فضيحة رقمية مدوّية تهزّ الحكومة الأميركية: اختراق تطبيق سري تستخدمه إدارة ترامب

3 د
اخترق قراصنة شركة TeleMessage الإسرائيلية المتخصصة بنسخ معدلة من تطبيق Signal وأدوات المراسلة الحكومية.
تضمنت البيانات المسربة محتوى رسائل من مستخدمي التطبيقات المعدلة، ومنهم جهات حكومية وخاصة كـ CBP وCoinbase.
التطبيق الذي ظهر استخدامه في اجتماع حكومي مع ترامب، تبين أنه غير مشفّر بالكامل في مرحلة الأرشفة.
يسلّط تسرب البيانات الضوء على المخاطر الأمنية لأدوات المراقبة الرقمية المستخدمة من قبل الحكومات.
في تطور مثير للقلق، كشفت صحيفة 404 Media أن شركة TeleMessage الإسرائيلية، المعروفة بإنتاج نسخ معدّلة من تطبيقات المراسلة الشهيرة مثل Signal، تعرّضت لاختراق أدى إلى تسريب بيانات حساسة من عملائها، بينهم جهات حكومية أميركية بارزة.
أداة حكومية بمظهر تطبيق مشفّر
TeleMessage ليست شركة معروفة في الأوساط العامة، لكنها تلعب دورًا حيويًا في منظومة المراقبة الحكومية الأميركية، إذ توفّر نسخًا مخصصة من تطبيقات مثل Signal وWhatsApp وTelegram وWeChat، تتيح أرشفة الرسائل لأغراض أمنية ورقابية. هذه النسخ المعدلة تُستخدم من قبل هيئات رسمية مثل وزارة الأمن الداخلي ووكالات أخرى، لتخزين الرسائل المتبادلة بين مسؤولي الحكومة الأميركية.
لكن الاختراق الأخير فضح هشاشة هذا النظام، إذ نجح أحد القراصنة في الوصول إلى بيانات تحتوي على محتويات رسائل مباشرة ومحادثات جماعية جرى إرسالها باستخدام نسخ TeleMessage المعدّلة.
الكشف عن الثغرة: من اجتماع حكومي إلى تسريب واسع
الحادثة تعود جذورها إلى ما قبل أيام، حين كشف عضو الكونغرس الأميركي مايك والتز - عن غير قصد - خلال اجتماع وزاري بحضور الرئيس دونالد ترامب، أنه يستخدم أحد تطبيقات TeleMessage. ظهرت في لقطات من الاجتماع أسماء لمتلقي الرسائل، يُعتقد أنهم شخصيات سياسية بارزة مثل ماركو روبيو وتولسي غابارد وجاي دي فانس.
رغم أن القراصنة لم يتمكنوا من الوصول إلى رسائل هؤلاء المسؤولين تحديدًا، إلا أن الاختراق أظهر وجود ثغرات خطيرة في البنية الأمنية للتطبيق. فالمحادثات المؤرشفة، بحسب التحقيق، ليست مشفّرة من طرف إلى طرف أثناء انتقالها من التطبيق المعدل إلى خوادم الأرشفة التابعة لعملاء TeleMessage.
مؤسسات حكومية وشركات خاصة من بين المتضررين
تشير المعلومات التي حصلت عليها 404 Media إلى أن بيانات من وكالة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP)، ومنصة العملات المشفّرة Coinbase، بالإضافة إلى مؤسسات مالية أخرى، كانت ضمن المواد التي تسربت.
تُظهر لقطات شاشة للأنظمة الخلفية أن القراصنة تمكنوا من النفاذ إلى واجهات إدارة البيانات واستخراج الرسائل المؤرشفة وبعض سجلات المستخدمين، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول قدرة الحكومات على حماية أدوات الرقابة نفسها من الهجمات الإلكترونية.
فضيحة تقنية جديدة في عهد إدارة ترامب
يُعد هذا التسريب امتدادًا لقلق مستمر بشأن استخدام تكنولوجيا المراقبة في أعلى مستويات السلطة، دون إخضاعها لاختبارات أمنية كافية. إذ يشير هذا الحادث إلى أن التطبيقات المصممة أصلاً لضمان الامتثال والشفافية، تحولت إلى نقطة ضعف أمنية تُهدد سرّية بيانات مؤسسات الدولة.
في سياق متصل، كانت وسائل إعلام أميركية قد نشرت خلال الأسبوع الماضي سلسلة من التقارير عن استخدام تطبيقات مراقبة سرية من قبل الحكومة، وذلك عقب تصريحات والتز حول الأداة، ما فتح الباب أمام موجة من التحقيقات التقنية والسياسية حول مستوى أمان هذه الأدوات.
ما يكشفه هذا التسريب ليس مجرد ثغرة تقنية، بل نقطة ضعف مؤسسية في كيفية تصميم أنظمة الرقابة الرقمية. حين تختار الحكومات استخدام تطبيقات معدّلة لتجاوز حدود الخصوصية، فإنها مطالبة بأن تبني جدران حماية عالية المستوى، لا مجرد واجهات تشفير شكلية. اختراق TeleMessage هو إنذار مبكر بأن الأسلحة الرقمية التي تصنعها الدول لحماية نفسها قد تتحول إلى سيوف مقلوبة تطعن المؤسسات من الداخل.