ذكاء اصطناعي

جنين بشري ينمو في المختبر… ويبدأ بصناعة دمه بنفسه!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

نجح علماء جامعة كامبريدج في تطوير نماذج جنينية تنتج خلايا دم بشرية في المختبر.

يتيح هذا النموذج فهم تطور الأمراض مثل اللوكيميا ومراقبة تطور الجهاز المناعي.

تعتمد الطريقة على الخلايا الجذعية لمحاكاة الأسابيع الثالثة والرابعة من الحمل.

يعتمد النموذج على تنظيم ذاتي للخلايا دون الحاجة إلى بويضات أو حيوانات منوية.

يفتح الإنجاز أبوابًا لعلاجات تجديدية تعتمد على خلايا المريض الذاتية.

في خطوة علمية مثيرة، نجح علماء من **جامعة كامبريدج** في تطوير نماذج جنينية بشرية داخل المختبر تمكنت من **إنتاج خلايا دم حمراء وبيضاء** بشكل مشابه لما يحدث في المراحل المبكرة من تطور الجنين الحقيقي. هذا الإنجاز يفتح آفاقاً جديدة أمام **الطب التجديدي**، الذي يعتمد على استخدام خلايا المريض نفسه لإصلاح الأنسجة التالفة وعلاج أمراض الدم المستعصية.

يقول الباحث **جيتش نيوباني** من معهد "غوردون" بجامعة كامبريدج إن لحظة ظهور اللون الأحمر تحت المجهر كانت استثنائية، إذ دلّت على تكوين خلايا دموية حقيقية. ويضيف أن هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد مستقبلاً في **نمذجة أمراض الدم** مثل اللوكيميا، ودراسة تطور الجهاز المناعي في مراحله الجنينية الأولى.

وهذا التطور يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمحاولات العلماء صياغة تقنيات مخبرية جديدة قادرة على **استنساخ العمليات الطبيعية لتكوين الأنسجة** دون الحاجة إلى بويضات أو حيوانات منوية.


محاكاة مراحل التكوين الأولى للجنين

اعتمد الفريق على **الخلايا الجذعية البشرية** القابلة للتحول إلى أي نوع من خلايا الجسم، وتمكنوا عبرها من محاكاة الأسابيع الثالثة والرابعة من الحمل الطبيعي. ومع ذلك، راعى العلماء تصميم النموذج بحيث يفتقر إلى الأنسجة التي تشكل المشيمة أو كيس المحّ، لضمان عدم امتلاكه القدرة النظرية على التطور إلى جنين كامل أو تكوين أنسجة دماغية.

ويُعد هذا النظام "مختصراً وبسيطاً"، كما وصفه نيوباني، إذ يسمح للباحثين بمراقبة كيفية تشكل الطبقات الثلاث الأساسية للجنين — **الإكتودرم، الميزودرم، والاندودرم** — وهي اللبنات الأولى التي تحدد خريطة الجسم البشري. ومع مرور ثمانية أيام على التجربة، رصد الفريق خلايا قلب صغيرة بدأت بالنبض، تلتها بعد أسبوع تقريباً بقع حمراء تشير إلى **نشوء خلايا الدم الأولى**.

وهنا تتقاطع جهود الفريق مع مساعي المجتمع الطبي العالمي لإيجاد **علاجات مستقبلية لتجديد الأنسجة**، خاصة في حالات فشل نخاع العظم أو نقص المتبرعين بالخلايا الجذعية.


خطوة جديدة نحو الطب التجديدي

تبيّن نتائج الدراسة أن الخلايا الدموية المستخرجة من هذا النموذج قادرة على **التحول إلى أنماط متعددة من خلايا الدم**، بما في ذلك خلايا الدم الحمراء الحاملة للأكسجين، وخلايا الدم البيضاء المسؤولة عن المناعة. ويشير **البروفيسور عظيم سوراني**، المشرف على البحث، إلى أن هذه النتائج تمثل مرحلة مبكرة لكنها واعدة في مسار تطوير **علاجات شخصية تعتمد على خلايا المريض الذاتية**، ما يقلل خطر الرفض المناعي.

ومن اللافت أن هذا الإنجاز تم دون استخدام خليط خارجي من البروتينات كما في الطرق التقليدية، بل بالاعتماد على عملية **تنظيم ذاتي** للخلايا تحاكي التطور الطبيعي داخل الرحم.

وهذا يربط بين الاكتشاف الجديد وطموحات العلماء لتأسيس قاعدة علمية تُمكّن من **إنتاج الدم في المختبر** بشكل آمن ومتوافق مع أجسام المرضى.


نحو آفاق جديدة في فهم أصل الحياة

ذو صلة

يمثل هذا العمل نافذة فريدة لفهم المراحل الأولى من **تكون الإنسان**، كما يفتح الباب أمام استخدامات طبية وبحثية واسعة تشمل **اختبار الأدوية** وفهم أمراض المناعة وأسباب التشوهات الجنينية. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً قبل تحويل هذا الابتكار إلى علاج عملي، فإن العلماء يرون فيه نقطة تحول ستُغيّر مستقبل الطب الوراثي والتجديدي في السنوات المقبلة.

في المحصلة، يظهر أن العلم يقترب أكثر من إعادة صياغة مفاتيح الحياة نفسها، لا بهدف خلقها من العدم، بل لاستيعابها ومعالجتها بما يخدم صحة الإنسان ويحافظ على كرامته البيولوجية.

ذو صلة