طفل يحطم الأرقام القياسية: مولود من جنين مجمّد منذ أكثر من 30 عاماً

4 د
ولد الطفل ثاديوس دانيال بيرس من جنين مجمد منذ أكثر من 30 عامًا.
الأجنة خُزنت منذ التسعينيات بواسطة ليندا آرتشرد في سياق تقنية الإخصاب الخارجي.
عملية إذابة الأجنة تطلبت إجراءات دقيقة ونجح جنين واحد في التطور إلى حمل مكتمل.
تؤكد هذه القصة على التعقيدات الأخلاقية والعلمية المرتبطة بحفظ الأجنة الزائدة.
الحدث يُظهر قوة الأمل والتقنيات الطبية الحديثة في بناء روابط غير متوقعة عبر الزمن.
من كان يصدق أن جنينًا خُزّن في أحد المختبرات قبل ثلاثة عقود سيكتب له أن يرى النور اليوم؟ بين مشاعر الدهشة ووهج الأمل، أبصر الطفل ثاديوس دانيال بيرس النور هذا الأسبوع في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، ليصبح "أقدم طفل" يولد من جنين بقي في التجميد 30 عاماً ونصف. وراء هذا الحدث الفريد قصة حافلة بالأمل والتقنيات الطبية الحديثة ومشاعر العائلة الممتدة عبر الزمن.
يبدو الأمر أقرب إلى سيناريو أفلام الخيال العلمي، كما تقول والدة الطفل ليندسي بيرس وهي تمسك بيدي وليدها الذي وصل إلى هذا العالم في 26 يوليو. وتضيف: "عشنا تجربة ولادة صعبة، لكننا الآن بخير، نحن منبهران حقاً بهذا الطفل الثمين والهادئ". الزوجان ليندسي وتيم بيرس قررا منذ سنوات طويلة اللجوء لخيار ما يُعرف بـ"تبني الأجنة" بعد أن استعصى عليهما الإنجاب، وهو خيار يبدو غير مألوف للكثيرين في مجتمعاتنا.
قصة هذا الجنين تبدأ من منتصف التسعينيات مع سيدة تُدعى ليندا آرتشرد، التي حاولت بلا جدوى الإنجاب على مدار ستة أعوام. آنذاك، لم تكن تقنية الإخصاب الخارجي (IVF) منتشرة أو مفهومة كما هي اليوم، لكنها قررت خوضها، واستطاعت عام 1994 تكوين أربعة أجنة. زرع الأطباء أحدها في رحمها وأنجبت فتاة سليمة، بينما وُضعت الأجنة الثلاثة الأخرى في التجميد، لتظل محفوظة طيلة 31 عاماً.
ولأننا لا نستطيع الحديث عن هذه القصة دون الوقوف عند القرارات الصعبة، فقد حافظت ليندا على الأجنة بدافع الأمل، وواصلت تسديد رسوم التخزين السنوية المتزايدة رغم انفصالها عن زوجها لاحقًا. مع تقدمها في السن وبلوغها سن اليأس، وسط حيرة بشأن مصير الأجنة، لم ترُق لها فكرة التخلص منها أو حتى التبرع بها للأبحاث؛ أرادت معرفة العائلة التي سترزق بها وإمكانية لقاء الأطفال أنفسهم، معتبرة أن في الأمر رابطاً جينياً وعائلياً لا يمكن تجاهله.
هذا ما قاد السيدة آرتشرد إلى خيار "تبني الأجنة" عبر وكالة مسيحية تُدعى "نايتلايت سنوفليكس"، أحد البرامج القليلة التي قبلت استقبال أجنتها، رغم عمرها الطويل وطريقة تخزينها القديمة التي أضفت على التجربة كثيراً من التحديات العلمية. فالعديد من العيادات المتخصصة تفضل التعامل مع أجنة خُزّنت بطرق حديثة، وأغلبها لا يقبل الأجنة المجمّدة باستعمال أساليب تسعينيات القرن الماضي مثل التجميد البطيء. هنا، يبرز الفارق بين التجميد البطيء القديم والتقنية الأحدث المعروفة بالتزجيج (vitrification)، وهي مصطلحات تشير إلى التطور الهائل بمجال الحفظ البيولوجي.
ومن المهم توضيح كيف يستمر الحدث بالتصاعد عندما نعرف أن عملية تذويب هذه الأجنة تمثل مغامرة معقدة تتطلب خبرة ومهارة، خصوصًا أن المواد البلاستيكية والزجاجية التي حُفظت بها الأجنة قديماً تحتاج إلى إجراءات دقيقة وأدوات خاصة للحفاظ على سلامتها. وقد تصادف أن كل الأجنة الثلاثة نجت من عملية الإذابة، ونُقلت اثنان منها إلى رحم ليندسي التي انتظرت تلك اللحظة بفارغ الصبر، لكن واحداً فقط تطور إلى حمل مكتمل وأصبح أخيراً طفلاً حقيقياً يحمل في جيناته قصة زمنين.
وهنا تكتمل الصورة العائلية لهذا المولود الجديد إذ أن له أختاً تكبره بثلاثين عاماً، وابنة أخت في العاشرة من عمرها! تقول آرتشرد عن هذه اللحظة المؤثرة: "عندما نظرت لصورة الطفل التي أرسلتها لي ليندسي، رأيت الشبه الكبير بينه وبين ابنتي عندما كانت رضيعة، وشعرت بروابط الدم والتاريخ تعود للحياة من جديد".
هذه القصة الاستثنائية تسلط الضوء على قضايا أخلاقية وعلمية معقدة، منها مصير الأجنة الزائدة في بنوك التخزين عبر العالم، وكيف يتقاطع التقدم الطبي مع القيم العائلية والدينية، خاصة عندما تشرف وكالات ذات توجهات إيمانية على هذه العمليات وتضع شروطاً تتعلّق بهوية ومعتقدات الأسر المتلقية. كما تبرز أهمية التقنيات الحديثة في علوم الإنجاب، وتجعلنا نفكر في استخدام مصطلحات أكثر دقة مثل "نقل الجنين" أو "التبني الجيني" بدلاً من الاكتفاء بتعبير "تبني الأجنة"، حتى نعكس بصورة أوضح الدلالات العلمية والاجتماعية لهذا الخيار.
في النهاية، تبقى تلك اللحظة المليئة بالفرح حين تحمل عائلة بيرس طفلها بين ذراعيها أكبر برهان على أن الأمل يتجاوز حدود الزمن والتقنية، ليصنع قصة إنسانية تثير الدهشة والتأمل معًا. وربما سيكون من الأنسب، في سرد مثل هذه الحكايات، أن نضيف جمل ربط تعمّق ترابط الأحداث عبر العناوين الرئيسية، ونركز على المصطلحات الجوهرية لمساعدة القارئ في تتبع مفاصل القصة بسلاسة ووضوح.