ذكاء اصطناعي

انعكاس دوران نواة الأرض… إنذار مبكر أم بداية النهاية؟

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشفت أبحاث حديثة أن لب الأرض شهد تباطؤاً وربما توقفاً مؤقتاً.

يتكون لب الأرض من لب خارجي سائل وداخلي صلب، يؤثر على المجال المغناطيسي.

حركة اللب تمر بدورات تدوم 70 عاماً وتؤثر على طول اليوم.

تغيرات دوران اللب قد تؤثر على المجال المغناطيسي والتوازن المناخي للأرض.

يساعد الاكتشاف في فهم ديناميكية الأرض الداخلية والتنبؤ بالزلازل والتحولات المناخية.

في مطلع عام 2024، كشفت أبحاث تعاون فيها علماء من الولايات المتحدة والصين أن لب الأرض شهد تباطؤاً ملحوظاً في حركته بل إنه توقف مؤقتاً بالنسبة للقشرة الأرضية. ورغم أن هذا التغيير العلمي الرائع وقع دون أن يشعر به أغلب الناس في حياتهم اليومية، إلا أن اكتشافه ألقى الضوء على أسرار عميقة حول باطن كوكبنا.

من المعروف أن لب الأرض يتكوّن أساساً من معادن، وهو قلب الكوكب حرفياً. ينقسم اللب إلى جزأين: لب خارجي سائل مكوّن من الحديد والنيكل وعناصر أخرى تساهم في توليد المجال المغناطيسي، ولب داخلي صلب من الحديد والنيكل أيضاً وتصل درجة حرارته إلى ما يقارب 5700 درجة مئوية. يبدأ اللب الخارجي على عمق نحو 2900 كيلومتر تحت سطح الأرض، بينما يمتد اللب الداخلي في الأعماق حتى يصل إلى نحو 5100 كيلومتر.

حركة اللب الداخلية ليست كما ظن العلماء دائماً، إذ كان الاعتقاد السائد أنه يدور بثبات وتزامن مع القشرة الأرضية. لكن الدراسات الزلزالية — أي تحليل موجات الزلازل التي تهز الأرض — كشفت أن هذا الدوران متغير ويتبع دورات معكوسة. في بعض الفترات يتحرك اللب بنفس سرعة القشرة تقريبا، وأحياناً أخرى يتباطأ حتى يبدو وكأنه توقف بل وحتى عكس اتجاهه النسبي! إلا أن الحقيقة أنه فقط يغير سرعته مقارنة بقشرة الأرض وليس بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو لا يتوقف بالكامل بل يواصل الحركة بفارق زمني بسيط بينه وبين ما فوقه.


دورات تباطؤ دوران اللب

الملفت أن هذه التغيرات ليست عشوائية، بل تمر بدورات تدوم نحو 70 عاماً، يكون فيها اللب الداخلي أسرع أحياناً من القشرة الخارجية ثم يعود فيبتعد عنها في السرعة وربما في اتجاه الدوران الظاهري أيضاً. أحدث بطء في اللب بدأ منذ عام 2009، وعندها بدأت سرعته في التراجع عن سرعة القشرة الخارجية. هذا يؤدي إلى ظواهر دقيقة في توقيت اليوم الواحد على سطح الأرض قد لا نشعر بها؛ حيث تطول الأيام أو تقصر بأجزاء من الألف من الثانية.

وهنا تتصل حركة اللب بأمور أوسع، فالتغيرات الصغيرة في سرعة الدوران يمكن أن تؤثر بدورها على المجال المغناطيسي للأرض. المجال المغناطيسي مهم جداً لأنه يحمينا من الأشعة الكونية والجسيمات المشحونة القادمة من الشمس، كما يلعب دوراً حاسماً في تشغيل البوصلة وتوجيه الأقمار الاصطناعية وحتى الحفاظ على مناخ الأرض واستقراره.


انعكاسات علمية وفلكية

ذو صلة

هذه النتائج الملفتة تؤثر أيضاً على الكثير من الحسابات الفلكية الدقيقة. قياس الوقت، وحسابات مسار الأقمار الاصطناعية، وكذلك مراقبة التغيرات في درجة حرارة الكوكب أو المناخ قد تتأثر بشكل غير مباشر. تأتي أهمية هذه النتائج في أن العلماء أصبحوا قادرين على فهم ديناميكية الأرض الداخلية بشكل أدق، ما يساعدهم على التنبؤ بشكل أفضل بحدوث الزلازل أو حتى التحولات المناخية الكبرى، نظراً للعلاقة العميقة بين باطن الأرض وسطحها.

في الختام، ربما لا يشعر الإنسان العادي بتغير سرعة دوران اللب الداخلي للأرض أو انعكاس اتجاهه، لكن هذه التغيرات الضخمة في أحشاء الكوكب تبقى شديدة الأثر على ديمومة الحياة وسلامة الأرض. يذكّر هذا الاكتشاف بأن باطن كوكبنا مليء بالأسرار والحركة المستمرة، وأن العلم لا يزال في رحلة كشف الدهاليز العميقة لعالمنا، بحثاً عن إجابات حول الاستقرار، والمجال المغناطيسي، والمناخ، والزلازل، وكل ما يهم الإنسان على سطح الأرض.

ذو صلة