ذكاء اصطناعي

ذكاء اصطناعي وغباء أخلاقي: الانحطاط والجرأة المستفزة تُصبح “ترندًا فاخرًا” على إنستغرام

فريق العمل
فريق العمل

4 د

تنتشر على إنستغرام مقاطع فيديو مصنوعة بالذكاء الاصطناعي تتضمن مشاهد جنسية وعنيفة وعنصرية تستهدف شخصيات حقيقية وخيالية.

تُنتج هذه الفيديوهات من خلال سلسلة أدوات تشمل ChatGPT وKrea وKling، ويجري الترويج لها ضمن مجتمع مغلق على Discord.

تساهم الخوارزميات في انتشار هذه المقاطع بفضل تفاعل المستخدمين الصادم، ما يؤدي إلى أرباح مباشرة عبر برامج المكافآت.

ورغم مخالفتها للأخلاق والقانون وحقوق الملكية، لا تقوم المنصات الكبرى بأي خطوات فعالة للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة.

في مشهد رقمي يتجاوز حدود الخيال والأسى، تتفشى على منصة إنستغرام موجة من مقاطع الفيديو المصنوعة بالذكاء الاصطناعي، يصفها المتابعون بـ"Brainrot" أو "تعفُّن الدماغ"، نظرًا لمدى انحطاط محتواها وجرأتها المستفزة وتجاوزها لكل الخطوط الحمراء الأخلاقية والقانونية.

من شخصيات كرتونية شهيرة مثل "دورا المستكشفة" في مشاهد جنسية منحطة، إلى محاكاة لأحداث اغتصاب بين لاعبي كرة سلة بارزين كستيف كاريل وليبرون جيمس، وصولاً إلى فيديوهات عنصرية سافرة تُظهِر شخصيات أمريكية سوداء في أوضاع مهينة، مثل جورج فلويد يفتتح مطعماً باسم "فنت-دونالدز"، أو مارتن لوثر كينغ داخل بركة من الوحل الأخضر.

هذا النوع من المحتوى لا يُروّج له في زوايا الإنترنت المظلمة، بل يُشاهَد ملايين المرات، ويُسوَّق علنًا، ويُولّد أرباحًا مباشرة من برنامج المكافآت على إنستغرام، دون أي تدخل حقيقي من المنصة لردعه أو إزالته.


من أين تبدأ القصة؟ مصنع محتوى في قلب "الخلل الخوارزمي"

في قلب هذه الظاهرة، توجد شبكة منظمة من صانعي المحتوى يستخدمون أدوات ذكاء اصطناعي متاحة تجاريًا، لإنتاج ما يُعرف بـ"السخام الاصطناعي" (AI Slop): محتوى يتم إنشاؤه بشكل ميكانيكي وسريع بهدف الاصطياد السريع لانتباه المستخدمين، ولو من خلال الصدمة أو الغثيان أو الاشمئزاز.

أحد أبرز أماكن تنظيم هذا المحتوى هو خادم "ديسكورد" يُدعى "Interlink AI"، يتطلب الانضمام إليه دفع اشتراك شهري قدره 30 دولارًا، ويحتوي على أدلة مفصلة لإنتاج هذا النوع من الفيديوهات. داخل هذا المجتمع المغلق، يتداول المستخدمون نصائح تقنية حول كيفية التلاعب بالأدوات المختلفة، ومشاركة إنجازاتهم المتمثلة في فيديوهات أصبحت "فيرال" بملايين المشاهدات، مستخدمين عبارات مثل: "50 Cent أُعجب بالفيديو... هذا إنجاز".

ومن بين أكثر الفيديوهات تداولاً: مشهد لستيف كاري داخل سجن يتعرض فيه للاغتصاب من شخصيات تبدو كنسخ اصطناعية من ليبرون جيمس وديدي. الفيديو يحاكي حوارًا صادمًا، يعقبه مشهد إيحائي صريح. رغم ذلك، حصد الفيديو أكثر من 6.2 مليون مشاهدة، و188 ألف إعجاب، وبرز اسم صاحب الحساب "DudeOnGPT" كمصدر الفيديو، وهو يربط جميع منشوراته بدعوة للانضمام إلى مجموعة Interlink.


خريطة إنتاج الفيديوهات: من ChatGPT إلى أدوات صينية متخصصة

عملية إنتاج الفيديو تمر بمراحل متعددة. أولًا، يتم استخدام ChatGPT لصياغة أوصاف دقيقة للغاية للصور، مثل:


"ليبرون جيمس يضحك داخل مركز تدريب الليكرز".

هذه الأوصاف تُستخدم كمدخلات في أداة تدعى Krea، وهي تعتمد على نموذج صور باسم Flux. النتيجة تُصدر صورة ثابتة، تُرسَل بعد ذلك إلى أداة فيديو صينية تُدعى Kling، تُحوِّلها إلى مشاهد متحركة.

هذا الأسلوب يسمح بإنشاء مقاطع فيديو واقعية تمامًا لشخصيات مشهورة حقيقية، لكن دون أن يُنتجها ChatGPT نفسه، ما يُمكِّن المستخدمين من الالتفاف على سياسات السلامة والتحقق من الانتهاكات.


مشاهد مروعة، ومنصات صامتة

لا يتوقف السخام عند المشاهد الإباحية أو العنصرية فحسب، بل يمتد إلى مقاطع عنيفة تتضمن قتل، أكل رؤوس، أو شخصيات ديزني في أوضاع جنسية مشينة. يُشار في خادم Interlink إلى أن فيديوهات "الأسلوب الحيواني" (مثل رأس كاري داخل فم دب قطبي) تلقى رواجًا كبيرًا، تمامًا كما حدث سابقًا مع "Elsagate" على يوتيوب، لكن هذه المرة دون ردة فعل تنظيمية واضحة.

وعلى الرغم من مخالفة هذه الفيديوهات لحقوق الملكية الفكرية والخصوصية، تظل منصات مثل إنستغرام وتيك توك ويوتيوب غير قادرة أو غير راغبة في كبح انتشارها، بل تمنحها خوارزمياتها فرصة الازدهار، خصوصًا أن تعليقات المتابعين المصدومين ("ما هذا بحق الجحيم؟!") تُعد إشارات إيجابية تدفع بالخوارزمية إلى الترويج أكثر لهذا النوع من المحتوى.


الذكاء الاصطناعي بلا رقيب... من المسؤول؟

تكمن خطورة الظاهرة في أن الأدوات المستخدمة لإنتاج هذا السخام ليست محصورة في السوق السوداء، بل متاحة للجميع، وتُسوَّق كوسائل لتحرير الإبداع الشخصي. يقول فيكتور بيريز، الرئيس التنفيذي لشركة Krea:

ذو صلة

"نحن نتيح للناس التعبير عن أفكارهم دون عوائق... الذكاء الاصطناعي يتكفل بكيفية التنفيذ، والإنسان يحدد المضمون". لكن المضمون بات "دورا تتزلج على لوح من الفضلات"، أو "اغتصاب متخيل لنجم رياضي داخل سجن".

في غياب المساءلة، ومع تساهل المنصات الكبرى، يبدو أن الذكاء الاصطناعي، في أكثر استخداماته ربحية حاليًا، قد وجد في العنف الجنسي والتمييز العنصري وإهانة الرموز، وقودًا لاقتصاد رقمي جديد يقوم على الصدمة والاشمئزاز، لا على الإبداع أو التعبير.

ذو صلة