاً، بنجومها اللامعة والمسافات التي تبدو غير قابلة للإدراك: "أين هي نقطة البداية؟ هل للكون مركز ما ينطلق منه كل شيء؟" الإجابة قد تفاجئك حقاً— فهي ببساطة، أنه لا يوجد مركز لهذا الكون الذي نعيش فيه!

لطالما أثار هذا التساؤل الفضول لدينا جميعاً، بل وكان محور نقاش فلكيين وفلاسفة لقرون طويلة. قد يبدو لنا بديهياً أن يكون للكون نقطة مركزية انطلق منها كل هذا الوجود، إلا أن أحدث النظريات العلمية تخبرنا عكس ذلك تماماً. إذ يوضح عالم الفيزياء "روب كوين" أن الفكرة الشائعة بضرورة وجود مركز للكون ناتجة عن سوء فهمنا للكيفية التي يتمدد بها الكون.

وترتبط هذه المفاجأة بأفكار فيزيائية راسخة ظهرت قبل حوالي قرن من الزمن، حين قدم ألبرت أينشتاين نظريته الشهيرة "النسبية العامة". ففي البداية، ظن أينشتاين والكثير من العلماء أن الكون ثابت في حجمه دون تغير يُذكر. كان هذا الاعتقاد منطقياً في ذلك الوقت، حيث لم تكن هناك أدلة تثبت عكس ذلك.

لكن مع تطور تلسكوبات رصد النجوم وانتشار المراصد الفلكية، بدأت الصورة الحقيقية للكون تتكشف أمام العلماء، لتثبت أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض بصورة أسرع كلما كانت المسافة بينها أبعد. هذا الاكتشاف الاستثنائي غير تماماً تصورات العلماء، وأوضح بشكل قاطع أن الكون يتمدد باستمرار منذ اللحظة التي يُعتقد أنها تمثل البداية: ما نسميه اليوم بـ"الانفجار العظيم" أو الـ"بيغ بانغ".

ورغم وضوح مفهوم الكون المتوسع، تبقى لديه نقطة قد تربك مَن يحاول تخيله؛ فنحن عادةً نتصور التمدد على شاكلة انفجار لمفرقعات نارية ينطلق من نقطة مركزية محددة. لكن ما يحدث في الواقع مختلف تماماً. فالذي يتمدد ليس المجرات ذاتها وإنما نسيج الفضاء نفسه. فكل مجرة تظل ثابتة في موقعها، إلا أن المسافة بينها وبين المجرات الأخرى تزداد مع توسّع هذا النسيج الفضائي بشكل مستمر.

ويمكن استيعاب هذه الفكرة المعقدة من خلال تخيل بالون عليه نقاط ترمز لمجرات. حين ننفخ البالون تتوسع المسافة بين النقاط بشكل واضح. في هذه الصورة لا تتحرك النقاط بشكل مستقل عن السطح، وإنما يكمن توسع المسافات في توسع سطح البالون نفسه. بالمثل، فإن كوننا يتبع آلية مشابهة، إذ أن الفضاء ذاته يتمدد في كل الاتجاهات دون الحاجة لنقطة مركزية أو اتجاه معين.

لكن هذا التشبيه البسيط لا يخلو من تحدياته، فسطح البالون هو ثنائي البعد فقط، بينما يحتوي الكون الفعلي على أربعة أبعاد: ثلاثة مكانية وواحد زمني، تندمج سوياً بما يعرف بـ"الزمكان". هذا المفهوم يجعلنا نستوعب سبب عدم وجود نقطة مركزية للكون. فمثلما لا يوجد مركز واضح على سطح بالون يتمدد، لا يمكن للكون أيضاً أن يحتوي على نقطه يطلق عليها مركز.

ذو صلة

ومع ذلك، تظل هذه الأفكار صعبة على عقولنا التي اعتادت التعامل مع المكان والزمان باعتبارهما عنصرين منفصلين. لكن الحقائق الفيزيائية تؤكد لنا باستمرار أن الفضاء والزمان مرتبطان بشكل لا يمكن فصله، ما يجعل محاولاتنا لتصور فكرة مركز للكون تفشل باستمرار.

وبذلك تظل فكرة "غياب مركز للكون" مثالاً رائعاً على كيف أن النظريات الفيزيائية قد تعيد تشكيل نظرتنا للواقع، وتجعلنا ندرك حدود فهمنا التقليدي للمكان والزمان.

ذو صلة