ذكاء اصطناعي

بقع شمسية متفجرة تثير دهشة العلماء.. وتوجه نشاطها نحو الأرض

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تظهر بقعة شمسية نشطة تتجه نحو الأرض، حاملة انبعاثات مغناطيسية مكثفة.

تُحذِّر "قنابل إيلرمان" من توهج شمسي محتمل، مما قد يؤثر على الاتصالات.

يعمل المصورون الفلكيون تحت ظروف طقس صعبة لرصد الظواهر الفلكية.

العلماء يراقبون بقعة شمسية 4136 تحسبًا لأي تأثيرات كبيرة على الأرض.

صورة مذهلة التقطها المصور الفلكي الفرنسي فيليب توزي، يوم العاشر من يوليو، أظهرت مشهدًا نادرًا على سطح الشمس: عشرات الانفجارات المغناطيسية الصغيرة التي تعرف علميًا بـ"قنابل إيلرمان"، وهي تنشط حول بقعة شمسية جديدة تتجه الآن صوب الأرض.

يدور الحديث عن المنطقة الشمسية رقم 4136 والتي ظهرت مؤخرًا على الحافة الشرقية من الشمس. هذه المنطقة ليست مجرد بقعة عادية، بل تعتبر نشطة بشكل استثنائي. حيث رصدت تقارير موقع "سبيس ويذر" المختص بحالة الطقس الفضائي، انطلاق العديد من التوهجات الشمسية متوسطة القوة (الفئة M) من هذه المنطقة.


ما هي هذه الظاهرة المثيرة التي تدعى قنابل إيلرمان؟

تحتاج "قنابل إيلرمان" إلى تفسير بسيط وواضح يمكّن القارئ من استيعاب أهميتها. باختصار، هي انفجارات مغناطيسية صغيرة تحدث في الغلاف الجوي السفلي للشمس. وقد اكتشفها لأول مرة العالم فرديناند إيلرمان في أوائل القرن العشرين. تنتج هذه الانفجارات عندما تتصادم حقول مغناطيسية ذات شحنات متضادة وتعيد تشكيل نفسها بشكل متفجّر، وهو ما يسميه العلماء عملية "إعادة الاتصال المغناطيسي".

المثير للدهشة أن كل انفجار واحد من هذه القنابل الشمسية يحرر طاقة هائلة تعادل تقريبًا 100 ألف قنبلة ذرية من النوع التي استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية. رغم ضخامة هذه الطاقة فإنها تمثل مقدارًا ضئيلًا (أقل من جزء في المليون) مقارنةً بالطاقة الهائلة التي يطلقها توهّج شمسي ضخم.

وربما تتساءل الآن: طالما الطاقة بهذه الصغر النسبي، فلماذا هذه الأهمية؟

وهنا تكمن الإجابة في ما تعكسه هذه الانفجارات من تعقيد النشاط المغناطيسي في هذه المنطقة، فهي إشارة إلى تداخل وتفاعل حقول مغناطيسية شديدة التناقض والتضاد، والتي قد تؤدي إلى انبعاث توهجات أقوى وأخطر لاحقًا.

ومن جانبه، قال فيليب توزي، المصور الفلكي الفرنسي الذي وثّق هذه الظاهرة: "ليست هذه هي المرة الأولى التي أرصد فيها قنابل إيلرمان، إلا أن ظروف طقس جنوب فرنسا القاسية هذه الأيام نتيجة الحرارة المرتفعة (حوالي 38 درجة مئوية)، شكّلت تحديًا حقيقيًا لي أثناء التصوير".

وهذا الربط بين قساوة ظروف الطقس على الأرض وحدّة الظواهر الفلكية يضع أمامنا صورة مثيرة عن تحديات رصد وتوثيق هذه الأحداث العلمية.

ومع اقتراب المنطقة الشمسية النشطة 4136 حاليًا من مواجهتها المباشرة لكوكبنا، فمن الطبيعي أن تخطف أنظار الخبراء ومتابعي علوم الفضاء من حول العالم.

فما الذي يمكن حدوثه عندما تكون الأرض في مواجهة مباشرة مع بقعة شمسية مشحونة كهذه؟

عندما تتجه مثل هذه البقع الشمسية المليئة بالنشاط نحونا، نصبح عرضة لأثرها المباشر. فالتوهجات متوسطة القوة (من الفئة M) التي سبق إطلاقها وتلك التي قد تحدث في الأيام المقبلة، قادرة على إحداث اضطرابات طفيفة في الاتصالات وإعاقة موجات الراديو أو حتى تؤثر على الأقمار الصناعية، وإن كانت هذه التأثيرات مؤقتة عادة.

ومع اقتراب هذه البقعة الشمسية من كوكبنا، تتزايد أهمية مراقبتها ورصد أدائها، لمعرفة ما إذا كانت ستشكل خطرًا أكبر أو تبقى في حدود تأثيرات طفيفة. لذلك يترقب العلماء وهواة الفلك ومراكز مراقبة الطقس الفضائي هذه البقعة بقلق وترقب واضحين.

ذو صلة

وفي حين يعجز الجميع عن التنبؤ بالضبط بما ستقرره الشمس لاحقًا، فإن متابعة مستمرة ويقظة قد تمنحنا فرصة أفضل للاستعداد والاستجابة لأي ظاهرة قد تؤثر في عالمنا الإلكتروني المتصل بقوة بالفضاء.

بالتالي، يصبح تتبع الظاهرة عن كثب أمرًا ضروريًا، خاصة وأن الشمس الآن وصلت إلى ذروة نشاطها في هذه الفترة الزمنية، وسط دورة النشاط الشمسي الحالية. ولا ضرر أبدًا من إلقاء نظرة نحو السماء بعين الخبير أو الشخص الفضولي؛ فالحذر ضروري والاستمتاع بالمشاهد النادرة قد يكون منعشًا وملهمًا في الوقت ذاته.

ذو صلة