ذكاء اصطناعي

صدمة بين مستخدمي ChatGPT بعدما ظهرت محادثاتهم الشخصية في نتائج بحث جوجل

محمد كمال
محمد كمال

4 د

تفاجأ مستخدمو ChatGPT بظهور محادثاتهم الخاصة في نتائج بحث جوجل.

كشفت التحقيقات أن الخطأ ناتج عن خيار "اجعل هذه المحادثة قابلة للاكتشاف".

OpenAI تتخذ إجراءات سريعة لحذف المحادثات ومنع تكرار المشكلة.

شددت جوجل على مسؤولية OpenAI في ضبط إعدادات فهرسة البحث.

تثير الحادثة مخاوف حول الخصوصية وحقوق المستخدم في منتجات الذكاء الاصطناعي.

تعيش شركة OpenAI هذه الأيام على وقع ضجة كبيرة بعد اكتشاف عدد كبير من مستخدمي منصة ChatGPT أن محادثاتهم الخاصة ظهرت بشكل مفاجئ ضمن نتائج بحث جوجل، الأمر الذي أثار موجة قلق واسعة حول الخصوصية وحماية المعلومات الشخصية، وفرض على الشركة التحرك سريعًا لإزالة تلك المحادثات من الظهور للعامة.

في التفاصيل التي كشفتها منصة Fast Company، فوجئ المستخدمون بوجود آلاف المحادثات التي تمت عبر ChatGPT متاحة للجميع وقابلة للوصول من خلال البحث على الإنترنت، حيث ضمت تلك المحادثات خصوصيات دقيقة تتعلق بعلاقات شخصية وتفاصيل عائلية وحتى اعترافات حول الصحة النفسية واستخدام المخدرات وتجارب حساسة أخرى. ورغم أن تلك المحادثات لم تتضمن أي معلومات مباشرة عن هوية المستخدمين، إلا أن عمق التفاصيل أحيانًا قد يسمح لأشخاص معينين بالتعرف على الطرف المشارِك، وهو ما زاد من المخاوف بين مجتمع المهتمين بالذكاء الاصطناعي.

هذا الخرق لم يكن نتيجة خطأ تقني صرف، بل ارتبط بطريقة مشاركة المحادثات عبر أداة "مشاركة الشات" الخاصة بـ ChatGPT. وعند رغبة المستخدم في نسخ رابط المحادثة أو إعادة مشاركته مثلًا عبر واتساب، تظهر له خانة تُسمى "اجعل هذه المحادثة قابلة للاكتشاف". لكن، تحت هذا الخيار كان هناك مطبوع بخط صغير وبلون باهت تحذير بأن هذا الإجراء قد يتسبب في ظهور ما تم مشاركته ضمن محركات البحث مثل جوجل. كثيرون لم ينتبهوا لتلك الصياغة، معتمدين على واجهة الاستخدام المعتادة، فاختاروا الخيار دون إدراك أن محادثاتهم الحساسة ستكون، حرفيًا، متاحة لأي شخص حول العالم بمجرد بحث بسيط.


تقاطع الضغوط ورد الفعل السريع من OpenAI — خطوات طارئة

وجّهت الانتقادات الحادة لشركة OpenAI بسرعة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. في البداية دافعت الشركة عن وضوح التحذير، مشيرة إلى أن المستخدم هو من يختار تفعيل الظهور للعامة. لكن، مع تصاعد الغضب والانتشار السريع للخبر، أعلن Dane Stuckey، المسؤول عن الأمن المعلوماتي في الشركة، أن تجربة تفعيل خيار "قابلية الاكتشاف" لن تستمر، معتبرًا أن المخاطر الناتجة عنها تفوق بكثير الفوائد، خاصة أنه من السهل على المستخدمين بالخطأ مشاركة أمور لم يقصدوا نشرها. وتم التأكيد على بدء عملية حذف جميع المحادثات التي أُدرجت في محركات البحث واتخاذ التدابير التقنية لمنع تكرار ذلك مستقبلًا، من خلال أدوات منع الفهرسة مثل التي توفرها جوجل وغيرها.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن جوجل نفسها لا تقرر تلقائيًا ما يتم إدراجه في نتائجها، بل تعتمد على إعدادات المواقع وروابط الصفحات التي يقرر الناشرون علانيتها. وهو ما أوضحته جوجل عندما ألقت بمسؤولية الفهرسة بالكامل على OpenAI. هذا التوضيح يعكس أهمية وعي المستخدمين بكيفية عمل محركات البحث وعلاقاتها بسياسة خصوصية المنصات الرقمية.


انعكاسات واسعة — بين الذكاء الاصطناعي وحقوق المستخدم

هذه الحادثة تطرح إشكالية أعمق تتعلق بتجريب المنتجات التقنية الجديدة على ملايين المستخدمين دون تحصين كافٍ للبيانات، كما أشارت الدكتورة كاريسا فيليز، الباحثة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة أوكسفورد. فقد اعتبرت أن ما جرى "مقلق"، مشبهة ما تفعله بعض شركات التقنية بتجارب في العالم الواقعي معتمدين على ردود أفعال المستخدمين لاحقًا لمعرفة إن كان هناك خطأ. تذكّر هذه التجربة أيضًا بالخلاف الجاري حاليًا بين OpenAI والمحاكم، التي أمرت الشركة بحفظ جميع سجلات الدردشة المؤقتة والمحذوفة لأجل غير مسمى ضمن سياق نزاع قانوني، ما زاد من توتر وقلق قاعدة المستخدمين العريضة حول مصير بياناتهم عند استخدام هذه الخدمات المتطورة.

ومن الجدير بالذكر أن هذه التطورات المتسارعة تأتي في سياق بحث طويل عن التوازن بين الابتكار التقني غير المسبوق وتوفير حوارات تفاعلية وواقعية مع الذكاء الاصطناعي من جهة، وبين ضمان الخصوصية وحماية المعلومات الشخصية من جهة أخرى. ما بين الحلم الذكي بآلات تفهمنا وتتعلم منا، والرعب من تسرب خصوصياتنا للعالم، يبدو أن رحلة الذكاء الاصطناعي الجماهيري لا تزال في بدايتها.

ذو صلة

نظرة مستقبلية: كيف يمكن تحسين تجربة المستخدم؟

يبدو أن الحاجة إلى عبارات إيضاح أوضح، واستخدام أساليب تنبيه أكثر قوة، لم تكن رفاهية زائدة. ربما يكون استبدال تحذيرات باهتة بخيارات أكثر شفافية، أو تضييق إعدادات المشاركة الافتراضية على الأقل، وسيلة عملية تعزز من ثقة المستخدمين مجددًا. ربط منصات الدردشة بوتيرة أسرع بسياسات وضمانات خصوصية صلبة يمكن أن يُحقق فارقًا كبيرًا، خاصة مع تعقّد المشهد الرقمي وتكاثر محركات البحث. هكذا، تصبح تفاعلاتنا أكثر أمانًا، ونطمئن أن أسرارنا ومشاعرنا ستبقى خاصة كما ينبغي لها أن تكون.

ذو صلة