تلسكوب جيمس ويب يلتقط مباشرة صورة أصغر كوكب خارجي يُرصد حتى الآن في سابقة تاريخية

3 د
تلسكوب جيمس ويب يصور مباشرة أصغر كوكب خارجي تم رصده حتى الآن.
الكوكب المكتشف "TWA 7 b" يعادل حجمه كتلة زحل تقريبًا.
اكتشاف الكوكب تم باستخدام تقنيات المحاكاة الحديثة عبر تلسكوب جيمس ويب.
الكوكب يقع بالقرب من النجم القزم الأحمر "TWA 7".
الكوكب المكتشف يقدم أدلة قوية على تأثيره بشكل قرص النجم المحيط.
اكتشاف جديد ولافت في عالم الفضاء والفلك، قد يغير طريقة فهمنا لآليات تكوين الكواكب في مجموعتنا الشمسية، يأتي اليوم من تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي استطاع لأول مرة التقاط صورة مباشرة لأصغر كوكب خارجي تتم رؤيته على الإطلاق. فما القصة وراء هذا الاكتشاف المهم، وكيف تمكن العلماء من هذه الخطوة الكبيرة إلى الأمام؟
يعتبر البحث عن "كواكب خارجية" - وهي الكواكب التي تدور حول نجوم خارج مجموعتنا الشمسية - أحد الأهداف الرئيسية لعلماء الفلك في القرن الواحد والعشرين. هذه الكواكب تقدم معلومات قيمة حول تكوّن الكواكب وتطورها، بل وتساعد العلماء على تفهّم أفضل لكوكب الأرض نفسه.
وهنا تأتي أهمية تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي أنجز خطوة كبيرة مؤخراً بمشاركته في رصد كوكب خارجي جديد وصغير أُطلق عليه اسم ("TWA 7 b")، تم اكتشافه للمرة الأولى بواسطة التصوير المباشر. يبلغ هذا الكوكب نحو كتلة كوكب زحل، ما يجعله أقل بعشرة أضعاف وزناً من أي كوكب خارجي تم رصده سابقاً بالصورة المباشرة، وحوالي 30% فقط من كتلة كوكب المشتري. ويقع هذا الكوكب على بعد حوالي خمسين مرة عن المسافة بين الأرض والشمس، بالقرب من نجم صغير قريب يُطلق عليه اسم "TWA 7"، وهو نجم قزم أحمر عمره نحو 6.4 مليون عام، أي أنه لا يزال نجماً يافعاً بالمفهوم الفلكي.
أين وكيف تم اكتشاف هذا الكوكب الجديد؟
عادةً ما تكون النجوم حديثة التكوين والغنية بالغبار المداري بيئة مثالية لملاحظة الكواكب التي تتشكل وتستقر هناك. وقد استرعى نظام النجم "TWA 7" اهتمام الباحثين بعد ملاحظة ثلاثة حلقات دائرية مميزة من الغبار المحيط به. وقد جذب اهتمام العلماء على وجه الخصوص الحلقة الأضيق من هذه الحلقات الثلاث، فتوقعوا وجود سبب محدد أدى إلى تشكّل هذه الحلقة بهذا الشكل الدقيق.
وعند استخدام تقنيات المحاكاة الحديثة والتحاليل المفصلة التي يوفرها تلسكوب جيمس ويب المزود بأحدث الأدوات، اكتشف العلماء بالفعل أن الحلقة تدين بهذا الترتيب والتنظيم إلى كوكب خارجي صغير موجود داخلها، وهو الكوكب المكتشف حديثاً "TWA 7 b". وتشرح آن ماري لاغرانج، الباحثة الفرنسية وقائدة الفريق العلمي، أن "ملاحظاتنا قدمت دليلاً قوياً على وجود كوكب يؤثر بقوة على شكل القرص المحيط بالنجم TWA 7، وهو يوجد تحديداً في الموقع الذي توقعناه مسبقاً".
ومن أجل أن نفهم أهمية هذا الاكتشاف، يجب أن ندرك صعوبة التقاط الصور المباشرة للكواكب الخارجية ذات الكتلة الضئيلة، إذ تكون هذه الكواكب عادة أقل سطوعاً بكثير من النجوم التي تدور حولها. ولهذا الغرض، استخدم الباحثون جهازاً خاصاً ملحقاً بتلسكوب ويب يُسمى "كوروناغراف coronagraph"، والذي يعمل على حجب ضوء النجوم، بحيث يسمح برؤية الكواكب ذات الضوء الخافت نسبياً، والواقعة بالقرب منها.
وتكشف اكتشافات مثل "TWA 7 b" مجموعة واسعة من الفرص أمام علماء الفلك ومهندسي التلسكوبات لتطوير الأدوات التي تسمح لهم باكتشاف كواكب صغيرة الحجم مستقبلاً. ويتطلع العلماء على وجه الخصوص للوصول إلى القدرة على تصوير كواكب خارجية تبلغ كتلتها 10 بالمئة فقط من كتلة كوكب المشتري، وهي خطوة ستشكل قفزة ثورية جديدة في استكشاف الأنظمة النجمية البعيدة.
في الختام، فإن صورة الكوكب الجديد التي التقطها تلسكوب جيمس ويب تؤكد لنا مجدداً أن استثماراتنا في استكشاف الفضاء وعلوم الفيزياء الفلكية تفتح آفاقاً جديدة قد تساعد في الإجابة عن الأسئلة الأكثر عمقاً حول الكون الذي نحيا فيه. ربما بإمكان المتخصصين في الخطوات القادمة اتباع مفردات عربية أشد جاذبية في وصف الحقائق الفلكية، وتدعيم الموضوع باقتباسات من علماء العرب في هذا المجال، ما سيجعل المقال أكثر ارتباطاً بالقارئ العربي ويمنحه بعداً إضافياً مميزاً.