ذكاء اصطناعي

بعد 56 عامًا من الصمت… القمر الصناعي المفقود يتحرك مجددًا لأسباب مجهولة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

بدأ القمر الصناعي البريطاني القديم «سكاي نت-1A» بالتحرك بعد 56 عامًا من السكون الغامض.

يثير هذا التحرك المفاجئ تساؤلات حول الأسباب، هل هي تدخلات بشرية أم قوى طبيعية؟ القمر الذي أُطلق لأهداف عسكرية عام 1969، تحول إلى جزء من الحطام الفضائي.

تغيّر موقعه يهدد سلامة المعدات الفضائية، مما يدعو لإدارة أفضل للمدارات.

المسؤولية القانونية عن أي ضرر محتمل تظل معقدة بسبب تداخل الملكية بين الدول.

في مشهد أقرب إلى الخيال العلمي، اكتشف خبراء الفضاء أن قمرًا صناعيًا أطلق قبل أكثر من نصف قرن، قد بدأ بالتحرك على نحو غامض دون أي تفسير منطقي حتى الآن. القمر البريطاني **«سكاي نت-1A»**، الذي أُطلق عام 1969 لغايات الاتصالات العسكرية، عاد إلى دائرة الاهتمام العلمي بعد أن رُصد انحراف لمداره في الفضاء.

تسلّط هذه الحادثة الضوء من جديد على قضية **الحطام الفضائي** المتزايد حول الأرض، إذ يُعدّ هذا القمر غير العامل منذ أكثر من خمسة عقود جزءًا من النفايات المدارية التي تدور حول الكوكب. ومع اكتشاف هذا التحرك غير المتوقع، بدأ المتخصصون يطرحون تساؤلات حول ما إذا كانت هناك جهة ما وراء هذا التغير أم أن **قوى طبيعية غير معروفة** هي السبب.

وهنا تبرز أهمية البحث العلمي في مراقبة "المدارات الجيوسنكرونية" التي تمتلئ بأقمار صناعية قديمة وحديثة، ما يستدعي فهماً أدق لحركتها وتأثيراتها.


جذور الحكاية: من مهمة عسكرية إلى لغز فضائي

عند إطلاق **سكاي نت-1A** في أواخر الستينيات، كان هدفه تأمين قنوات اتصال آمنة بين القوات البريطانية المنتشرة في أنحاء متعددة من العالم. لكن بعد أقل من عامين فقط، تعطل القمر بسبب خلل في الأجهزة وتوقف عن العمل نهائيًا. منذ ذلك الحين، ظل عالقًا في موقعه المداري فوق الساحل الشرقي لأفريقيا، كقطعة صامتة من التاريخ الفضائي.

ومع مرور السنوات، بدأت المراصد ترصد تحركات غير مبررة له. العلماء الذين يراقبون المدارات الثابتة عادة يتوقعون أن تظل الأقمار المتوقفة في مواقع تبقى إلى حد كبير مستقرة، مع تذبذبات صغيرة بفعل **قوى الجاذبية** الشمسية والقمرية. لكن سكاي نت خالف هذه القاعدة.

ويفتح هذا الباب أمام التساؤل الكبير: من الذي دفعه إلى الحركة بعد عقود من السكون؟


لغز التغيير المداري ومَنْ يقف وراءه؟

يقول المهندس البريطاني الدكتور ستيوارت إيفز إن القمر كان من المفترض أن يتأرجح في منطقة محددة قرب خط الطول 75 شرقاً، غير أن البيانات الحديثة تشير إلى وجوده حالياً عند **105 غرباً** فوق القارة الأمريكية، على ارتفاع يقارب **36 ألف كيلومتر** عن سطح الأرض. هذا التحول الهائل لا يمكن تفسيره بمحض الطبيعة، وهو ما أثار الشكوك حول احتمال **تدخل بشري قديم** أثناء فترة تشغيله المشتركة بين بريطانيا والولايات المتحدة.

وتربط الباحثة رايتشل هيل من جامعة لندن هذا الاحتمال بما عُرف باسم “عملية أوك آوت”، إذ جرى في بعض الفترات نقل السيطرة موقتاً إلى قاعدة أميركية لأسباب تقنية. ربما حدث التغيير خلال إحدى تلك الفترات ولم يتم توثيقه حينها.

وهذا الربط التاريخي يعزز فكرة أن التفسير قد يعود إلى قرارات تشغيلية أو خطأ غير مقصود، لكنه لا يستبعد وجود تدخل حديث غير مصرّح به.


تداعيات على سلامة المدارات والاستدامة الفضائية

تغيّر موقع القمر القديم يثير قلق الخبراء المعنيين بـ**الاستدامة المدارية**. فمدارات الأقمار الجيوسنكرونية مزدحمة بمعدات اتصالات نشطة، وأي جسم متحرّك وغير مراقَب يشكّل خطرًا على الأقمار العاملة. اصطدام واحد فقط يمكن أن يولّد شظايا مدارّية تضاعف أزمة **القمامة الفضائية** حول الأرض.

وفي حال تسبب سكاي نت-1A مستقبلاً في ضرر، فإن تحديد **المسؤولية القانونية الدولية** سيكون بالغ التعقيد، نظراً لتداخل الملكية التاريخية بين بريطانيا والولايات المتحدة، فضلاً عن غياب وثائق تحدد من تَحرّك فعليًا بالقمر أو متى حدث ذلك.

وهذا بدوره يطرح أسئلة أوسع حول أهمية تحديث سجلات الأقمار الصناعية القديمة وتعزيز الشفافية في إدارة المدارات.

ذو صلة

نهاية مفتوحة للغز السماء

يبقى التحرك غير المفسر لـ«سكاي نت-1A» تذكيراً مثيراً بأن الفضاء لا يزال يخفي أسراراً كثيرة. وربما يكون هذا القمر الصامت دليلاً على أحداث ماضية لم تُسجّل أو مؤشراً إلى ظواهر فيزيائية لم تُفهم بعد. وبينما يسعى العلماء لتفسير الحادثة، يلفت هذا اللغز الأنظار إلى التحدي الأكبر: كيف نحافظ على فضاء آمن ومنظّم في ظل إرث نصف قرن من النشاط البشري هناك.

ذو صلة