بسبب عدم احترام النباتات: العلماء يحذرون من حتمية اختفاء الأكسجين على الأرض

3 د
كشف علماء عن تحذير بشأن تلاشي الأكسجين في المستقبل البعيد بسبب ارتفاع حرارة الشمس تدريجيًا.
يحتاج الغلاف الجوي للحفاظ على تركيبة ثانية لضمان بقاء حياة النباتات وإنتاج الأكسجين.
توقع العلماء أن هذه التحولات سوف تحدث بعد حوالي مليار عام، مما يُظهر هشاشة الحياة الأرضية.
التوازن البيئي مرتبط بالعمليات الطبيعية، وعلينا مسؤولية حماية الكوكب والحفاظ عليه.
هذه الاكتشافات تركز على أهمية الوعي والاستثمار في حماية البيئة لضمان مستقبل مستدام.
تخيل معي لحظة يتلاشى فيها الهواء من حولنا شيئاً فشيئاً، قد تعتقد أنها لقطة من فيلم خيال علمي بعيد، لكنها في الواقع تحذير علمي خطير كشفته مؤخراً أبحاث دقيقة قام بها خبراء من وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" برفقة علماء من جامعة توهو اليابانية. ورغم أنه سيناريو لن يحدث في أيامنا القريبة، إلا أنه بمثابة تذكير بمدى هشاشة الحياة على كوكبنا.
هذا التحذير المقلق يرتبط أساساً بالعلاقة الدقيقة بين الشمس وثاني أكسيد الكربون والأكسجين. فمن المعروف أن الشمس لطالما منحت كوكب الأرض الدفء اللازم لاستمرار الحياة، ولكن العلماء أشاروا إلى أنه بمرور مليارات الأعوام القادمة ستزداد حرارة الشمس تدريجياً بشكل ملحوظ، مما سيؤدي إلى تغيرات كبيرة في تركيبة الغلاف الجوي المحيط بنا.
ولكن كيف تؤدي حرارة الشمس إلى انخفاض نسبة الأكسجين؟ الأمر يمكن تبسيطه كالتالي: مع الارتفاع المستمر في حرارة الشمس، ستبدأ جزيئات ثاني أكسيد الكربون في التفكك، فتتناقص كميته تدريجياً، وهنا المشكلة الحقيقية، لأن النباتات تعتمد على ثاني أكسيد الكربون لإجراء عملية التمثيل الضوئي (Photosynthesis). وعندما يقل الثاني أكسيد كربون بشدة، تبدأ النباتات في الانقراض، وبالتالي يتوقف معها توليد الأكسجين الذي يعتبر العنصر الأساسي لحياة معظم الكائنات الحية على كوكبنا.
هذه العملية المتسلسلة تشبه سقوط قطع الدومينو واحدة بعد الأخرى، فهو سيناريو كفيل بتحويل كوكبنا إلى أشبه بصحراء قاحلة وخالية من الحياة كما نعرفها. وحسب توقعات العلماء، ستبدأ هذه المرحلة في حوالي عشرة آلاف سنة من الآن، ورغم أن ذلك لا يُعد قريباً حسب المقاييس الإنسانية، إلا أنه يكشف لنا أن الأرض بظروفها الحالية ليست مؤهلة للبقاء للأبد.
وهذا يدفعنا للحديث عن نقطة إضافية مهمة مرتبطة بهذه المشكلة بشكل مباشر، وهي أن انعدام الأكسجين لن يكون الأثر السلبي الوحيد، بل سترافقها ظواهر خطيرة أخرى مثل اختفاء طبقة الأوزون الواقية، ما سيجعل الأرض عرضة لإشعاعات الشمس القاتلة. كما ستزداد مستويات غاز الميثان السام بشكل حاد، ما يسرّع تدهور الأجواء ويهدد حياة الكائنات الحية، خاصة الحيوانات والإنسان الذي يُعد الأكسجين العنصر الأساسي لاستمراره.
وبحسب الباحثين "كازومي أوزاكي" و"كريستوفر رينهارد" الذين طوروا نماذج حاسوبية متقدمة لتوقع موعد هذه الظاهرة، من المتوقع أن تصبح هذه التحولات الجوية أمراً واقعياً ومؤكداً بعد مليار عام من الآن، وهو ما يجعل من مسألة الحفاظ على الحياة على هذا الكوكب مسألة وقت محدود لا أكثر.
ربما تدفعنا هذه الاكتشافات والتوقعات لاستيعاب حقيقة في غاية الأهمية، وهي أن الظروف التي تتيح الحياة على سطح الأرض ليست أبدية، بل هي ظروف مؤقتة وقابلة للتغير الجذري. هذه المعرفة قد تشكل دافعاً إضافياً لنا للاهتمام والاستثمار بشكل أقوى في حماية البيئة والاستدامة. ولعل أبرز ما نتعلمه هنا، أن التوازن البيئي المتمثل في العلاقة بين الأكسجين والنباتات والشمس وكل العناصر الأخرى، هو أمر في غاية الرقة والهشاشة، ونحن كبشر نتحمل مسؤولية الحفاظ على هذا التوازن قدر استطاعتنا.
لذلك، وبينما قد لا نتمكن من تغيير دورات الحياة الكونية، نستطيع على الأقل أن نحترم طبيعة كوكبنا الفريدة، ونعمل على حماية البيئة حولنا، لضمان أداء أفضل لعالمنا في الوقت الحالي. والأهم ربما، هو نشر الوعي والتقدير تجاه ما نملكه من ظروف حياتية استثنائية على الأرض.
والآن ماذا عنك؟ كيف تشعر بعد معرفتك بأن أوكسجين الأرض ذات يوم لن يكون موجوداً إلى الأبد؟ ربما يعد هذا السؤال نقطة انطلاق جيدة لحوارات مجتمعية أو نقاشات بين الأصدقاء تركز على الاهتمام بالبيئة والتوعية بقضايا الاستدامة وحماية الأرض التي نعيش عليها.