ثورة علمية تعيد الأمل: تجديد الخلايا البصرية وفك شفرة العمى

3 د
حقق العلماء تقدمًا في تجديد الأنسجة العصبية للبصر بفئران التجارب.
تم تعطيل بروتين PROX1 لتحفيز تجديد خلايا الشبكية المتضررة.
هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لعلاج أمراض الشبكية التنكسية.
بينما تختبر مراكز البحث الطرق، يأمل العلماء نقل النتائج للبشر قريبًا.
النتائج تشجع على تغيير النظرة التقليدية لفقدان البصر الدائم.
تخيّل للحظة أن فقدان البصر الذي اعتبرته الأوساط الطبية لسنوات أمراً دائماً أصبح اليوم على وشك أن يتحوّل إلى ذكرى من الماضي. يبدو أن هذا الحلم أقرب من أي وقت مضى بعد أن حقق العلماء خطوة استثنائية في مجال طب العيون وتجديد الأنسجة العصبية.
في الأبحاث الحديثة التي قادها فريق من العلماء في كوريا الجنوبية، تمكّن الباحثون من العثور على بروتين اسمه PROX1، يلعب دوراً أساسياً كمفتاح بيولوجي يعيق قدرة أجسامنا الطبيعية على تجديد الخلايا البصرية المتضررة في الشبكية. الشبكية ـ كما يعرف المهتمون بصحة العين ـ هي النسيج الحساس الموجود في الجهة الخلفية للعين ومسؤول عن تحويل الضوء إلى إشارات عصبية تصل المخّ. وبينما تستطيع بعض الكائنات مثل الأسماك والبرمائيات تجديد خلايا أعينها بسهولة، كان يُعتقد أن الثدييات، ومن بينها الإنسان، تفتقر لهذه الخاصية. لكن الجديد أن فريق البحث تمكّن من "تعطيل" عمل هذا البروتين في فئران التجارب، فلوحظت طفرة لافتة؛ حيث بدأت العين بتجديد خلاياها البصرية تلقائياً واستمرّت هذه القدرة لمدة ستة أشهر كاملة، وهي فترة طويلة جداً في عمر الفئران.
البحث الذي سلط الضوء على PROX1 بعيدٌ عن كونه مجرّد اكتشاف مختبري، بل يفتح الباب أمام آفاق جديدة لعلاج الملايين ممّن يعانون من فقدان البصر نتيجة ضمور الشبكية أو أمراض العيون التنكسية مثل التنكس البقعي واعتلال الشبكية الكيميائي. هذا يربط مباشرة بين أساسيات فهمنا للدماغ وضبط العمليات الحيوية وبين التطبيقات العلاجية الممكنة في المستقبل القريب. فكما شرح محررا مجلة Popular Mechanics، أندرو دانييلز وماناسي واغ، فإن خلايا الشبكية ليست إلا امتداداً دقيقاً للجهاز العصبي، وكل تقدم في مجال تجديدها يعني خطوة أقرب نحو تبدّل جذري في علاج فقدان البصر.
آفاق العلاج الجديدة وابتكارات مستقبلية
من المثير أن هذا البحث ليس وحيداً في ميدان إصلاح العيون. فهناك تجارب أخرى تتسم بالجرأة والابتكار، من بينها تقنيات تعتمد على استخدام جزيئات الذهب النانوية مع أشعة الليزر الدقيقة لإصلاح الأنسجة التالفة. وبين التقدّم على مستوى فهم البروتينات والطرق الهندسية الحديثة في العلاج، يبدو السباق محتدماً، وكل اكتشاف يقرّبنا أكثر من تحويل الخيال العلمي لواقع يعيشه الناس فعليّاً.
من الجدير بالذكر أن العلماء ما زالوا يواجهون مجموعة من الأسئلة المعقّدة حول إمكانية نقل هذه النجاحات من الفئران إلى البشر بشكل آمن وفعّال. كبريات مراكز البحث حول العالم ـ ومنها تلك المتخصصة في علوم الأعصاب وطب الشبكية ـ بدأت بالفعل في اختبار بعض هذه الفرضيات عبر تجارب أوسع، مع الأمل بتخطي العقبات التقنية والأخلاقية في المستقبل القريب.
وبينما ننتظر اختراقاً حقيقياً في علاج العمى، تشجّع هذه النتائج على استبدال الأفكار التقليدية حول فقدان البصر بآمال مدعومة بحقائق علمية وتطورات تقنية سريعة. ولو استعنا بتعبير أدق في وصف هذا التحوّل، يمكننا القول بأن مفهوم "العمى الدائم" بدأ يفقد حضوره في الوعي العلمي الحديث. لذا ربما يكون من الأفضل تطوير عبارات أكثر تفاؤلاً أو تضييق زاوية الحديث لشرح كيفية استفادة مجموعات محددة من هذا النوع من الابتكار، مع الحرص على ربط المصطلحات التقنية بمفاهيم مألوفة تسهّل للقارئ المتابعة وتغنيه عن البحث خارج الموضوع.