كنز مذهل تحت المحيط في أوروبا… ليس ذهبًا ولا نفطًا بل أثمن بكثير

2 د
أعلنت أوروبا عن اكتشاف كنز تحت بحر الشمال يتمثل في الهيدروجين الأخضر.
يستخدم التحليل الكهربائي للمياه لتوليد الهيدروجين بمساعدة طاقة الرياح البحرية.
يساهم استخراج الهيدروجين الأخضر في تقليل انبعاثات الصناعات الثقيلة والنقل البري.
تتطلب مشاريع مزارع الرياح واستثمارات ضخمة وتنسيق جديد بين الدول الأوروبية.
يمثل التحول للهيدروجين الأخضر رهانًا استراتيجيًا لأمن الطاقة والاستقلال الطاقي لأوروبا.
مفاجأة من قلب بحر الشمال: أوروبا تعلن عن اكتشاف يوصف بأنه أكبر كنز تحت الماء، لكنه لا يتعلق بالمعادن الثمينة أو النفط، بل بمصدر طاقة نظيف وواعد يتمثل في **الهيدروجين الأخضر**.
منذ عقود ارتبط اسم بحر الشمال بحقول النفط والغاز البحري، لكن المشهد يتغير اليوم بسرعة. التقديرات تشير إلى إمكانية توليد ما يقرب من 300 غيغاواط من الكهرباء عبر مزارع الرياح البحرية في المنطقة، وهو رقم يكفي لتشغيل ملايين البيوت الأوروبية. هذه القدرة الهائلة ليست مجرد إنتاج كهرباء متجددة، بل خطوة أساسية لفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إنتاج الوقود النظيف.
وهذا يربط مباشرة بين طاقة الرياح البحرية وإنتاج الهيدروجين كمصدر مستدام للطاقة.
كيف يتحول الهواء إلى وقود؟
عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر تعتمد على تقنية بسيطة في فكرتها، وهي **التحليل الكهربائي** للمياه. يُستخدم التيار الكهربائي لتقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين، ومع توصيل الكهرباء من توربينات الرياح البحرية تصبح النتيجة وقوداً بلا انبعاثات كربونية. وفق التقديرات، يمكن استخراج نحو **45 ألف طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر**، وهو ما يعزز خطط خفض انبعاثات الصناعات الثقيلة مثل الصلب والأسمنت والنقل البري لمسافات طويلة.
ويوصلنا ذلك إلى سؤال محوري: كيف تدعم التكنولوجيا هذا التحول الكبير في الطاقة؟
الابتكار في صلب الخطة
أوروبا تراهن على أنظمة متطورة أبرزها **Windcatcher**، وهي منصة عائمة تضم مصفوفة من توربينات الرياح العمودية مرتبة مثل جدار يواجه الهواء. هذا التصميم يزيد من قدرة استغلال الرياح في المساحة نفسها مقارنة بالتوربينات التقليدية، كما يساعد على تقليص تكاليف الصيانة في البيئات البحرية القاسية.
وهنا يظهر الرابط بين الابتكار الهندسي وتقليل العقبات الاقتصادية أمام الاستثمار في الهيدروجين الأخضر.
تحديات البنية التحتية والتنظيم
غير أن الطريق ليس سهلاً، فبناء مزارع الرياح البحرية ومحطات التحليل الكهربائي ومد شبكات الكابلات البحرية يتطلب استثمارات أولية ضخمة. إضافة إلى ذلك، تختلف الأطر التنظيمية بين دول الاتحاد الأوروبي: القوانين البحرية، تصاريح البناء، والموافقات البيئية ليست موحدة، ما يعرقل تسريع المشاريع العابرة للحدود. كما أن تباين أولويات الحكومات والشركات والهيئات البيئية يجعل التنسيق مهمة معقدة.
وهذا يقود إلى خلاصة أن نجاح المشروع يتوقف على تضافر الإرادة السياسية والتعاون الأوروبي المشترك.
نحو مستقبل طاقة جديد
الكنز الذي تتحدث عنه أوروبا ليس مادياً بالمعنى التقليدي، إنما هو وعد بإمدادات ضخمة من الطاقة النظيفة التي قد تغيّر خريطة الصناعة والنقل في القارة. التحديات التنظيمية والمالية كبيرة، لكن إن استطاعت أوروبا تجاوزها، فبحر الشمال قد يتحول من رمز لاستخراج النفط إلى منصة عالمية لريادة **أمن الطاقة** و**التحول الأخضر**.
باختصار، ما يجري ليس مجرد مشروع بيئي، بل رهان استراتيجي على مستقبل قارة تبحث عن الاستقلال الطاقي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.