علماء Thinking Machines Lab يرفضون رواتب تجاوزت المليار دولار من مارك زوكيربيرج للحصول على خدماتهم!

3 د
رفض باحثو الذكاء الاصطناعي عروضًا مالية ضخمة من شركة ميتا.
يعزو البعض هذا الرفض لأسباب تتعلق بالقيادة وأجواء العمل لدى ميتا.
تسعى ميتا لتؤكد موقعها بتجديد استراتيجياتها في مضمار الذكاء الاصطناعي.
يواصل زوكربيرغ الجهود لجذب المواهب رغم التحديات القائمة.
يحسم الباحثون باتجاههم مسارات التحول التكنولوجي بعيدًا عن الإغراءات المادية.
وسط سباق عالمي محتدم على الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي، فاجأت مجموعة من الباحثين الجميع عندما رفضوا عروضاً خيالية من شركة ميتا وصلت قيمتها إلى مليار دولار للفرد. فهل المال وحده كافٍ لجذب أفضل العقول؟ دعونا نستكشف كواليس معركة التوظيف الأكثر سخونة في وادي السيليكون.
مؤخراً، كشفت تقارير عن أن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، لجأ إلى استراتيجية غير مسبوقة في محاولة لتقوية مختبراته الجديدة المسماة "Superintelligence Labs". إذ لم يتردد في تقديم عروض عمل لبعض أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي في شركة Thinking Machines Lab الناشئة، من بينهم العالمة البارزة ميرا مراتي. المبالغ المعروضة تخطت كل التوقعات—أحدهم طُرح عليه راتب يتجاوز المليار دولار يُدفع على مدى سنوات. ومع ذلك، لم يقبل أي من أعضاء الفريق بهذه العروض، ما أثار تساؤلات حول حقيقة جاذبية ميتا في هذا الحراك التكنولوجي.
هذه الظاهرة تعكس تصاعد الهوس العالمي بالذكاء الاصطناعي، حيث تتدفق مليارات الدولارات للاستثمار في هذا القطاع التنافسي. رغم الزخم المالي، تبرز علامات استفهام حول عوائد الاستثمار الحقيقية ونضج نماذج الأعمال في هذا المجال. هذه النقطة تقودنا إلى معرفة لماذا لم تتحول هذه العروض المثيرة إلى نجاح فعلي لميتا في اصطياد المواهب.
أزمة سمعة أم قيادة غير مقنعة؟
لكن لم يتوقف الأمر عند ضخامة العروض المالية فقط. بحسب مصادر مطلعة رفض العاملون في "ثينكينج ماشينز لاب" العروض لأسباب أعمق، منها قلقهم من أسلوب إدارة ألكسندر وانغ، الذي عينه زوكربيرغ حديثاً لإدارة المختبر الجديد رغم قلة خبرته القيادية. كذلك، لم تهدأ الشكوك بعد الجدل الأخير حول نتائج نماذج الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها ميتا، خصوصاً "Llama 4"، وسط اتهامات بتضخيم الأداء وعدم الشفافية في المعايير.
وهذا يربط دوافع الباحثين بمخاوف تتجاوز الجانب المالي، إلى البحث عن بيئة عمل مستقرة وقيادة ملهمة وضمان للنمو العلمي طويل الأمد. ويعزز هذا التوجه نجاح "ثينكينج ماشينز" نفسها في جذب تمويل ضخم وصل إلى 12 مليار دولار خلال عام واحد فقط، مما مكنها من الاحتفاظ بخبراتها دون الحاجة للتخلي عن رؤيتها.
سباق الذكاء الاصطناعي: طموحات زوكربيرغ وتحديات الواقع
في سياق هذا التنافس، لا يكاد يخفى أن مارك زوكربيرغ أصبح أكثر إصراراً، بل وربما يائساً، للحفاظ على موقع ميتا ضمن نخبة لاعبي الذكاء الاصطناعي إلى جانب عمالقة مثل غوغل وأوبن إيه آي. استراتيجية زوكربيرغ لم تقتصر على استهداف مختبر مراتي فقط، بل شملت أيضاً استقطاب مواهب من شركات كبرى على غرار آبل، كما ظهر في محاولة استقطاب المهندس رومينغ بانغ المعروف بتطوير مشروع "Apple Intelligence". وبإرسال رسائل شخصية للمرشحين يؤكد فيها التزام ميتا باستثمارات البحث والتطوير، يحاول زوكربيرغ استعادة بريق شركته في زمن تتحكم فيه الخوارزميات بمستقبل الصناعات حول العالم.
تؤكد التقارير أن الفشل في استقطاب باحثي "ثينكينج ماشينز" ليس حالة فردية، بل جزء من معركة أوسع بين رواد الثورة الرقمية ضد الإغراءات المالية الضخمة في وادي السيليكون. ويبقى مستقبل الذكاء الاصطناعي مرهوناً ليس فقط بالملايين المتدفقة، بل بجودة القيادة، وضوح الرؤية، وجدارة العلامة التجارية بجذب أعظم العقول.
مع استمرار هذا الجنون الاستثماري في الذكاء الاصطناعي، من الواضح أن زمام المبادرة انتقل فعلاً إلى الباحثين أنفسهم، ليصبحوا هم من يقررون مسار التحول التكنولوجي القادم. وربما لو ركزت بعض الشركات على تطوير بيئة عمل إبداعية أو بناء ثقة أكبر مع موظفيها بدل زيادة الأرقام، لكانت النتيجة أكثر إبهاراً من مجرد حصد العناوين الصحفية.