ذكاء اصطناعي

بطارية الألماس النووي: طاقة تدوم 5700 عام دون توقف

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن علماء بريطانيون عن بطارية الألماس الكربون-14 التي تدوم لآلاف السنين بدون شحن.

تستخدم البطارية طاقة نظير الكربون-14 المشع في تحويل الإشعاع إلى كهرباء.

تم تطوير البطارية في مختبرات "كولهام" البريطانية وتخدم تطبيقات متعددة.

تُعتبر مثالية للفضاء والأجهزة الطبية لعدم الحاجة إلى تبديلها.

التطور القادم يشمل توسيع إنتاجها وضمان أمانها للاستخدامات اليومية.

تخيّل لو أن بطارية واحدة يمكنها تشغيل جهازك لآلاف السنين بدون أن تحتاج إلى استبدالها أو حتى إعادة شحنها. هذا ليس خيالاً علمياً بعد اليوم، فقد أعلن علماء من هيئة الطاقة الذرية البريطانية وجامعة بريستول عن تصنيعهم لأول بطارية من نوعها في العالم تُدعى “بطارية الألماس الكربون-14”، التي تحمل وعداً بإمداد مستمر للطاقة يمتد لمئات القرون.

منذ سنوات، يتطلع العلماء إلى الاستفادة من قوة العناصر المشعة في تزويد الأجهزة بالطاقة بعيداً عن الحلول التقليدية التي تتطلب صيانة مستمرة وتستنزف الموارد. هنا ظهرت فكرة استخدام نظير الكربون-14 المشع، الذي يمتاز بعمر نصف طويل جداً يبلغ أكثر من خمسة آلاف وسبعمئة عام. ومع أن شحناته الإشعاعية ضعيفة نسبياً، إلا أن العلماء نجحوا في تحويل تلك الطاقة الخافتة إلى كهرباء باستخدام تقنية مستوحاة من عمل الألماس نفسه.


كيف تعمل بطارية الألماس وسبب تميزها

تعمل هذه البطارية الذكية بطريقة تشبه الألواح الشمسية، لكنها لا تعتمد على ضوء الشمس أو الفوتونات، بل تلجأ إلى الإلكترونات سريعة الحركة المتولدة داخل بُنية الألماس نتيجة تحلل الكربون-14. يقوم الألماس الاصطناعي، والذي أُخضِع لمعالجة دقيقة ليحتوي على نسبة محسوبة من الكربون المشع، باحتواء الإشعاع بأمان في داخله دون أن يتسرب أو يشكل خطراً على المحيط الخارجي. هذا يوفّر مصدر طاقة متجدد وآمن، ولا يتطلب تدخل الإنسان بعد تصنيعه وتركيبه.

يرتبط هذا الابتكار المتقدم مباشرة بأبحاث الطاقة الاندماجية (أو الاندماج النووي) التي لطالما ركّزت عليها هيئة الطاقة الذرية البريطانية. من داخل أروقة مختبرات “كولهام”، شهد العلماء نمواً تدريجياً للفكرة وتمكنوا بعد سنوات من التجريب من تطوير النموذج الأولي لبطارية الألماس الجديدة.


تطبيقات مذهلة تتخطى حدود الخيال

نتيجة لهذا التطور الهائل، بات بالإمكان التفكير في استعمالات لم تكن مطروحة من قبل، خاصة في البيئات القاسية مثل الفضاء الخارجي، أو ضمن أجهزة دقيقة لا تحتمل تبديل البطاريات المتكرر مثل منظمات القلب. تخيّل مستقبل الأدوات الطبية، أجهزة الاستشعار، أو حتى الساعات اليدوية، التي تظل تعمل لعقود وربما أكثر بدون أن يضطر المستخدم لتغيير بطاريتها. هذه الإمكانات الهائلة ستحدث تأثيراً مباشراً على مجالات تتراوح من الأمن والتقنية عالية الحساسية إلى استكشاف الكواكب.

وهكذا، يبدو أن العلماء البريطانيين على وشك فتح صفحة جديدة في مفهوم “مصدر الطاقة الموثوق طويل الأمد”. إذ صرَّح فريق البحث من جامعة بريستول بأن تقنيات “الميكر باور” المبتكرة التي تم تطويرها تناسب مجموعة واسعة من التطبيقات من تكنولوجيا الفضاء إلى الأجهزة الأمنية والطبية الحيوية.


التحديات والخطوات القادمة

أما بالنسبة للمرحلة المقبلة، فقد أكد الباحثون أن العقد القادم سيكون حاسماً في توسيع نطاق إنتاج هذه البطاريات ورفع كفاءتها من حيث أداء الطاقة. ويأملون أن تصبح هذه التقنية “تغييراً لقواعد اللعبة” عند وصولها للحياة اليومية، إذ يتطلب الأمر جهداً بحثياً إضافياً لضمان أمان الكربون المشع وقابليته للتوسع الصناعي.

ذو صلة

على ضوء ما سبق، لا شك أن بطارية الألماس المشع تمثل نقلة نوعية في عالم الطاقة، مع وعود بتقليل المخلفات الإلكترونية وجعل الأجهزة تدوم أطول بكثير من أي خيال سابق. ربما لو استخدمنا مرادفاً أعلى دقة لكلمة “الميكرواط” كأن نقول “مقدار ضئيل جداً من الطاقة” لزاد وضوح الفكرة للقارئ غير المتخصص. كما أن ربط الإنجاز بمخاطر التلوث الإلكتروني أو أهمية استدامة الطاقة قد يضفي على القصة بعداً إضافياً وعاملاً مشوقاً للمتابعة المستقبلية.

في النهاية، يحبس العالم أنفاسه انتظاراً لما ستسفر عنه ثورة بطاريات الألماس المشع، بين أمل في أجهزة لا تموت وبوابة إلى عصر جديد للطاقة والنظرة للتكنولوجيا اليوم وغداً.

ذو صلة