ذكاء اصطناعي

حقيقة مثيرة: هل يرفع مكوّن شهير في مشروبات الطاقة خطر الإصابة بسرطان الدم؟

محمد كمال
محمد كمال

4 د

الدراسة تشير إلى أن التورين قد يعزز نمو خلايا السرطان في الفئران.

لا توجد أدلة قوية تربط التورين بزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم لدى البشر.

التورين يتواجد طبيعيًا في الجسم والأطعمة، وله وظائف حيوية متعددة.

النصائح الحالية توصي بالاعتدال في استهلاك مشروبات الطاقة لتجنب المخاطر الصحية الأخرى.

هل سبق وسمعت تحذيرات تقول إن مشروبات الطاقة قد تتسبب في مشاكل صحية خطيرة؟ مؤخرًا تصدر عنوان لافت المواقع الطبية والعلمية يشير إلى أن مادة التورين الموجودة في معظم مشروبات الطاقة قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم. انتشار مثل هذه العناوين قد يثير قلق الكثيرين، خصوصاً وأن مشروبات مثل ريد بول و مونستر إينرجي تحظى برواج واسع بين الشباب والرياضيين.

دعونا ندخل في تفاصيل هذا الجدل ونفهم ما هي الحقائق العلمية وراء هذه الأخبار، وما الذي توصلت إليه الأبحاث بالفعل حول التورين وارتباطه بإصابة الإنسان بسرطان الدم أو اللوكيميا.


دراسة تثير الزوبعة… ولكن!

في البداية، ترجع موجة الأخبار الأخيرة لدراسة نُشرت في مجلة "نيتشر" العلمية، وأجريت على الفئران وليس البشر. ركزت الأبحاث على تأثير مادة التورين – وهي حمض أميني طبيعى يدخل في تركيب الكثير من مشروبات الطاقة – على خلايا اللوكيميا في أجسام الفئران. المفاجأة كانت أن خلايا اللوكيميا وجدت طريقة للاستفادة من التورين لتعزيز نموها، مما جعل نوعًا عدوانيًا من سرطان الدم أكثر شراسة – وذلك فقط في نماذج حيوانية مخبرية تحت ظروف خاصة. هذا لا يعني أن التورين يسبب السرطان من تلقاء نفسه لدى الأشخاص الأصحاء أو حتى الفئران غير المصابة مسبقًا بالمرض، وهو ما أكده الفريق العلمي نفسه.

وبالانتقال لهذا السياق، يظهر أن النتائج لم تشر بشكل مباشر إلى أن تناول التورين يؤدي إلى ظهور سرطان الدم لدى البشر أو حتى الحيوانات، بل اقتصرت على رصد كيف تستغل بعض الخلايا السرطانية هذه المادة في حال وجود الإصابة فعلاً.


التورين في حياتنا اليومية: أين نجده وما أهميته؟

ومن الجدير بالذكر أن مادة التورين ليست مقتصرة على مشروبات الطاقة، بل ينتجها جسم الإنسان أساسًا، كما تتواجد بشكل طبيعي في اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، إلى جانب إضافتها لبعض المكملات الغذائية ومساحيق البروتين. يقوم التورين بعدد من الوظائف الحيوية، مثل دعم الجهاز العصبي والمناعي وتنظيم عمل الخلايا. اللافت أن تركيز التورين في مشروبات الطاقة يفوق بكثير ما هو موجود في الأطعمة الطبيعية – لكن حتى الآن لم تثبت الدراسات على البشر أن هذه الزيادة تشكل خطرًا مباشراً فيما يخص الإصابة بالسرطان.

وهنا يستدعي الأمر الإشارة إلى ما قاله خبراء وباحثون مستقلون: أجسامنا معتادة على التعامل مع هذه المادة، ولا يتطلب الأمر القلق بشأن نظامنا الغذائي ما لم يُثبت خلاف ذلك على نطاق واسع.


هل يجب القلق من تناول التورين أو مشروبات الطاقة؟

يعود بنا ذلك إلى لب القضية: ما الذي يجب على المستهلك فعله حيال هذه التحذيرات؟ بحسب الخبراء، لا يوجد حتى الآن أي دليل فعلي يربط بين تناول التورين – سواء من خلال الطعام أو مشروبات الطاقة – وزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم بين عموم الناس. معظم الدراسات تجرى على الحيوانات وفي ظروف معملية قاسية قد لا تشبه بيئة الإنسان. كما أشار بعض المتخصصين إلى أن الأبحاث الأخيرة قد تهم أكثر المرضى الذين أصيبوا بالفعل بسرطان الدم أو الناجين منه، وربما يستحسن لهم تجنب التورين بشكل احترازي. أما للأصحاء، فلا توجد توصية بتغييرات جذرية في النمط الغذائي أو نمط الاستهلاك اليومي.

وهذا يرتبط مباشرة بالتنوع الكبير في آثار التورين الصحية، حيث أظهرت أبحاث أخرى إمكانية استفادة القلب والدورة الدموية من تناوله، وربطته بعض الدراسات بطول العمر وحتى بدعم فعالية بعض علاجات السرطان.


ختاماً: الاعتدال والأخبار الدقيقة هما مفتاح الأمان

ذو صلة

يتضح إذًا أن الجدل حول التورين وسرطان الدم نتج أساسًا عن فهم غير دقيق أو تضخيم لبعض النتائج البحثية المحدودة. من المهم أن ننوه بأن مشروبات الطاقة عموماً قد تتسبب بمخاطر أخرى تتعلق بارتفاع نسبة السكر والكافيين، ما يزيد فرص الإصابة بمرض السكري أو اضطرابات القلب والأرق إذا تم الإفراط في استهلاكها. لهذا تظل الحكمة الذهبية هي: كل شيء باعتدال، ومتابعة الأخبار الصحية من مصادر موثوقة وعدم الانجرار وراء العناوين المثيرة دون تدقيق.

ولعل من الأفضل في عرض مثل هذه الموضوعات استخدام تعبيرات أكثر وضوحًا من كلمة “يزيد الخطر” كأن نقول “يرتبط بذلك في حالات معينة”، مع الحرص على ربط النتائج التجريبية بالسياق الواقعي بشكل أدق لتجنّب اللبس لدى القارئ. دائمًا ما يكون تعزيز الترابط بين الفقرات بجمل تمهيدية أكثر مباشرة أسلوبًا محبّبًا لتقوية الحجة وجذب الانتباه حتى النهاية.

ذو صلة