ذكاء اصطناعي

ضوء الشمس لن يختفي بعد الآن؟ مشروع مثير للجدل يهدد توازن الأرض!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

شركة Reflect Orbital تسعى لإضاءة الألواح الشمسية ليلًا بواسطة مرايا فضائية.

تطلق الشركة سلسلة أقمار صناعية مزوّدة بمرايا لعكس ضوء الشمس ليلاً.

يحذر علماء الفلك والبيئة من التلوث الضوئي وتأثيرات ضارة على الحياة البرية.

يُثير المشروع تساؤلات حول تأثيره على رصد النجوم والنظم البيئية.

تخيّل أن تُضاء الألواح الشمسية ليلًا كما في وضح النهار، بفضل مرايا تدور في الفضاء وتعكس ضوء الشمس نحو الأرض. هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي، بل خطة فعلية لشركة أمريكية ناشئة تُدعى *Reflect Orbital*، ترى في الفكرة ثورة في عالم الطاقة، بينما يحذر علماء الفلك والبيئة من ثمن باهظ قد يدفعه كوكبنا مقابل هذه التجربة.

ينطلق مشروع الشركة من محاولة معالجة نقطة الضعف الأبرز في الطاقة الشمسية: توقفها عند غياب الشمس. ومن هنا تقترح Reflect Orbital نشر سلسلة من الأقمار الصناعية المزوّدة بمرايا ضخمة في مدار منخفض حول الأرض، لتقوم بعكس ضوء الشمس إلى المحطات الشمسية ليلاً. النموذج الأولي الذي يحمل اسم **Earendil‑1** من المقرر إطلاقه عام 2026، على أن يتوسع الأسطول تدريجيًا ليصل إلى أربعة آلاف قمر بحلول عام 2030.

وهنا يبرز التحول المفاهيمي الذي يجمع بين علوم الفضاء واستدامة الطاقة، فالشركة تريد ببساطة «تسليم ضوء الشمس عند الطلب»، وهو ما قد يعني إطالة عمر توليد الكهرباء النظيفة بعد غروب الشمس.


ضوء من الفضاء: كيف تعمل التقنية؟

تعتمد الفكرة على أقمار مزوّدة بمرايا يصل قطر كل منها إلى نحو 54 مترًا، تدور على ارتفاع يقارب 625 كيلومترًا، أي على مستوى مشابه لمحطة الفضاء الدولية. هذه المرايا ستعكس ضوء الشمس نحو الأرض، لكن شدة الإضاءة المتوقعة ستبقى أضعف بآلاف المرات من ضوء منتصف النهار، وإن كانت أقوى بكثير من ضوء القمر الكامل. تهدف الشركة لتوفير إضاءة تعادل نحو 20% من ضوء الظهيرة لتغذية محطات الطاقة الشمسية ليلاً.

غير أن الحركة السريعة للأقمار، التي تتجاوز سبعة كيلومترات في الثانية، تجعل الحفاظ على إضاءة مستمرة فوق منطقة واحدة تحديًا كبيرًا، وهو ما يدفع الشركة إلى التخطيط لإطلاق مئات الآلاف من الأقمار لتأمين تغطية متواصلة.

وهذا يربط بين الطموح الهندسي المثير وأسئلة علمية مقلقة تتعلق بما سيحدث في السماء فوقنا.

أولى هذه المخاوف تأتي من **علماء الفلك** الذين يخشون من أن تحجب المرايا الصناعية رؤية النجوم، أو تترك خطوطًا ساطعة في صور التلسكوبات الحساسة. فحتى القمر الاصطناعي التجريبي الواحد يمكن أن يصدر وهجًا يضاهي ضوء القمر الطبيعي، بينما قد يحول وجود مئات الآلاف من المرايا المدارية السماء إلى لوحة من الانعكاسات التي ستشوّش الرصد الفلكي وتقوّض الدراسات الكونية الدقيقة.

تنتقل المخاوف بعد ذلك إلى **العلماء البيئيين**، فزيادة الإضاءة الليلية تؤثر سلبًا في الحياة البرّية، وخاصة الطيور والحشرات والحيوانات الليلية التي تعتمد على الظلام في التنقل والتكاثر. هذه التغييرات قد تُربك النظم البيئية الحساسة وتخلّ بالتوازن الطبيعي الذي تطوّر على مدار ملايين السنين.

وبينما تؤكد الشركة أن الضوء سيكون موجّهًا فقط إلى مناطق محددة، يشير المنتقدون إلى أن انعكاساته قد تنتشر على نطاق أوسع، مسبّبة تلوثًا ضوئيًا يفوق قدراتنا على التحكم به.

ذو صلة

ولعل الجانب الإنساني لا يقل أهمية؛ فالتعرّض للضوء الصناعي ليلًا معروف بآثاره السلبية على **دورة النوم** وصحة الإنسان النفسية والجسدية، مما يجعل فكرة “شمس الليل” تبدو أقل رومانسية حين تُقاس بعواقبها طويلة الأمد.

ختامًا، يقرّ المتابعون بأن مشروع Reflect Orbital يجسد طموحًا جريئًا لتخطي حدود الطاقة المتجددة باستخدام الفضاء كمصدر مستمر للضوء. لكن بين الحماسة العلمية والهواجس البيئية تقف معادلة دقيقة: كيف نبتكر دون أن نُطفئ نجوم السماء؟ يبدو أن الجواب لن يكون سهلاً، وأن الطريق نحو «شمسٍ لا تغيب» لا يزال طويلًا ومليئًا بالجدل.

ذو صلة