ذكاء اصطناعي

ثقب أسود هائل يفوق الشمس بثلاثمئة مليون مرة قد يكشف أسرار البدايات الأولى للكون

محمد كمال
محمد كمال

4 د

أعلن فريق دولي عن رصد أضخم وأبعد ثقب أسود يعود لبدايات الكون.

الضوء المنبعث من الثقوب السوداء يعطينا نافذة زمنية على حقبة غامضة.

تقنيات التحليل الطيفي كشفت المادة المحيطة بالثقب تتحرك بسرعات خيالية.

المجرة المضيفة للثقب تنتمي إلى مجموعة "النقاط الحمراء الصغيرة" المضيئة.

يهدف الباحثون لاكتشاف ثقوب سوداء قديمة تساهم في فهم تطور الكون.

في إنجاز علمي فريد، أعلن فريق دولي من علماء الفلك عن رصد أضخم وأبعد ثقب أسود تم التعرف عليه حتى الآن، تعود نشأته إلى بدايات تشكل الكون نفسه. الثقب الأسود الجديد، الذي تبلغ كتلته أكثر من 300 مليون مرة كتلة الشمس، يختبئ في قلب مجرة بعيدة تُعرف باسم CAPERS-LRD-z9. تخيل معي أننا ننظر إلى جسم تشكل قبل أكثر من 13 مليار سنة، أي بعد نحو 500 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم الذي انطلقت منه شرارة الكون.

رؤية إلى الماضي عبر الثقب الأسود العملاق
لا تتوقف أهمية هذا الاكتشاف عند كونه الأضخم، بل في كونه أشبه بنافذة زمنية تطل بنا على حقبة غامضة من تاريخ الكون. كما يشرح أنتوني تايلور، الباحث الرئيسي، فإن الضوء المنبعث من هذه المجرة البعيدة والثقب الأسود العملاق لم يصل إلينا إلا بعد أن قطع بلايين السنين الضوئية عبر الفضاء، ما يعني أننا في الحقيقة نرى صورة للكون كما كان في طفولته الأولى. هذا يُشكل فرصة فريدة للعلماء لكي يدرسوا بدايات تشكل المجرات والنجوم، ويعيدوا رسم السيناريوهات الأولية لنشوء الثقوب السوداء.

وبطبيعة الحال، يثير حجم هذا الثقب الأسود دهشة المختصين، إذ تضاهي كتلته نصف جميع النجوم التي تشكل مجرته الأم تقريبا، ويتجاوز بعشرة أضعاف حجم الثقب الأسود العملاق الموجود في مركز مجرتنا درب التبانة. وهذا الترابط بين حجم الثقب الأسود المكتشف وما يوجد في مجرتنا يعمق التحليل حول آلية نشأة هذه العمالقة الكونية في بدايات تشكل النجوم.

الرصد الدقيق بتقنيات حديثة
وصول العلماء إلى هذا الاكتشاف اعتمد بشكل أساسي على بيانات رصد من تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا، الذي يُعد من أحدث الأدوات العلمية لرصد أعماق الكون. اعتمد الباحثون على تقنيات التحليل الطيفي، التي تقوم بفصل الضوء القادم من الأجسام البعيدة إلى ألوان وأطياف مختلفة، ما يسمح بالكشف عن بصمات وجود أجسام ضخمة كالنجوم والمجرات والثقوب السوداء. فالثقب الأسود، بسبب جاذبيته الهائلة، يبتلع كميات هائلة من الغاز والغبار الكوني، مما يخلق حوله دوامة من المادة المضغوطة المتوهجة بسرعة تفوق آلاف الكيلومترات في الثانية—علامة يصعب أن تنتج عن أي ظاهرة أخرى.

وفي هذا السياق، تشير التحاليل إلى أن المادة المحيطة بالثقب الأسود المكتشف تتحرك بسرعات خيالية، تصل أحيانا إلى ثلاثة آلاف كيلومتر في الثانية، ما يعزز من فرضية وجود هذا النمط من الثقوب السوداء الضخمة في أعماق الماضي الكوني. وبذلك، يعمل الرصد الطيفي هنا كما لو أنه حلقة وصل تقنية بين ماضي الكون وحاضره العلمي.

مجرات "النقاط الحمراء الصغيرة" وتحليل بصمتها الكونية
ما يجعل القصة أكثر إثارة، أن المجرة التي تحتضن هذا الثقب الأسود تنتمي إلى مجموعة من المجرات تُلقب بـ "النقاط الحمراء الصغيرة"، بسبب حجمها الصغير وقدرتها العجيبة على إطلاق أطوال موجية حمراء لامعة بشكل غير متوقع. اكتُشفت هذه المجرات لأول مرة أيضاً عبر تلسكوب جيمس ويب، وما زال العلماء يدرسون أسباب توهجها اللافت وارتباط لونها الأحمر بنمو الثقوب السوداء الضخمة داخلها. انطلاقاً من هذا الاكتشاف، يواصل الفريق العلمي البحث عن المزيد من هذه الكيانات الصغيرة البراقة والعتيقة، ما قد يكشف لنا أسرار طور مبكر من تطور المجرات في الكون.

ذو صلة

وفي متابعة لهذا النهج، يخطط الباحثون لتوسيع نطاق الدراسات مستقبلاً، آملين اكتشاف ثقوب سوداء أخرى تنافس أو حتى تفوق في القدم والحجم هذا الاكتشاف الحديث، وقد يدفعهم ذلك لإعادة النظر في نظريات تشكل الكواكب والمجرات ونمو "الوحوش الكونية" في فجر الزمن.

خلاصة ونافذة إلى المستقبل
باكتشاف هذا الثقب الأسود الهائل في قلب مجرة نائية، فإننا نقترب خطوة جديدة من فهم تكوين الكون في بداياته، وكيف استطاعت المجرات والثقوب السوداء أن تتخذ هذه الأحجام الهائلة في فترات وجيزة جداً. وبينما تظل العديد من الأسئلة مفتوحة حول آلية تشكل هذه العناقيد الضخمة ولماذا يصدر بعضها وهجاً أحمر لامعاً، يبقى عالم الفلك مساحة خصبة للبحث والاكتشاف. ولزيادة الترابط بين فقرات المقال، ربما من المفيد استخدام مصطلحات مثل "بوابات الزمن الكونية" أو "أرشيف الضوء الكوني" لإضفاء حيوية لغوية وربط أوضح بين تطور المجرة والثقب الأسود والحقبة الكونية المبكرة. كما أن التوسع قليلاً في شرح العلاقة بين التحليل الطيفي وحركة المادة حول الثقوب السوداء يعمق فهم القارئ ويزيد من تفاعله مع القصة المدهشة التي تبوح لنا بها أعماق الفضاء السحيق.

ذو صلة