مارك زوكربيرغ يصنع “أتعس مكان على الإنترنت”… والسبب؟ Meta AI!

3 د
أطلقت شركة "ميتا" تطبيق "Meta AI" للدردشة وتوليد الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي.
تعرض خاصية "Discover" في التطبيق محتوى شخصي حساس على الملأ بصورة غير واعية.
شارك المستخدمون في التطبيق معلومات شخصية مثل قضايا حضانة وأرقام هواتف دون وعي.
تتزايد المخاوف حول الخصوصية، وتحتاج "ميتا" إلى تحسين واضح لحماية المستخدمين.
قد تشمل التحركات المستقبلية تعزيز خطوات النشر والخصوصية لتجنب هذه المشكلات.
هل جربت مؤخراً تطبيق الذكاء الاصطناعي الجديد من شركة "ميتا"؟ إذا كانت الإجابة "لا"، فيسعدني أن أخبرك أنك ربما وفّرت على نفسك جولة في مكان قد يكون الأكثر كآبة على الإنترنت اليوم!
أطلقت شركة "ميتا"، المملوكة لرجل الأعمال الشهير مارك زوكربيرغ، مؤخراً تطبيقاً جديداً يعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي يحمل اسم "Meta AI". التطبيق موجه للدردشة البسيطة وتوليد الصور، ولكن اللافت - وربما الغريب قليلاً - هو احتوائه على خاصية "Discover". تشبه هذه الخاصية جدار المنشورات على فيسبوك، تعرض محادثات وصور وملفات صوتية يشاركها المستخدمون مع الروبوت الخاص بالتطبيق وتكون متاحة للجمهور بشكل كامل.
حتى الآن يبدو الأمر طريفاً للبعض، أو ربما غير مفهوم للبعض الآخر. لكن المقلق حقاً هو طبيعة ما يشاركه المستخدمون من محتوى شديد الحساسية وشديد الخصوصية. فمثلاً، هناك من شارك أسئلة حول دعاوى حضانة أطفال أو مشاكل صحية دقيقة أو تفاصيل حول فقدان الوظيفة وحتى حالات حزن عميقة وفقد عزيز. والطامة الكبرى، أن الكثير من هؤلاء المستخدمين لا يعلمون أن مشاركاتهم هذه منشورة على الملأ.
وهنا يكمن جوهر المشكلة: رغم أن ممثل "ميتا" أوضح أن عملية المشاركة العامة تتطلب خطوات واضحة وخياراً متدرجاً، لكن ظاهرة نشر محتويات حساسة أو شخصية دون وعي واضح من المستخدم تتسع بسرعة. فالعديد من المشاركات تضمنت أرقام هواتف وعناوين بريد إلكترونية؛ منها مثلاً طلب نصيحة لكتابة رسالة إلى قاضٍ في قضية أسرية، أو رغبة شخص في تذكيره بإلغاء اشتراك في خدمة معينة. والأغرب بالفعل أنه يمكنك الاستماع فعليًا إلى تسجيلات صوتية يشاركها أشخاص عاديون دون إدراكهم في أحيان كثيرة أنهم فعلوا ذلك!
هذه المشاركة العامة المكشوفة أثارت مخاوف حقيقية حول الخصوصية وإمكانية تعرض بيانات المستخدمين لسوء استخدام. وقد نبه عدد من المستخدمين الآخرين في التعليقات والردود، أصحابَ المشاركات الشخصية، إلى أن محتواها بات ظاهراً للعيان وربما حصل عن طريق الخطأ. والمستغرب كذلك أن كل مشاركة تظهر مرفقة بحساب المستخدم المرتبط بمنصات مثل إنستغرام أو فيسبوك، مما يهدد خصوصية صاحب المشاركة بشكل أكبر.
وهذا يربط بين فكرة التطبيق الأصلية وخطط ميتا المستقبلية في مجال الذكاء الاصطناعي. فمارك زوكربيرغ، الذي استثمر مبالغ طائلة لتطوير الذكاء الاصطناعي عبر شراكات مع شركات مثل "ScaleAI"، يتحدث بشكل مكثف مؤخراً عن السعي نحو الذكاء الاصطناعي الخارق "superintelligence"، لكن واقع تطبيق Meta AI اليوم يبدو بعيداً تماماً عن هذه الأهداف الطموحة.
بالنهاية، ومع كل هذه الفوضى على صفحة "Discover" في تطبيق Meta AI، نتساءل: هل كانت نية "ميتا" فعلاً أن تتحول منصة ذكاء اصطناعي متطورة إلى مكان ينشر الناس فيه مشاكلهم الشخصية بهذه الطريقة؟ قد يكون الحل المنطقي هو تعديل بسيط في أسلوب التطبيق، أو حتى تعزيز التوعية والوضوح، خصوصاً خطوات النشر لتجنب نشر المحتوى الشخصي دون قصد. كما أن اعتماد نظام يعيد التأكيد للمستخدم على خصوصية محتواه قد يساعد على توفير أمان حقيقي للمستخدمين.
ربما تحتاج "ميتا" إلى مراجعة هذه الخاصية وتصحيح عجلة القيادة سريعاً، لأن ما نشاهده اليوم هو خليط غريب وحزين من أسرار الأشخاص وهمومهم، وهو بالضبط ما لا يتوقعه المرء من أحد عمالقة التكنولوجيا الأكثر تقدماً في العالم.