ذكاء اصطناعي

خريطة مذهلة تكشف كيف ستبدو الأرض بعد 250 مليون سنة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تُبين خريطة جديدة شكل الأرض بعد 250 مليون سنة، بتكوين قارة واحدة "بانجيا الجديدة".

ستختفي مساحات المحيط الأطلسي وتتقارب قارات مثل إفريقيا وأمريكا الشمالية وأوروبا.

ستمثل "بانجيا الجديدة" اتحادًا جديدًا بين القارات والترتيب الجغرافي المعروف اليوم.

سيظهر محيط محيطاً بالقارة الجديدة، محتفظًا ببعض من ملامح المحيط الهندي.

التغيرات الجيولوجية المستقبلية تبرز الديناميكية المستمرة لكوكب الأرض.

في الوقت الذي نتابع فيه تطورات كوكبنا في العقود الأخيرة، ونشاهد تغيرات المناخ وأساليب حياتنا المختلفة، هناك تحولات أعمق تحدث على مستوى أوسع وأبطأ بكثير—تحديداً في باطن الأرض. في هذا الإطار، تبدو فكرة تخيل شكل قارات العالم بعد ملايين السنين أمراً بعيد المنال، إلا أن العلم استطاع مؤخراً تقديم خريطة مذهلة لما قد تكون عليه الأرض بعد 250 مليون سنة.


حركة غير مرئية تصنع قارات المستقبل

منذ حوالي 200 مليون عام، كانت القارات كلها كتلة أرضية واحدة ضخمة تُسمى "بانجيا". ومن المعروف لدى العلماء أن سطح كوكبنا ليس ثابتاً بل مكون من طبقات صخرية عملاقة تُسمى "الصفائح التكتونية"، تتحرك باستمرار وببطء شديد، مما يؤدي إلى تغيرات كبيرة على مدار ملايين السنين. هذه الحركات هي التي تتسبب في حدوث الزلازل والبراكين كما في حالة صدع سان أندرياس في كاليفورنيا، وهي المسؤولة الآن عن تشكيل مستقبل جغرافي جديد لكوكبنا في العصور القادمة.

هذا ما يحاول مشروع حديث يقوده الأستاذ كريستوفر سكوتيز من جامعة نورثويسترن توضيحه لنا. فوفق هذه الدراسة، تتحرك الصفائح القارية مجدداً نحو الالتقاء لتشكّل بعد 250 مليون سنة قارة واحدة جديدة أطلق عليها العلماء اسم "بانجيا الجديدة".


شكل العالم تحت مظلة "بانجيا الجديدة"

في "بانجيا الجديدة"، تتوحد مختلف القارات الحالية معاً في تشكيل واحد، ولكن بترتيب مختلف عما هو عليه اليوم. فعلى سبيل المثال، ستقع إفريقيا بين أمريكا الشمالية وأوروبا، لتختفي المساحات التي نعرفها حالياً باسم المحيط الأطلسي بشكل تدريجي ونهائي.

وليس ذلك فقط، بل سيندمج القطب الجنوبي مع قارّة أمريكا الجنوبية وتقترب إندونيسيا بشكل ملحوظ من هذه القارة القطبية الضخمة. وسيصبح لليابان حدود مشتركة مع الصين، وستكون إسبانيا مرتبطة برياً مع المغرب والجزائر وتونس وحتى إيطاليا. لكن الملفت أن اسكتلندا ونيوزيلندا ستكونان الدولتين الوحيدتين اللتين ستظلان منعزلتين عن هذا التكوين القاري الجديد بالكامل.

مع ظهور هذه القارة العملاقة، سيحدث اندفاع للصفائح التكتونية إلى أعلى مُسبّبة ارتفاعات عملاقة تؤدي إلى ولادة سلسلة جبال ضخمة بالقرب من فلوريدا وجورجيا في الولايات المتحدة، وربما يفوق ارتفاع هذه الجبال الجديدة قمم الهيمالايا التي نعرفها اليوم.


محيط هائل يحيط بالقارة الجديدة

ورغم كل هذه التغيرات الجغرافية الجذرية، سيظل المحيط الهندي على الأغلب في مكانه، محتفظاً ببعض من هويته الحالية، في حين ستتشكل مساحة مائية هائلة تحيط بـ"بانجيا الجديدة" باعتبارها القارة الوحيدة الموجودة حينها.

تحديات التخيل العلمي لهذا الشكل المستقبلي

ذو صلة

بالطبع، تخيل ما ستبدو عليه الأرض بعد 250 مليون سنة يبدو مثيراً ومخيفاً في آن واحد. وتبقى هذه الخرائط افتراضية، في محاولة من الباحثين لفهم طبيعة الحركة التكتونية وعواقبها طويلة المدى. كما تُذكّر الدراسات المشابهة بمدى ديناميكية كوكبنا وأن ما نعتبره واقعاً ثابتاً الآن سيصبح بعد ملايين السنين مجرد ذكرى في مراحل التاريخ الجيولوجي المعقد.

الخلاصة أن كوكبنا في حالة دائمة من التطور والتغيير، والخريطة التي طورها العلماء تمنحنا فرصة فريدة لرؤية هذا المستقبل البعيد. وبين دهشتنا من هذه الصورة المتخيلة والواقع الجيولوجي الذي لا يهدأ، نحتاج إلى اختيار تعابير أكثر وضوحاً وأقل تعقيداً عند تناول ظواهر كهذه، لتقريب الفكرة إلى الجمهور وتوضيحها بعمق. فربما نستبدل كلمة مثل "تهيّؤات" بتعبيرات أوضح وأقرب مثل "تصورات علمية". عندها يمكن أن نحوّل المفاهيم الجغرافية المتخصصة إلى حكاية تفاعلية يتأمل فيها جمهور واسع من القراء بحماس وفضول.

ذو صلة