كوكب الأرض في أبعد نقطة عن الشمس.. فلماذا تشتد حرارة الصيف؟

3 د
تصل الأرض لأبعد نقطة عن الشمس في الصيف، لكنها تظل حارة بسبب ميل المحور.
زاوية ميل محور الأرض تؤدي لصيف حار في نصف الكرة الشمالي.
تغير المسافة بين الشمس والأرض بالكاد يؤثر على درجات الحرارة مقارنة بميل المحور.
أشعة الشمس تصلنا بزوايا مختلفة حسب الميل، ما يفسر ارتفاع درجات الحرارة.
تقترب ذروة الصيف منا بخطوات سريعة في نصف الكرة الشمالي، وبينما نستعد لمواجهة درجات حرارة مرتفعة وأيام مليئة بأشعة الشمس الحارقة، يبدو مفاجئاً للكثيرين معرفة أن كوكبنا الآن يبتعد عن الشمس في أبعد نقطة ممكنة خلال عام كامل!
هذا صحيح، يوم الخميس، في تمام الساعة 3:55 بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وصلت الأرض إلى ما يُعرف علمياً بـ"الأوج"، النقطة الأبعد في مدارها البيضاوي حول الشمس. اللافت للانتباه هنا، هو أن كوكبنا الآن يبعد بحوالي 3 ملايين ميل أكثر مما يكون عليه في أقرب نقطة له خلال يناير، والتي تُسمى "الحضيض".
ولكن إذا كنا على بعد مسافة كبيرة من الشمس في هذه الفترة، فلماذا لا نلاحظ انخفاضاً في درجات الحرارة؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن في زاوية ميل الأرض وليس في المسافة بين الأرض والشمس كما يعتقد البعض.
زاوية الميل وسر فصول السنة
الحقيقة أن الفصول الأربعة التي نعيشها كل عام ليست متعلقة بشكل جوهري بقرب أو بعد كوكبنا عن الشمس، بل تنتج بشكل رئيسي بفعل زاوية ميل محور الكرة الأرضية، والتي تساوي حوالي 23.5 درجة. خلال الصيف في نصف الكرة الشمالي، يميل محور الكوكب في اتجاه الشمس، ما يؤدي إلى أيام أطول وضوء شمسي أقوى وأكثر مباشرة، وبالتالي ترتفع الحرارة بشكل ملحوظ.
وهذا يعني باختصار شديد أنّ مدار الأرض البيضاوي والمسافة المتغيرة عن الشمس لا تؤثر كثيراً على الاختلاف الحراري الحاد والموسمي كما نتصور. ففي الواقع، متوسط المسافة بين الأرض والشمس حوالي 93 مليون ميل، وتغير مسافة قدره ثلاثة ملايين ميل يعتبر ضئيلاً نسبياً (حوالي 3.3% فقط من المسافة المتوسطة)، ما يجعل التأثير الحراري الفعلي لهذا الاختلاف بالكاد ملحوظ.
ولكي نوضح هذه الفكرة أكثر، رغم أن ابتعاد الأرض حالياً يؤدي نظرياً إلى نقص طفيف في مقدار الطاقة الشمسية الواصلة إلى الكوكب (بنسبة تصل تقريباً إلى 7%)، إلا أن هذا لا يُقارن أبداً بالتأثير الضخم الناتج عن ميل الأرض.
وبالنظر عن كثب إلى مناطق معينة، ستتضح الصورة لنا بشكل ملموس:
فعند خط عرض حوالي 30 درجة شمالاً، في مدن مثل فينكس الأمريكية أو نيوأورليانز أو هيوستن، تصل كمية الطاقة الشمسية الواردة في فصل الصيف إلى ضعف مثيلتها في الشتاء. أما عند خط عرض 40 درجة شمالاً – كمدن نيويورك ودنفر وكولومبوس – يكون الفرق مدهشاً؛ إذ يرتفع متوسط الطاقة الشمسية من حوالي 145 واط لكل متر مربع في الشتاء إلى 430 واط في الصيف، ما يمثل ارتفاعاً يقارب 300 بالمئة!
في نهاية المطاف، يتضح جلياً أن تأثير ميل الأرض يفوق كثيراً أي مسافة إضافية تفصلنا حالياً عن الشمس. فليست المسألة متعلقة بقربنا أو بعدنا من الشمس بقدر تعلقها بزاوية الميل التي تحدد كيفية وصول أشعة الشمس إلينا.
إذاً عندما تشعر بحرارة الشمس وتسأل كيف يحدث ذلك في أوج بعدنا عنها، فستعرف الآن أن الأمر يتعلق أكثر بزوايا الضوء وتوزيعه وليس ببعد الأرض عن شمسنا الحارة. وإذ يعكس المقال هذه الفكرة بوضوح، يمكن لمقالات مستقبلية التركيز أكثر على تقديم معلومات إضافية مختصرة حول تاريخ اكتشاف علاقة ميل الأرض بالفصول، أو إضافة تشبيهات حياتية مبسطة كربط الأمر بإضاءة مصباح بزوايا مختلفة، لجذب مزيد من القُرّاء وتبسيط المفهوم أكثر فأكثر.