ذكاء اصطناعي

تجربة رائدة تكشف كيف يمكن للميكروبات معالجة التسريبات النفطية التي تهدد البيئة في القطب الشمالي

فريق العمل
فريق العمل

4 د

قام علماء جامعة مانيتوبا بتجربة لفهم تأثير تسريبات النفط بالبيئات القطبية.

تهدف التجربة لمعالجة التسريبات النفطية باستخدام الميكروبات في القطب الشمالي.

أُجريت تجارب في مسبحين صناعيين بالقطب الشمالي لمراقبة التحللات الكيمائية والميكروبية.

أظهرت التجربة فعالية تقنيات الاستشعار لتحديد التغيرات السطحية قبل ظهور النفط.

تساعد نتائج البحث على تحسين الاستعداد لمواجهة الكوارث البيئية المستقبلية.

تخيّل أنك تقف على الشاطئ المجمّد لخليج هدسون في كندا، وترتدي طبقة سميكة من الملابس الواقية للبرد القارس، بينما تحاول مراقبة بقعة من النفط تتسلل من تحت الجليد. قد يبدو الأمر غريباً، لكن هذا تحديداً ما قام به مؤخراً فريق من علماء مركز علوم مراقبة الأرض (CEOS) من جامعة مانيتوبا، في تجربة تُعدّ الأولى من نوعها على الإطلاق.

تهدف هذه التجربة التي استضافها مرصد تشرتشل البحري (CMO) إلى فهم كيف تتفاعل تسريبات النفط مع البيئة القطبية الفريدة، وكيف يمكن للميكروبات التي تعيش هناك أن تلعب دوراً في معالجة مثل هذه التسريبات النفطية. وتشكّل هذه الدراسات جزءاً من مشروع "GENICE II" البحثي متعدد المجالات، والذي يجمع بين الكيمياء، وعلم الجينوم، وتقنيات الاستشعار عن بعد، لمواجهة أحد أكبر التحديات البيئية في القطب الشمالي.


لماذا هذا البحث الآن بالذات؟

مع تزايد تأثيرات التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في العالم، يشهد القطب الشمالي تراجعاً في الجليد البحري بوتيرة مقلقة. هذا التحوّل جعل المنطقة أكثر قابلية للحركة والنشاط الملاحي، وبالتالي أكثر عُرضة لحدوث تسريبات نفطية خطرة. يقول أجاستون فيشر، أحد أعضاء الفريق التقني في CEOS: "نحن مهتمون بكيفية الاستعداد للتسرّبات النفطية ورصدها والسيطرة عليها إذا ما حدثت هذه الحوادث مستقبلاً".

في نوفمبر عام 2024، بدأ الباحثون بتجهيز مسبحين صناعيين كبيرين من مياه البحر الطبيعية في مرصد تشرتشل. أحد هذين المسبحين استُخدم كحوض ضابط (بدون إضافة)، والآخر شهد إضافة 113 لتراً من مادة الديزل، وهو وقود شائع الاستخدام في السفن بالمنطقة. استمرت المراقبة الدقيقة على مدار عدة أسابيع، لرصد تحركات النفط وشكله، والتغيرات الكيميائية والميكروبية الحاصلة عليه تحت ظروف القطب الشمالي.

وهنا تأتي المفاجأة: فبفضل تقنيات الاستشعار المتطورة، تمكن الباحثون من اكتشاف إشارات واضحة لتسرّب النفط قبل أن يصبح مرئياً على سطح الجليد. حيث استخدموا تقنيات الليدار والرادار لمراقبة التغيرات التي تحدث في خصائص الجليد بسبب تسلل النفط من تحته، مثل تغير الحرارة والملوحة والخشونة السطحية للجليد، والتي اختلفت بشكل ملحوظ.


الميكروبات.. جنود صغار لمكافحة التلوث

إحدى الجوانب المثيرة حقاً في هذه الدراسة كانت متابعة كيف تتأثر الميكروبات القطبية بمجرد حدوث تسرب نفطي. إذ لاحظ الباحثون من خلال أجهزة محمولة لتحليل الحمض النووي، ارتفاعاً واضحاً في أعداد الميكروبات المتخصصة في تحلل المواد النفطية بعد فترة قصيرة من تسرب الديزل، ثم انخفاضها تدريجياً مع بدء اختفاء النفط بسبب نقص الغذاء اللازم لها. تقول الباحثة جوسلين بلوف: "عندما تعود المجتمعات الميكروبية لحالتها الطبيعية، فهذا يعني أن النفط قد تم تحليله بنجاح".

أجهزة الحمض النووي المحمولة هذه بحجم هاتف ذكي تقريباً، وتوفر للباحثين نتائج سريعة وشبه فورية. يأمل العلماء مستقبلاً في توظيف مثل هذه التقنية في المجتمعات القطبية الشمالية، لتمكينها من رصد جودة المياه فور حدوث أي تسرّب نفطي.

ولا يقتصر عمل الباحثين على الميكروبات فحسب، فقد استخدم الفريق الكيميائي أجهزة التحليل الطيفي لتحليل المركبات المتطايرة الناتجة من الديزل، وربط نتائجها مع تغيرات تركيبة الميكروبات، مما ساعد على فهم دقيقة للكيفية التي تتحلل بها المواد النفطية في ظروف القطب الشمالي الخاصة جداً.


تحديات ونجاحات العمل الميداني

بالطبع، لم يكن العمل الميداني في هذه المنطقة النائية الخالية من الرحمة سهلاً. يصف أحد فنيي المشروع، ليزا أوزفالد، التجربة قائلة: "واجهنا ظروفاً مناخية قاسية وتعطّل أحياناً في بعض المعدات بسبب البرد الشديد." لكنها تضيف بابتسامة: "كانت تجربةً غنيةً بالدروس، وأعتقد أننا سنكون جاهزين بشكل أفضل في المرة القادمة".

وهذا بالذات ما يخطط له فريق GENICE II في خطوتهم المقبلة، حيث ينوون العودة للمرصد الشتاء القادم لإجراء تجارب إضافية تجمع بيانات أكثر دقة في ظروف وتوقيتات مختلفة.

وبينما نتحدث الآن، يعمل الباحثون حالياً بشكل مكثف على دراسة وتحليل الكم الهائل من البيانات التي تم جمعها في هذه التجربة الميدانية الفريدة من نوعها.

ذو صلة

في النهاية، تعتبر هذه التجربة نجاحاً بارزاً ليس فقط في فهم تعامل البيئة القطبية الخاصة مع التسرّبات النفطية، بل أيضاً في إثبات أن الجهود البحثية المتكاملة والعمل الجماعي بين العلماء والمختصين هي الوسيلة الأمثل لمواجهة التحديات البيئية المعقدة التي تنتظرنا في المستقبل.

لزيادة قوة النص وجاذبيته، قد نبدّل عبارات معينة بأخرى أكثر حيوية، مثلاً استبدال كلمة "رصد" بـ "تعقب" أو "متابعة"، إلى جانب إضافة جمل ربط بسيطة بين الفقرات لتعزيز انسياب النص. بذلك نضمن الاقتراب من القارئ بشكل أكبر وجذبه لمواصلة القراءة والاستفادة.

ذو صلة