ذكاء اصطناعي

خطأ حسابي كبير في فيزياء القمر والمريخ قد يفسر فشل مركبات ناسا

محمد كمال
محمد كمال

3 د

بحث جديد يسلط الضوء على خطأ فيزيائي أثر على مهام ناسا على المريخ والقمر.

نقص محاكاة البيئة الحقيقية في التجارب الأرضية يسبب فشل المركبات الفضائية.

أثر الجاذبية المنخفضة على التربة يجب أخذه بعين الاعتبار في الاختبارات.

المحاكاة الرقمية الدقيقة تساعد على فهم سلوك المركبات على الكواكب.

تحسين منهجيات الاختبار يعزز فرص نجاح المهام الفضائية المستقبلية.

هل تساءلت يومًا لماذا تتعثر بعض مهام الهبوط على سطح القمر أو المريخ رغم عقود من التحضير والاختبار الأرضي؟ دراسة جديدة تقلب الطاولة على كثير من المسلمات وتكشف عن خطأ أساسي في فهمنا للفيزياء خارج الأرض، ربما كان السبب المباشر في نهاية مركبة “سبيريت” التابعة لوكالة ناسا، حين علقت عجلاتها في رمال المريخ الناعمة دون قدرة على الفكاك مهما حاولت فرق التحكم من بعيد.

من أرض الصحارى إلى تضاريس الكواكب: فجوة في الاختبارات
عادةً ما تستعين وكالات الفضاء مثل ناسا أو وكالة الفضاء الصينية ببيئات شبيهة على الأرض—كصحراء موهافي أو “ساحة المريخ” التجريبية بمختبر الدفع النفاث—لاختبار مركباتها الروبوتية والروفرات قبل إرسالها لمهام استكشاف الكواكب. يقود مهندسو الاختبار العربات فوق تربة رملية وصخور مطابقة بأكبر قدر ممكن لسطح القمر أو المريخ، نخوض الاختبار عدة مرات ونجمع قياسات دقيقة للانزلاق والتسلق وتحمل العوائق. يتم أيضًا تعديل كتلة العربة لتضاهي وزنها في جاذبية المريخ الأخف بكثير، اعتقادًا بأن هذا يضمن محاكاة قريبة لسيناريوهات الهبوط الحقيقية. وهذا يربط بشكل مباشر بين تصميم الاختبارات الأرضية وطموحات نجاح المركبات الفضائية في استكشاف المريخ أو القمر.

المعضلة الفيزيائية: الجاذبية لا تؤثر فقط على الروفر!
المفاجأة التي يحملها البحث الجديد كانت في تجاهل تأثير الجاذبية الضعيفة ليس فقط على وزن المركبة – بل أيضًا على تفاعل التربة ذاتها! فعندما نخفف وزن الروفر على الأرض ليحاكي وزنه على سطح المريخ، نكون قد أهملنا فرق قوى الشد والاحتكاك في التربة البرية مقارنة بالتربة المريخية أو القمرية. ويشرح ذلك الباحث دان نيجروت قائلاً بسلاسة: “ندرس تأثير الشد والجذب على المركبة وننسى أن نفس القوة تؤثر أيضًا على الرمال والجزيئات تحت عجلاتها. عندها تُظهر الرمال الأرضية قدرة تحمل أكبر بكثير، مما يمنحنا ثقة وهمية بأن المركبة لن تغوص أو تنزلق بسهولة”. إذن، هذه النقطة الدقيقة هي ما يربط سبب الفشل المتكرر في الهبوط أو الحركة على الكواكب بالمنهجية المستخدمة في الاختبار الأولي للمحاكاة الأرضية.

نحو تغيير في إجراءات الاختبار: دور المحاكاة الرقمية الدقيقة
مع التقدم البرمجي والتقني في “محاكاة الفيزياء” الرقمية، استخدمت فرق العمل في مشروع VIPER التابع لناسا مثيلات مفتوحة المصدر مثل برنامج Project Chrono من جامعة ويسكونسن لتحليل السلوك التفصيلي للعجلات فوق التربة تحت ظروف جاذبية منخفضة. سرعان ما كشفت المحاكاة عن فروق كبيرة بين اختبارات الروفر على أرض الواقع وعلى النماذج المحاكاة رقمياً؛ حيث أثبتت الأخيرة أن اختبارات تقليل وزن المركبة دون ضبط طبيعة التربة نفسها غير كافية وتؤدي إلى نتائج مفرطة في التفاؤل. من هنا جاء اقتراح بتركيز أكبر على تجارب العجلات المنفردة، والاعتماد على نماذج تيراميكانية دقيقة (علم حركة وديناميكا الآليات فوق التربة الرملية) لتخطيط المهمات المستقبلية. وهذا التحول في منهجية الاختبار يضع وكالة ناسا وباقي وكالات الفضاء أمام تحدٍ جديد: كيف نصمم اختبارًا أرضيًا يعكس فعليًا التعقيدات الفيزيائية لرمال الكواكب؟

ذو صلة

دروس مستفادة وانعكاسات محتملة لمهام المستقبل
هذه الدراسة لا تعطينا مجرد درس نظري في علم الفيزياء الفلكية، بل تعد تذكيرًا عمليًا للعقول وراء أكبر مشاريع الاستكشاف بأن تفاصيل بسيطة قادرة على تغيير مصير مهمة فضائية بأكملها. التركيز على تفاعل التربة مع الجاذبية المنخفضة يعِد بتحسين كبير في تخطيط مسارات المركبات وفهم مخاطر الغوص أو الانزلاق ونجاعة العبور. في هذا السياق، من المرجح أن أثّر هذا الفهم الجديد على تطوير مشاريع مثل روفر “برسيفيرنس” و”كوريوسيتي” وعمليات هبوط “تشاجي” الصينية وغيرها.

وفي نهاية المطاف، المناهج الفيزيائية المحدثة ليست رفاهية بل ضرورة تحقيق استدامة ونجاح طويل الأمد لمهام الاستكشاف على سطح القمر والمريخ وحتى الكويكبات. لا مانع من تحديث بعض التعبيرات العلمية بكلمات أكثر دقة أو إضافة عبارة انتقالية لتعزيز تدفق النص، وربما تضييق زاوية التحليل على درس واحد رئيسي في كل مرة يمنح القارئ شعورًا بالتركيز والوضوح. في كل الأحوال، تبقى المغامرة العلمية مستمرة... ومن يدري ما الأخطاء الصغيرة التي قد تجعل كل الفرق في عالم لا يزال غامض المعالم.

ذو صلة