ذكاء اصطناعي

لماذا نُعامل الحيوانات كالبشر؟ كشف أسرار ظاهرة “الأنسنة” وتأثيرها على الانسان والحيوان

فريق العمل
فريق العمل

3 د

يتساءل العديد عن سبب شعور الناس بتعاطف تجاه الحيوانات كما البشر.

تُظهر دراسة "آي ساينس" أن العوامل الاجتماعية تؤثر على إدراك الناس للحيوانات.

يميل الأشخاص الوحيدون إلى منح الحيوانات صفات إنسانية بشكل أكبر.

الخلفية الدينية والمستوى التعليمي يؤثران على نظرة البشر للحيوانات.

الباحثون يدعون إلى استخدام الفهم الاجتماعي لتحفيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.

هل شاهدت يوماً فيديو لدب قطبي يبدو حزيناً، أو صورة باندا ظريفة، وتساءلت لماذا تتحرك مشاعرك تجاه هذه الحيوانات تماماً كما تفعله مع البشر؟ إن هذه الظاهرة تعرف بـ "الأنسنة" أو إضفاء الصفات البشرية على الحيوانات، وهي أسلوب شائع يستخدمه دعاة الحفاظ على البيئة لجذب انتباه الأفراد وحشد الدعم لحماية الأنواع المهددة بالانقراض. لكن ما الذي يجعل بعض الناس أكثر استعداداً من غيرهم لرؤية هذه الصفات البشرية في الحيوانات؟

هذا التساؤل المهم تحديداً كان محور دراسة حديثة نشرتها مؤخراً مجلة "آي ساينس"، حيث قرر الباحثون الغوص في الأسباب الاجتماعية التي تدفع الأفراد لمنح الحيوانات صفات بشرية. ولتكوين صورة أوضح، أجرى الباحثون استطلاعاً شمل 741 من البالغين في بلدان متنوعة ثقافياً مثل البرازيل، وإندونيسيا، والمكسيك، وماليزيا، وإسبانيا.

وجدت الدراسة أن عوامل مثل درجة الاندماج الاجتماعي، والتجربة الحياتية في المدن، ومستوى التعليم الرسمي، وكذلك الخلفية الدينية، تلعب جميعها دوراً بارزاً في طريقة تعامل الناس مع هذه الفكرة. على سبيل المثال، يميل الأشخاص الذين يعانون من الوحدة والعزلة الاجتماعية إلى رؤية الحيوانات بطريقة إنسانية بشكل أكبر من أولئك الذين يتمتعون بشبكة اجتماعية قوية. تفسر الباحثة فيديريكا أميتشي من جامعة لايبزيغ هذه العلاقة بأن الأشخاص الوحيدين يحاولون تلبية حاجتهم للعلاقات الاجتماعية من خلال البحث عن روابط عاطفية مع حيواناتهم الأليفة واعتبارها قادرة على التفكير والشعور تماماً كالبشر.

ولم يتوقف الأمر عند العزلة الاجتماعية، إذ اتضح أن من يعيشون حياة مدنية أكثر تفاعلاً مع الحيوانات، سواء من خلال اقتناء حيوانات منزلية أو زيارات حدائق الحيوانات أو مشاهدة الأفلام والبرامج التي تظهر فيها الحيوانات، كانوا الأكثر ميلاً لإضفاء صفات بشرية على الحيوانات. وعلى العكس من ذلك، كان الأشخاص الذين حصلوا على مستوى تعليمي مرتفع أقل ميلاً إلى الاعتقاد بأن لدى الحيوانات مشاعر أو قدرة على اتخاذ القرار والإرادة الحرة.

وكان البحث عن دور الخلفيات الدينية أحد المحاور اللافتة في الدراسة، إذ تبين من النتائج أن أتباع الديانات التوحيدية مثل الإسلام والمسيحية كانوا أقل ميلاً لمنح الحيوانات صفة الوعي والإرادة، مقارنة بالمشاركين من خلفيات دينية غير توحيدية كالبوذية أو الهندوسية. وبالمثل، أظهر الملحدون واللاأدريون مستويات مشابهة لأتباع الديانات التوحيدية من حيث تقليل الاعتقاد بامتلاك الحيوانات إرادة حرة.

وهذا يربط بين نتائج الدراسة وما نشهده واقعياً في ميدان الحفاظ على البيئة؛ فالأنواع التي تبدو أقرب للبشر في سلوكها أو مظهرها غالباً ما تتلقى دعماً وتمويلاً أكبر من الأنواع الأقل جاذبية. يرى الباحثون أن هذا التحيز قد يؤثر سلباً على حماية أنظمة بيئية كاملة، خاصةً حينما تكون هذه الأنظمة معتمدة على كائنات لا تحظى بجاذبية عاطفية لدى العامة.

ذو صلة

وفي الختام، توصل الباحثون إلى أن إدراك وفهم هذه العوامل الاجتماعية يمكن أن يساعد دعاة حماية البيئة على تحديد الوسائل الأمثل لجذب جماهير أوسع للحفاظ على التنوع البيولوجي. ومع ذلك، نبهت الباحثة أميتشي إلى ضرورة استخدام هذه الاستراتيجيات بحذر، مع التأكيد على الدور الحيوي لكل الأنواع دون الاعتماد فقط على إثارة المشاعر.

لعل هذه الدراسة تقدّم خطوة إلى الأمام في تحسين الرسائل البيئية عبر فهم أكثر عمقاً لمشاعر الجمهور. كانت اللغة في طرح هذه الأفكار واضحة وشيقة بحق، ورغم نجاحها في إيصال الفكرة، قد يكون من المفيد توسعة التركيز قليلاً وإضافة معلومات عن نماذج نادرة أخرى قد لا تحظى بنفس القدر من الشعبية في وسائل الإعلام، لتمنح القارئ مفهوماً شاملاً أكثر عن تحديات الحفاظ على التنوع الحيواني والبيئي.

ذو صلة