بطاريات أرخص، أنظف، وأقوى تعمل تحت الصفر… ومن دون ليثيوم

3 د
تمكن فريق بحثي من ابتكار بطاريات صوديوم صلبة تعمل بكفاءة في درجات الحرارة المنخفضة.
الصوديوم يُعتبر بديلاً أرخص وأقل ضررًا بيئيًا من الليثيوم ولكنه كان يمثل تحديًا.
استُخدمت بنية "شبه مستقرة" لتحسين التوصيلية الأيونية بشكل ملحوظ.
تصميم كاثود سميك ساهم في زيادة كثافة الطاقة المخزنة بالبطارية.
هذا التطور يمهد الطريق لتبني تقنيات إنتاج قابلة للتطبيق الصناعي عالميًا.
في إنجاز علمي جديد قد يغيّر خريطة تخزين الطاقة عالميًا، تمكن فريق بحثي دولي من ابتكار تصميم لبطاريات صوديوم صلبة قادرة على الحفاظ على أدائها حتى في درجات الحرارة المنخفضة دون الحاجة إلى اعتماد كلي على الليثيوم المعروف بارتفاع تكلفته ومخاطره البيئية.
هذه الخطوة المبشرة تأتي في وقت حساس يشهد فيه العالم سباقًا لإيجاد بدائل آمنة وفعالة لتخزين الطاقة لتشغيل السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية ولربط مصادر الطاقة المتجددة بالشبكات العامة.
وهذا يفتح المجال مباشرة لمقارنة التحديات التي يفرضها الليثيوم مع البدائل المطروحة.
الليثيوم والصوديوم: جدلية الموارد والتكلفة
على الرغم من أن البطاريات الصلبة المعتمدة على الليثيوم توصف بأنها قوية وآمنة، إلا أن ندرة المعدن وصعوبة استخراجه تثير قلقًا متزايدًا بشأن استدامتها. من جانب آخر، يعتبر الصوديوم مادة وفيرة وأرخص وأقل ضررًا على البيئة، لكن تطويره في صورة بطاريات عالية الكفاءة ظل تحديًا كبيرًا لسنوات، خصوصًا عند التشغيل في درجات حرارة الغرفة.
وهذا ما جعل الباحثين يكرسون جهودهم لإيجاد صيغة تكنولوجية تعيد التوازن بين الأداء والاستدامة.
اختراق علمي بتثبيت بنية "شبه مستقرة"
المفتاح الذي أدى إلى هذا التطور كان قدرة الفريق على تثبيت تركيبة بلورية فريدة من "هيدريد بورات الصوديوم" في حالة تُعرف بالهيكل شبه المستقر. هذه البنية حققت قفزة في التوصيلية الأيونية بمعدل يفوق ما تم تسجيله سابقًا بعشرات المرات. استخدم الباحثون تقنية تسخين ثم تبريد سريع للتحكم في شكل البلورة، وهي طريقة قائمة في علم المواد لكنها تُطبق لأول مرة على الإلكتروليتات الصلبة.
وهذا الربط بين العلم الأساسي والتطبيق العملي يجعل النتائج أكثر جاذبية للصناعة.
كاثود أكثر سماكة وكثافة طاقية أعلى
الابتكار لم يتوقف عند استقرار الإلكتروليت، بل امتد إلى تصميم كاثود سميك مطلي بطبقة من إلكتروليت كلوريدي صلب. هذه الخطوة سمحت بشحن كثافة طاقية أعلى، لأن الكاثود السميك يحتوي على نسبة أكبر من المواد النشطة مقارنة بالتصاميم الرقيقة التقليدية. وكلما ازدادت سماكة الكاثود زادت القدرة النظرية للبطارية على تخزين الطاقة ضمن مساحة محدودة.
وهذا يربط مباشرة بين التصميم الجديد وقدرته على منافسة بطاريات الليثيوم الراسخة في الأسواق.
نحو صناعة أكثر تنوعًا
الأهمية العملية لهذا الاختراع تكمن في أنه لا يطرح تقنيات إنتاج غريبة أو غير مألوفة، بل يعتمد على إجراءات قابلة للتطبيق الصناعي، ما يمهّد الطريق أمام مصانع البطاريات الكبرى لتبني مزيج من تقنيات الصوديوم والليثيوم بالتوازي. الباحثة شيرلي منغ شددت على أن المستقبل لا يقوم على بديل واحد بل على تكامل بين الكيميائيتين لضمان مرونة الطاقة عالميًا.
وهنا تظهر الرؤية الأوسع التي تجعل من الصوديوم لاعبًا حيويًا على المدى الطويل في سوق الطاقة.
خاتمة
الخلاصة أن هذا البحث يمثل نقلة نوعية في جهود تقليل الاعتماد على الليثيوم وتوسيع خيارات التخزين المستدام. وعلى الرغم من أن الطريق ما زال طويلًا أمام دخول هذه البطاريات للأسواق، فإن التجربة تثبت أن الصوديوم قادر على مجاراة الليثيوم من حيث الأداء وحتى التفوق في بعض الجوانب، ما يعزز آمال إطلاق جيل جديد من البطاريات الصلبة الصديقة للبيئة والعملية في مختلف الظروف المناخية.