ذكاء اصطناعي

ليزر بحجم عملة معدنية يفتح آفاقاً جديدة لمستقبل السيارات الذاتية القيادة

محمد كمال
محمد كمال

4 د

ابتكار ليزر بحجم صغير يعزز رؤية السيارات الذاتية القيادة بدقة وسرعة.

يعتمد الليزر الجديد على تقنيات "ليدار" لتحسين استشعار المخاطر وتفسير البيئة.

تمكن الليزر من التقاط تفاصيل دقيقة مثل مكعبات ليغو المتحركة.

استُبدلت تقنية "ربط تردد الليزر" الضخمة بشريحة إلكترونية صغيرة.

هذا التطور يفتح الأبواب لتطبيقات متعددة في النقل الذكي وأنظمة الاتصالات.

هل تخيّلتم يوماً أن تُمكّن أداة صغيرة لا يتجاوز حجمها عملة نقدية سيارات المستقبل من الرؤية بسرعة ودقة لم يسبق لهما مثيل؟ يبدو أن هذا الحلم بات أقرب للواقع، إذ تمكن فريق بحثي أميركي من ابتكار ليزر فائق الحساسية بحجم "البيني" قد يغيّر معادلة أنظمة الاستشعار في السيارات الذاتية القيادة ويضع بين أيدينا وسيلة جديدة لمراقبة العالم المحيط بكفاءة عالية.

في هذه الأيام، أصبحت تكنولوجيا "ليدار" (تقنية الكشف وتحديد المسافات بالضوء) حجر الأساس لقدرة السيارات الذاتية القيادة على رصد المخاطر وتفسير البيئة المحيطة بها. ومن هنا جاء اهتمام الباحثين في جامعتي روتشستر وكاليفورنيا سانتا باربرا بتطوير الجهاز الجديد، الذي لا يقتصر أثره على تعزيز سرعة الاستجابة فحسب، بل يشكّل قفزة في دقة وتفصيل البيانات التي تستطيع السيارة تحصيلها أثناء حركتها على الطريق.

وهذا الإنجاز يربط بين جهود الباحثين حول العالم الرامية لتحسين أداء أجهزة الاستشعار وتقليل أعطالها، داعماً سباق الابتكار في قطاع النقل الذكي.


مفاتيح التقدم: ليزر قليل الضجيج سريع التبديل

للوهلة الأولى، قد تبدو كلمة "ليزر" مرادفاً للجراحة أو الاتصالات فائقة السرعة فقط، لكن في عالم القيادة الذاتية يمثل الليزر رأس الحربة في جمع المعلومات البيئية. مركبات الروبوت الحديثة تستند أساساً إلى ليزر غير مرئي يطلق نبضات ضوئية ترتد عن الأجسام، ما يتيح تحديد موقع وحجم وسرعة الأشياء حول السيارة. لكن النظام التقليدي يواجه تحديات كبيرة على مستوى التعقيد واحتمال وقوع أخطاء.

أما الليزر الجديد الذي أعلن عنه الباحثون، فقد صُمم ليكون صديقاً للأجهزة المصغرة وقادراً على توليد تغيرات سريعة جداً في التردد الضوئي—وهي ميزة جوهرية في ليزار القياس المتطور المعروف بـ"الموجة المتواصلة المعدلة ترددياً". حسب شكسين شو، الباحث الرئيسي في المشروع، يُمكن لجهازهم جمع سيل ضخم من البيانات حول محيط المركبة بسرعة فائقة ودقة غير مسبوقة. بكلمات بسيطة، نتحدث هنا عن تطوّر قد يمنح السيارة ذاتية القيادة "حاسة سادسة" إلكترونية.

ولكي ندرك مدى تأثير هذه التقنية، يكفي تخيّل أن عملية تحليل صور أو أحجام أجسام صغيرة تتحرك بسرعة هائلة وتغذيتها فوراً إلى برمجيات القيادة، ستكون متاحة في جهاز بحجم أصغر من قطعة نقدية.

واستناداً إلى الاختبارات التي أجراها الفريق، كان الليزر قادراً على التقاط تفاصيل مكوّنات دقيقة مثل أحرف "U" و"R" المصنوعة من مكعبات الليغو، حتى وهي تدور بسرعة. هذا يضمن للسيارة استشعار الحركة والحواجز والدلالة على الطرق بشكل غير قابل للخطأ—وهو تحول جذري في مفاهيم الأمان والاعتماد على التقنية.

وهذا يقودنا إلى تساؤل عن دور الأجهزة المصغرة في تمكين التطور القادم لأنظمة الوسائط والاتصالات داخل السيارات الذكية.


في قلب التقنية: من أجهزة بحجم حاسوب إلى شريحة صغيرة

من المثير هنا أن باحثي المشروع نجحوا كذلك في تصغير نظام متقدم يعرف باسم "ربط تردد الليزر" أو "Pound-Drever-Hall Locking"، والذي يستخدم عادة لتقليل الضوضاء البصرية واستقرار مصدر الليزر. هذه العملية التقليدية تتطلب منظومة ضخمة بحجم الحاسوب المكتبي، لكنها اليوم اختُزلت إلى شريحة إلكترونية دقيقة تُضبط كهربائياً وتعطي نفس الدقة والاستقرار في قياس الزمن والمسافات.

ولعل ذلك يفتح الطريق أمام استخدام هذا الليزر في تطبيقات أخرى، من الساعات الذرية فائقة الدقة إلى معالجة المعلومات الكمية أو حتى كشف موجات الجاذبية. هو مثال حي على كيف أن مسار البحث العلمي بإمكانه الجمع بين اختصار الحجم ورفع الأداء لينعكس مباشرة على جودة حياة الناس والتطور الصناعي.

ومع تركيز صانعي السيارات الذاتية القيادة اليوم على تقليل مقاومة الهواء وزيادة المسافات المقطوعة بكفاءة، فإن الاعتماد على وحدات استشعار صغيرة الحجم وعالية الدقة كهذا الليزر الجديد يُعد خطوة مفصلية باتجاه سيارات أكثر أناقة وكفاءة، وحتى المركبات الجوية الذاتية.

ذو صلة

وهذا يُظهر كيف تتحول الأحلام الهندسية المعقدة إلى أدوات عملية تقتحم الأسواق تدريجياً.

ختاماً، ثمة أهمية بالغة لمتابعة تطور مثل هذه الأجهزة، ليس فقط لقطاع النقل الذكي، بل لكل تطبيق يطلب دقة وموثوقية في الرصد والقياس البصري. ولو استخدمنا مصطلح "مستشعر ضوئي" بدلاً من "ليدار" في بعض المواضع لتضييق دلالة النص أو أضفنا جملة تبرز كيف يغيّر هذا الابتكار من مستقبل السلامة المرورية، قد يكون ذلك بمثابة تعزيز لقوة السرد وربطه بالتجربة اليومية للقارئ. في جميع الأحوال، يبدو أن مستقبل السيارات الذكية صار أكثر إشراقاً بفضل هذه الاقتصادات في الحجم والطاقة، ويبقى التطوير مفتوحاً أمام مزيد من الابتكارات التي قد ترفع سقف الطموحات في عالم القيادة الذاتية.

ذو صلة