ذكاء اصطناعي

ديب سيك يختار شرائح هواوي بدلًا من إنفيديا، فهل ينجح؟

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

أعلنت "ديب سيك" عن اعتماد رقائق هواوي لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي صغيرة.

تواجه الشركة تحديات تقنية مع نموذج R2 LLM، مما يؤجل إطلاق النموذج المتقدم.

تستخدم ديب سيك خليطًا من معالجات هواوي وإنفيديا للنماذج المختلفة.

تشهد السوق صراعًا حادًا بين الشركات العالمية على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ممّا يفتح الباب أمام الشركات الصينية لتجريب سيناريوهات تقنية جديدة.

في خطوة تعكس شدة المنافسة بسوق الذكاء الاصطناعي، أعلنت الشركة الصينية الواعدة "ديب سيك" أنها ستعتمد على رقائق هواوي في تطوير نماذجها الذكية الصغيرة، متخلية بذلك – ولو جزئيًا – عن تقنيات إنفيديا التي طالما هيمنت على هذا المجال. هذا التحول الصامت جاء بالتوازي مع صعود الصين كمركز للتقنيات المتقدمة وسط نمو عالمي هائل في الطلب على معالجات الذكاء الاصطناعي، في وقت تتسارع فيه الابتكارات من جميع الاتجاهات.

بعيدًا عن كون الخبر مجرد اختيار تقني، تكشف هذه الخطوة عن تحديات وتوازنات معقدة تواجهها الشركات الصينية النامية في السوق العالمية. بحسب التقارير الحديثة، شرعت ديب سيك في اختبار معالجات Ascend من هواوي - المعروفة بقوتها وتنافسيتها - لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الصغيرة. ولم يتوقف البحث عند منتجات هواوي، إذ امتد ليشمل رقائق بايدو و كامبريكون، وذلك في محاولات مستمرة لتقليل الاعتماد الكلي على إنفيديا الأميركية، التي تُعد القلب النابض لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة حول العالم.

هنا يظهر السؤال الملح: لماذا تتجه ديب سيك نحو هذا المسار الآن؟ الحقيقة أن الشركة – شأنها شأن عدة شركات صينية – تجد نفسها بحاجة لتوازن صارم بين الاعتماد على الابتكارات المحلية وبين الاستفادة من خبرات الشركات الأميركية التي رسخت سيطرتها في معمارية معالجات الذكاء الاصطناعي. ويبدو أن اختبار منصات جديدة مثل هواوي أصبح أكثر من مجرد خيار احتياطي، بل تحول إلى ضرورة استراتيجية، خاصة مع ضغوط تقنية وتجارية متصاعدة.

لكن القصة لا تنحصر فقط في اختيار الشريحة الأنسب. تشير مصادر مطلعة إلى أن ديب سيك ما زالت تواجه تحديات ضخمة في تطوير نموذجها اللغوي الجديد، المسمى R2 LLM، خاصة أن محاولات دمج رقاقات Ascend من هواوي في هذا النموذج المُعقد اصطدمت بعقبات تقنية لم تنجح جهود فرق الدعم الهندسية من تخطيها. ذلك الارتباك أجبر الشركة على تأجيل إطلاق النسخة المتقدمة من نموذجها، ودفَعها مؤقتًا للاعتماد مجددًا على عتاد إنفيديا لبناء نواة الذكاء الاصطناعي الأساسية.

وتماشياً مع ذلك، يجدر الذكر بأن ديب سيك تستخدم بطاقات هواوي ومعالجاتها في النماذج الأصغر فقط، مما يخلق خليطاً تقنياً بين العملاقين. هذا الدمج أتاح للشركة الاستفادة من كفاءة شبكات هواوي في المهام البسيطة، مع إبقاء المشاريع الكبيرة في حضن إنفيديا، ما يشير لحالة انتقالية يسودها الترقب في سوق الذكاء الاصطناعي الصيني. وبالتأكيد، هذا الربط بين خيارات المعالجات يفتح الباب أمام شركات صينية أخرى لتجريب سيناريوهات مماثلة خصوصاً في ظل تصاعد السياسات التجارية والضغوط الغربية المتزايدة.

ذو صلة

وإذا انتقلنا للجانب العالمي للحكاية، فقد بدت إنفيديا متحفزة أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على تفوقها، حتى أشار متحدث باسم الشركة أن المنافسة على أشدها اليوم، وسيختار السوق التقنيات الأفضل لتشغيل التطبيقات والنماذج الذكية، ناصحاً الشركات الأميركية بضرورة كسب ولاء المطورين عبر العالم – بما في ذلك العملاق الصيني.

الخلاصة أن قصة ديب سيك مع هواوي وإنفيديا ليست مجرد قرار فني عابر، بل شهادة على الحالة الديناميكية التي يعيشها قطاع الذكاء الاصطناعي حالياً، حيث تتسارع الابتكارات، وتتصارع القوى من أجل مكانة أفضل في سباق تطوير المعالجات والعتاد، فيما يتوحد الهدف الأهم: خلق نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة ومرونة لخدمة أوسع فئات المستخدمين حول العالم. وفي نهاية المطاف، الأيام القادمة ستشهد مزيداً من المفاجآت في خريطة شركات الذكاء الاصطناعي ومعالجاتها.

ذو صلة