ذكاء اصطناعي

علي بابا تكشف عن “Qwen3-Coder”: الذكاء الاصطناعي الصيني يدخل سباق تطوير البرمجيات العالمي

محمد كمال
محمد كمال

4 د

كشفت علي بابا عن نموذج "Qwen3-Coder" مفتوح المصدر في مجال برمجة الأكواد.

يستخدم النموذج تقنية Mixture-of-Experts لتوزيع المهام بين مكونات مختلفة.

يتفوق النموذج بأدائه على معظم النماذج المنافسة في الصين والولايات المتحدة.

يدعم Qwen3-Coder الاندماج في منصات السحابة لتسهيل عمل المطورين.

يتوقع زيادة اعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي في البرمجة بشكل كبير قريبًا.

تسارعت وتيرة المنافسة في عالم الذكاء الاصطناعي مع إعلان مجموعة علي بابا عن إطلاق نموذجها الفريد مفتوح المصدر "Qwen3-Coder"، والذي وصفته الشركة بأنه أقوى أدواتها على الإطلاق في مجال برمجة الأكواد. هذه الخطوة الجديدة من عملاق التكنولوجيا الصيني تأتي لتضعه وجهاً لوجه أمام شركات غربية رائدة مثل مايكروسوفت (وأداتها الشهيرة GitHub Copilot) وOpenAI بحلولّها الذكية في البرمجة، مشيرة بوضوح إلى رغبة الصين العارمة في ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في معركة الذكاء الاصطناعي الدولية.

منذ اللحظات الأولى لكشف النقاب عن النموذج، بدا جليًّا أن علي بابا تراهن على تخصص Qwen3-Coder في مجال تطوير البرمجيات، حيث تجمع في بنيته تقنية Mixture-of-Experts، أحد الأساليب الحديثة لتوزيع المهام داخل الذكاء الاصطناعي بين مكونات مختلفة متخصصة. تبلغ قدرات هذا النموذج الهائل رقمًا قياسيًا بـ480 مليار وِحدة (تُسمى "معلمات")، مع تفعيل أكثر بقليل من 35 مليار وحدة أثناء التنفيذ الفعلي. هذا الرقم الهائل ينعكس مباشرة على إمكانات النموذج في التعامل مع مشكلات كبيرة، حيث يدعم تلقائيًا سياقات برمجية ضخمة تمتد حتى 256 ألف رمز، ويمكن توسيعها لتصل إلى مليون رمز باستخدام تقنيات متقدمة في التوسعة، وهو أمر مهم للغاية في معالجة الأكواد المعقدة والمشروعات البرمجية الطويلة.

وهذا الإبداع التقني لكنه لا يقف عند حجم البيانات أو عدد المعلمات فقط. بحسب بيانات الأداء الصادرة عن الشركة، قدم Qwen3-Coder نتائج متفوقة على معظم المنافسين في الصين، مثل DeepSeek ونموذج Moonshot AI الشهير K2، متجاوزًا إياهم في معايير قياس جودة البرمجة. أكثر من ذلك، تزعم علي بابا أن نموذجه الجديد يقف كتفًا إلى كتف مع أقوى النماذج الأمريكية، منها Claude الخاص بشركة Anthropic وGPT-4 من OpenAI، خصوصًا في بعض المهام البرمجية الدقيقة. هذه المقارنة ليست وليدة الصدفة، بل تؤكد رغبة علي بابا في شق طريقها للساحة العالمية بثقة.

تقنيات "البرمجة الواعية" ودور Qwen3-Coder في تغيير قواعد اللعبة

وإذا تأملنا في التفاصيل التقنية للنموذج، سنجد أنه يبرع تحديدًا في ما يُعرف بمهام "البرمجة الواعية" (agentic AI coding)، حيث يتمكّن الذكاء الاصطناعي من التخطيط، وكتابة الأكواد، وإجراء الاختبارات وتحليل النتائج، بل وتكرار العملية لتحسين الحلول، وكل ذلك دون تدخل يد بشرية. تخيّل مساعداً برمجياً ينجز كامل مشروعك بذكاء وسرعة ويطوّره تلقائياً، ما يفتح آفاقًا جديدة لتبسيط تطوير التطبيقات وحل أعقد المشكلات التقنية.


