ذكاء اصطناعي

بعد عشر سنوات من فقدان بصرها امرأة تستعيد قدرتها على الرؤية باستخدام عظم الاسنان

محمد كمال
محمد كمال

3 د

استعادت كندية بصرها بعد عشر سنوات باستخدام جراحة "زرع السن في العين".

تعتمد العملية على وضع جزء من السن في العين لتعزيز الرؤية.

تضمنت الجراحة تعقيدات كبيرة وأجريت فقط لثلاثة أشخاص في كندا.

منحت هذه الجراحة المريضة استقلالية جديدة وعودة للحياة الطبيعية.

يعكس هذا الإنجاز قفزة نوعية في علاج فقدان البصر عالمياً.

في واقعة طبية لا تخلو من الإعجاز، استعادت امرأة كندية من فيكتوريا في مقاطعة كولومبيا البريطانية قدرتها على الرؤية بعد عشر سنوات من فقدان بصرها، وذلك بفضل إجراء جراحي نادر وغريب يعتمد على زرع جزء من سِن داخل العين. هذا الابتكار الطبي الذي يحمل اسم “زرع السن في العين” أو "تقنية الكيراتوبروستيز باستخدام العظم السني" لم يمنح السيدة غايل لين البصر فحسب، بل أعاد إليها روح الاستقلالية والأمل بحياة أقرب إلى الطبيعية.

بدأت قصة التحدي والإيمان حين فقدت لين، البالغة من العمر 75 عامًا، بصرها بالكامل نتيجة مضاعفات مرض مناعي ذاتي تسبب بندبات في قرنيتي عينيها، وهو ما أفقدها رؤية العالم المحيط بها. وقد أجرت الجراحة النادرة في فبراير هذا العام، لتصبح واحدة من ثلاثة كنديين فقط خاضوا هذه التجربة في البلاد. بدايات العودة إلى النور جاءت تدريجية، فمع مرور الأسابيع بعد العملية، استطاعت أولًا التمييز بين النور والعتمة، تلا ذلك رصد الحركة كذيل كلبها الوفي "بايبر" وهو يهتز فرحًا برؤيتها، ومع الوقت تحولت الظلال إلى تفاصيل كاملة، فبدأت الألوان والأشجار والعشب وحتى الوجوه البشرية تظهر أمامها من جديد. وهذا يعكس مدى قدرة الطب الحديث على تحويل المستحيل إلى واقع يمس تفاصيل الحياة اليومية لأفراد فقدوا الأمل.

الطريق نحو استعادة الرؤية تطلّب جراحة معقدة ومليئة بالتحديات. الجراحة يقوم بها الدكتور غريغ مولوني من مستشفى جبل سانت جوزيف في فانكوفر، والذي كان أول من أدخل هذا النوع من العمليات إلى كندا. تبدأ العملية باقتطاع سن من فم المريض ثم زرعها مؤقتًا في الخد حتى يلتئم حولها نسيج ضام قوي. لاحقًا، يُستخرج هذا السن مع النسيج، ويتم إدخال عدسة صغيرة بلاستيكية فيه، قبل تثبيته في تجويف العين باستخدام النسيج الضام كمرساة قوية تمنع الجسم من رفضه، في حين توفر البنية الصلبة للسِن دعمًا مناسبًا للعدسة. بذلك يصبح لدى المريض نافذة جديدة على العالم عبر مزيج من المواد العضوية والصناعية، دون الحاجة لزراعة قرنية من متبرع خارجي. هذا الربط الفريد بين الهندسة الحيوية وزراعة الأنسجة يعكس تطور الأساليب الجراحية ودقة العمل الطبي في حالات العمى المستعصي.

غيّر هذا الإنجاز الطبي حياة غايل لين بشكل جذري، فبعد سنوات من الاعتماد على الآخرين أو التطبيقات الذكية لمساعدتها في أبسط الأمور كاختيار الملابس، بات بإمكانها اليوم التمتع باستقلالية أكبر واكتشاف العالم مرة أخرى. تقول لين بحماس: “أستطيع الآن اختيار ملابسي بنفسي وأرى الألوان والأزهار من حولي، كما أنني أخيرًا رأيت وجه شريكي، الذي لم يكن لي فرصة لمعرفته بصريًا من قبل.” تنتظر لين بفارغ الصبر الحصول على نظارتها الجديدة أملاً بأن تستطيع قريبًا تأمل تفاصيل وجهها في المرآة. وهذا يبرز جانبًا إنسانيًا بالغ الأثر للجراحة، فهي تمنح المريض استعادة حياته الطبيعية بأدق تفاصيلها.


استعادة الاستقلالية والثقة

ذو صلة

ومع هذا التطور، عبّرت لين عن تفاؤلها بالقدرة على الحركة بشكل أكثر حرية، فتقول: “آمل أن أكون قادرة على الخروج في جولات قصيرة أو الذهاب لمشاوير سريعة من دون الحاجة الزمنية لمن يمسك بذراعي طوال الوقت. الأهم هو أن أكتشف من جديد الأشياء التي كنت أحبها، وأسمح لعقلي بالتكيف مع ما أراه من جديد.” وهنا تتجلى الرابطة القوية بين الصحة النفسية والجسدية والعمليات الطبية الناجحة، خاصة أن عودة البصر تُعيد الثقة وتمنح الأمل بمستقبل أكثر إشراقًا لأشخاص عاشوا في الظلام لفترة طويلة.

في المجمل، تعكس تجربة غايل لين قفزة نوعية في علاج فقدان البصر لدى المرضى الذين فقدوا الأمل بالحلول التقليدية. يجمع هذا الإنجاز بين الجراحة الدقيقة، استخدام الأنسجة الذاتية، تقنيات زرع العدسات، والبحث العلمي في مجالي طب العيون وزراعة الأسنان. وبينما يُعد إجراء زرع الأسنان في العين نادرًا ومعقدًا، إلا أنه يفتح الباب أمام آفاق جديدة لعلاج أمراض القرنية المستعصية في كندا وحول العالم. وبالنسبة للمرضى الذين عانوا سنوات طويلة، يشكل الأمل بالضياء والقدرة على الرؤية من جديد أكبر هدية قد تقدمها لهم التكنولوجيا الطبية المتقدمة.

ذو صلة