علماء الآثار يكتشفون معبدًا عمره 2700 عام… مدخلٌ لعالم الآلهة المنسية!

3 د
أعلن علماء الآثار عن اكتشاف معبد فريجي عمره 2700 عام في دنيزلي بتركيا.
المعبد مخصص لعبادة الإلهة الأم، رمز الخصوبة والطبيعة لدى الفريجيين القدماء.
تضمن الموقع نُصُب صخري، كهف مقدّس، وتمثالين محفورين في واجهة الجبل.
تم العثور على أوعية طقسية وقنوات تصريف تُستخدم خلال طقوس التكريم في الموقع.
الموقع يعزز فهم العلاقة بين معتقدات الفريجيين والطبيعة المحيطة بهم.
في منطقة دنيزلي التركية، أعلن علماء الآثار عن اكتشاف مذهل لمعبد يعود تاريخه إلى نحو **2700 عام**، يُعتقد أنه كان مكرساً لعبادة **الإلهة الأم**، رمز الخصوبة والطبيعة لدى الفريجيين القدماء. هذا الكشف يسلّط الضوء على طقوس دينية غامضة كانت تربط بين الإنسان والجبال التي عبدها الأجداد الأوائل.
تعود تفاصيل الاكتشاف إلى أعمال تنقيب تقودها جامعة باموكالي، حيث عثر فريق الباحثين على **نُصُب صخري فريجي** وكهف مقدّس إضافة إلى **تمثالين محفورين في الصخر**. وتشير هذه المعالم إلى أن الموقع لم يكن مجرد مكان للعبادة، بل مركزاً روحياً يتواصل فيه الناس مع القوى الطبيعية المحيطة بهم.
وهنا ينتقل الحديث إلى طبيعة المعتقدات التي ارتبطت بهذا المعبد وعلاقته بديانة الإلهة الأم.
عبادة الإلهة الأم والطبيعة المقدسة
الإلهة الأم، المعروفة بأسماء مثل "ماتر" و"ماتيران" و"سيبيل"، كانت من أبرز رموز **الخصوبة والأمومة والأرض** في العصور القديمة. انتشرت عبادتها في آسيا الصغرى، ثم انتقلت إلى **اليونان وروما** حيث اكتسبت مكانة رفيعة. ويبدو أن الفريجيين، الذين ازدهرت حضارتهم بين عامي 1200 و650 قبل الميلاد، خصصوا لهذا الكيان الإلهي معابد وأضرحة محفورة في الصخور، مثل المعبد المكتشف حديثاً بالقرب من مدينة **هيرابوليس** الأثرية المعروفة اليوم باسم باموكالي.
وهذا يربط بين المعتقدات الفريجية القديمة وبين حضورها القوي في الحضارات المجاورة التي اقتبست رموزها الدينية.
طقوس رومانسية محفورة في الصخر
تضمن الموقع أيضاً أوعية قرابين حجرية وقنوات تصريف كانت تُستخدم على الأرجح في تقديم **السوائل الطقسية**، كالنبيذ أو الزيت، خلال طقوس التكريم. هذه الممارسات كانت ترمز إلى التواصل مع الآلهة وتقديم نذور لطلب البركة أو الحماية. الباحثة لين رولر من جامعة كاليفورنيا، المتخصصة في فنون البحر المتوسط القديمة، أشارت إلى أن تفاصيل الموقع تتوافق مع طبيعة **المعابد الفريجية** الأخرى رغم الحاجة لإجراء مزيد من التحليل لتحديد عمر القطع بدقة.
ويثير هذا البعد الطقسي تساؤلات جديدة حول طبيعة الكهنة والطقوس الموسمية التي كانت تُقام في هذه الكهوف المقدسة.
تماثيل مزدوجة غامضة
من أبرز ما جذب أنظار العلماء **التمثالان الصخريان المزدوجان** المحفوران مباشرة في واجهة الجبل. رغم تآكل ملامحهما بمرور الزمن، إلا أنهما يشبهان إلى حد كبير تماثيل مماثلة اكتُشفت في موقع **مدينة ميداس** الفريجية الشهيرة. ويُعتقد أن هذا النمط من التماثيل كان رمزاً للحماية أو ثنائية الخصوبة والموت في المعتقدات القديمة.
ومن هنا يمكن الإشارة إلى ارتباط المعبد بالمشهد الجغرافي المحيط وتأثير الطبيعة على روحانيات الشعب الفريجي.
معبد بين الجبال والسماء
يقع المعبد في منطقة جبلية وعرة بالقرب من دنيزلي، ما يعزز فكرة أن الفريجيين فضلوا تشييد معابدهم في أحضان الطبيعة. الجبال بالنسبة لهم لم تكن مجرد تضاريس، بل موطن للآلهة ومكان يربط الأرض بالسماء. وتشير الدراسات إلى أن هذا الموقع هو الثالث من نوعه في المنطقة، وكلها تؤكد العلاقة العميقة بين **الدين والطبيعة** في فكر الفريجيين.
وهذا يفتح آفاقاً جديدة لفهم كيف تطورت المعتقدات القديمة في الأناضول قبل آلاف السنين.
في الختام، يمثل اكتشاف هذا المعبد خطوة مهمة نحو فهم أعمق لعلاقة الإنسان القديم بالبيئة والإيمان. فكل نقش وكل تجويف صخري يحكي قصة حضارة جعلت من الطبيعة معبداً، ومن الأرض أماً مقدسة تُنثر على أعتابها القرابين.