تزايد المنافسة في السوق الصيني وتقنيات الذكاء الاصطناعي

ومن هنا، تتضح أهمية إطلاق Qwen3-Coder في ظل تصاعد المنافسة بين شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى. فعلى سبيل المثال، أعلنت بايدو عن مساعدها البرمجي التفاعلي "Baidu Comate"، كما دخلت ByteDance على الخط بأداة جديدة باسم "Trae". هذه المؤشرات جميعها تعكس سباقًا محمومًا لتسريع وتيرة الابتكار وجذب المواهب التقنية والحصص السوقية، خاصة وأن على بابا وغيرها باتوا على قناعة بأن الذكاء الاصطناعي هو مفتاح الصدارة في اقتصاد المعرفة الحديث.

ومع صعود نجومية هذه النماذج، يقدّر خبراء الصناعة أن نسبة اعتماد أدوات البرمجة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في بيئة تطوير البرمجيات لا تزال في حدود 20%، ومعظم الاستخدامات تتركز في مشاريع واجهات الاستخدام الصغيرة والمتوسطة. لكن وفقاً لمصادر داخل الشركة، يتوقع أن ترتفع نسبة التغلغل هذه إلى 40 أو حتى 50% خلال عام واحد فقط، وهو ما ينبئ بتحول جوهري في آليات تطوير البرمجيات.

في إطار رؤيتها لتحويل الذكاء الاصطناعي من فكرة إلى تطبيق، أعلنت علي بابا عن دمج Qwen3-Coder في منظومتها السحابية "Tongyi Lingma"، وهي واحدة من أشهر منصات البرمجة الذكية التي أطلقتها في أكتوبر 2023. تتيح هذه المنصة للمطورين إنجاز أوامرهم البرمجية بكفاءة، مع إمكانية توفير أداة "Qwen Code" التي تحول أوامر اللغة الطبيعية إلى أوامر برمجية مباشرة من خلال سطر الأوامر، ما يُسهم في تيسير العمل على المطورين ذوي الخبرة والمبتدئين على حد سواء.

ومن الجدير بالذكر أن الشركة تعتزم إصدار نسخ إضافية من Qwen3-Coder خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة التوازن بين مستوى الأداء وتكلفة التشغيل، وهو ما يشير إلى توجه استراتيجي لجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي في متناول نطاق أوسع من المستخدمين، من الشركات الناشئة وحتى المؤسسات الكبرى.

ذو صلة

مع مستقبل الذكاء الاصطناعي: خطوات وأفكار لمواكبة التطور

وفي ضوء هذا السباق المتصاعد، يبدو أن رقعة الاستخدامات المحتملة لنماذج الكود الذكي ستتسع بوتيرة غير مسبوقة، بما يمنح الشركات قدرة أكبر على تقليص الزمن اللازم للبرمجة وتخفيض التكاليف وفتح فضاءات جديدة للإبداع التقني. لذا سيكون من المفيد للمهتمين بهذا المجال التفكير في تحديث معجم المصطلحات المستخدمة باستمرار، واختيار كلمات أكثر تعبيراً عن تطور الذكاء الاصطناعي، ودمج جمل الربط بين التحولات التقنية والتغيرات الاقتصادية. بهذه الطريقة، تتحول أخبار النموذج الجديد من مجرد خبر تقني إلى قصة تلهم خيال القارئ وتدعوه لاكتشاف كيف يمكن لهذه النماذج الذكية إعادة رسم ملامح البرمجة في المستقبل القريب.

ذو صلة