الهاتف الذكي في الحمام… عادة يومية قد تكلفك البواسير!

4 د
كشفت دراسة أن استخدام الهاتف في المرحاض يزيد احتمال الإصابة بالبواسير بنسبة 50%.
يتسبب الجلوس الطويل في تضخم الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى النزيف والحكة.
ينصح الأطباء بعدم تجاوز خمس دقائق في الحمام وتجنب استخدام الهاتف هناك.
الدراسة حذرت من آثار العادات الرقمية على صحة القولون والمستقيم.
هل تعتقد أن تصفح الهاتف أثناء الجلوس على المرحاض أمر عادي أو ربما “يُسَهِل” لحظات الانتظار؟ ربما عليك إعادة النظر في هذه العادة المألوفة. كشفت دراسة طبية حديثة أن استخدام الهاتف الذكي في الحمام يرتبط بزيادة احتمال الإصابة بالبواسير بنسبة تقارب 50%، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الوقت الإضافي الذي نقضيه جالسين على المرحاض دون شعور.
ارتبطت الإصابة بالبواسير بحكايات شعبية متوارثة؛ مثل الجلوس على الأسطح الباردة، أو الإكثار من تناول الأطعمة الحريفة، أو حتى ضعف النظافة الشخصية. ورغم انتشار هذه المعتقدات، فإن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن هذه الأسباب ليست الجذور الحقيقية للمرض. المفاجئ أن الدراسات العلمية تؤكد وجود علاقة مباشرة بين استخدام الهواتف الذكية أثناء قضاء الحاجة وزيادة خطر الإصابة بالبواسير، ما يجعل الأمر أبعد من مجرد مصادفة أو عادة يومية عابرة.
تعمق فريق البحث في دراسة سلوكيات وحياة 125 شخصاً فوق سن الخامسة والأربعين ممن كانوا سيخضعون لتنظير القولون الروتيني. طلبوا من المشاركين ملء استبيانات دقيقة عن عاداتهم الغذائية، مستوى نشاطهم البدني، وخصوصاً عاداتهم في دورة المياه مثل استخدام الهاتف الذكي، المدة التي يجلسونها، ومستوى الإجهاد أثناء التبرز. المفاجأة كانت أن أكثر من ثلث المشاركين الذين يستخدمون الهواتف الذكية على المرحاض يمضون أكثر من خمس دقائق في الجلسة الواحدة، مقارنة بـ 7% فقط بين من لا يحملون هاتفا في الحمام. الأنشطة الشائعة خلال تلك الدقائق الطويلة تمثلت في تصفح الأخبار، متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاهدة الفيديوهات.
مخاطر الجلوس الطويل: لماذا يتضاعف الخطر؟
لا يرتبط الأمر فقط بقضاء وقت أطول، بل بكيفية جلوسنا غير المدعوم لفترات طويلة على المرحاض. البواسير هي عبارة عن أوعية دموية في نهاية الجهاز الهضمي، ووجودها طبيعي في جسم الإنسان. تصبح المشكلة عندما تتضخم هذه الأوعية وتسبب النزيف أو الحكة وصعوبة في التنظيف، ما يؤدي إلى حلقة من الانزعاج المتواصل. نتائج الدراسة أوضحت أن وجود الهاتف في يدك أثناء الجلوس يجعلك تمضي وقتاً أطول دون أن تشعر، وبالتالي تتضاعف فرصة تضخم البواسير.
وانطلاقاً من هذا المعطى، ركّز الباحثون على كون المدة الزمنية للجلوس أهم حتى من جهود الشد أو الدفع أثناء التبرز، إذ لم يكن للإجهاد وحده تأثير مستقل في ارتفاع معدلات البواسير بين مستخدمي الهواتف. وهذا الربط يظهر مدى خطورة السلوكيات اليومية البسيطة وتأثيراتها الكبيرة على صحة القولون والمستقيم على المدى الطويل.
ومع استمرار الحديث عن العلاقات المعقدة بين العادات الرقمية والصحة البدنية، تقدم هذه الدراسة إشارات واضحة للأطباء كي ينصحوا مرضاهم بتقليل الوقت المخصص لجلسات المرحاض، وعدم اصطحاب الهاتف معهم إلى الحمام قدر الإمكان. فكرة تحديد زمن الجلوس بخمس دقائق فقط أضحت نصيحة ذهبية لتقليل مخاطر البواسير والوقاية من أمراض المستقيم بشكل عام.
التحديات وحدود الدراسة الطبية
ورغم قوة الملاحظات التي خرجت بها الدراسة، لا بد من توضيح الحدود التي صاحبت البحث. إذ اقتصرت العينة على الأفراد فوق سن الخامسة والأربعين ممّن سيخضعون لفحص القولون ما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على كل الأعمار. كما استند الباحثون إلى تقارير المشاركين الذاتية، مما قد يفتح الباب أمام بعض التحيز أو نسيان التفاصيل الدقيقة. بالإضافة إلى ذلك، ما زال من غير المعروف هل الضرر يتضاعف مع استمرار هذه الممارسة لسنوات طويلة منذ الطفولة أو المراهقة.
والحديث هنا لا يقتصر على الهاتف الذكي فقط؛ بل أي عادة تجعلنا نظل جالسين فترات طويلة – مثل قراءة الصحف أو حتى الانشغال بألعاب الكلمات – قد ترفع من احتمالية الإصابة، إلا أن الهواتف جعلت الأمر أكثر شيوعاً ومغرياً بسبب تدفق المعلومات المستمر وصعوبة الانتباه للزمن.
خلاصة وتوصيات لنمط حياة صحي
مع ازدياد ارتباط حياتنا بالتقنية، تصبح التوصيات الطبية البسيطة أكثر أهمية. وينصح الأطباء وأخصائيو الجهاز الهضمي بعدم تخطي الخمس دقائق في المرحاض وتجنّب إدخال الهاتف الذكي إلى دورة المياه قدر المستطاع. سعة المعلومات وقوة السوشيال ميديا قد تسلبنا انتباهنا وتزيد من الخطر دون وعي منا. لذا، اعتبر مقعد الحمام محطة عبور سريعة، فصحتك أهم من التغريدة التالية أو آخر منشورات فيسبوك. في نهاية المطاف، وحدها العادات اليومية الصحيحة قادرة على تقليل الإصابة بالبواسير وغيرها من أمراض القولون المرتبطة بالأسلوب العصري للحياة.