ذكاء اصطناعي

سمكة بأرجل! كائن غريب يقف بثلاث قوائم في أعماق البحر!

محمد كمال
محمد كمال

2 د

تعيش السمكة الثلاثية الأرجل في أعماق تصل إلى ستة آلاف متر.

السمكة تعتمد على زعانف طويلة كالسيقان للوقوف بثبات فوق الطين القاعي.

تمتلك السمكة حواس متطورة بدون أعين لتلتقط الاهتزازات في الطين المحيط.

تعتمد السمكة على التكيف الطبيعي لتعويض قلة الضوء والحواس التقليدية.

عندما نتحدث عن أعماق البحار، غالباً ما نتخيل عالماً غامضاً تسكنه كائنات غريبة لم نر مثلها من قبل. إحدى هذه الكائنات هي السمكة المعروفة باسم **السمكة الثلاثية الأرجل** *Bathypterois grallator*، التي حيرت العلماء بقدرتها الفريدة على "الوقوف" فوق قاع المحيط وكأنها تستند إلى قوائم طويلة شبيهة بالأعمدة.

من هنا تبدأ القصة التي تكشف لنا جانباً مذهلاً من أسرار المحيطات.


موطن غير عادي في أعماق سحيقة


تعيش السمكة الثلاثية الأرجل في أعماق قد تصل إلى ستة آلاف متر تحت سطح المحيط، حيث يغيب الضوء وتقل الحياة إلى حد كبير. وقد جرى رصدها في المحيط الأطلسي والهادئ والهندي، بل وسُجلت مشاهدات لها بالقرب من سواحل أستراليا الغربية وجزيرة "فليندرز" قبالة تسمانيا. وهذا يوضح التنوع المدهش للحياة في البيئات القصية التي تكاد تكون معزولة عن العالم الخارجي.

وهنا يبرز سؤال جوهري: كيف طورت هذه الكائنات استراتيجيات للبقاء وسط هذا الظلام والضغط الهائل؟


سيقان من زعانف عظْمية


تكمن خصوصية هذه السمكة في زعانفها الطويلة التي قد تمتد إلى متر كامل، فتبدو كما لو أنها ثلاث قوائم رفيعة، تسمح لها بالارتكاز بثبات فوق الطين القاعي. ويُعتقد أن هناك سوائل تُضَخ داخل تلك الزعانف عندما تتخذ السمكة وضعية الوقوف، مما يمنحها الصلابة اللازمة. وعندما تسبح، تتحول هذه السيقان إلى خطوط مرنة تنساب مع حركتها في الماء.

بالطبع، هذا التكيف لم يأت عبثاً، بل يخدم غرضاً حيوياً يتعلق بالبقاء والافتراس.


الصيد من موقع استراتيجي


بفضل هذا "الوقف" الفريد، يمكن للسمكة الثلاثية الأرجل البقاء ساكنة على ارتفاع يقارب المتر عن القاع، حيث تزداد قوة التيارات البحرية محملة بالكائنات الصغيرة مثل الروبيان والأسماك الصغيرة والقشريات. في المقابل، فإن التيار عند مستوى القاع شبه منعدم. وهكذا تصبح السمكة في مرمى غذاء متدفق دون الحاجة إلى مجهود.

وهذا الهدوء الظاهر يخفي وراءه آلية دقيقة للإحساس بالحركة حولها.


حواس متطورة بلا اعين


على الرغم من أن بيئتها المعتمة جعلت عينيها شبه عديمتي الفائدة، تعتمد السمكة على زعانفها الطويلة لالتقاط الاهتزازات في الطين المحيط، وكأنها جهاز رادار طبيعي. كما تمتلك زعانف صدرية صغيرة خلف رأسها تشبه الهوائيات، تساعدها على توجيه الفرائس نحو فمها المفتوح. بهذا، تجمع السمكة بين السكون والتأهب المستمر في آن واحد.

وهذا يوضح كيف يستطيع الابتكار الطبيعي أن يعوض غياب الحواس التقليدية.


خاتمة


السمكة الثلاثية الأرجل تذكّرنا بأن المحيطات تخبئ وراء ظلامها أسراراً وأشكال حياة لا تقل غرابة عن أذكى الابتكارات البشرية. في قدرتها على الوقوف، والإحساس، والتأقلم مع بيئة قاسية، نجد درساً بليغاً عن مرونة الطبيعة وابتكارها. ربما تجعلنا هذه الحقائق نتأمل أن عالمنا ما زال مليئاً بالمفاجآت التي تنتظر من يمد بصره ـ أو غواصاته ـ إلى الأعماق.

ذو صلة

ذو صلة