ذكاء اصطناعي

مخاطر بيئية كبيرة حول كمية الطاقة التي تستهلكها نماذج الذكاء الاصطناعي، والشركات تلتزم الصمت حول مقدار الطاقة المستخدم!

فريق العمل
فريق العمل

4 د

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مع تجاهل الشركات للتأثير البيئي.

يستهلك الاستعلام الواحد في "أوبن إيه آي" 0.

34 واط – ساعة من الطاقة.

أكدت دراسة أن 84% من النماذج لا توفر معلومات عن بصمتها البيئية.

النماذج الأكثر تعقيداً تستهلك طاقة أكثر لتقديم أجوبة دقيقة تفصيلية.

الحل الأمثل هو استخدام نماذج أقل استهلاكًا للطاقة في الاستفسارات البسيطة.

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث يطرح ملايين الأشخاص حول العالم أسئلتهم على أدوات مثل "شات جي بي تي" وغيرها. لكن كم مقدار الطاقة التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي؟ المفاجأة أن حتى الخبراء يجدون صعوبة حقيقية في تقديم إجابة واضحة، لأن الشركات التي تقف وراء هذه التقنية تلتزم الصمت حيال الأرقام الدقيقة.

في تدوينة نشرها مؤخراً، كشف سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، أن الاستعلام الواحد في منصتهم يستهلك نحو 0.34 واط - ساعة من الطاقة، وهي كمية الطاقة التي يستهلكها فرن منزلي في ثانية واحدة أو مصباح اقتصاد في دقائق قليلة. لكن تعليقات ألتمان المبسطة هذه قد لا تُعطي صورة كاملة، بحسب رأي الخبراء الذين يرون ضرورة معرفتنا المزيد من التفاصيل عن هذه الحسابات، مثل نوعية الاستفسارات التي حُسب على أساسها المتوسط، أو ما إذا تم أخذ طاقة تبريد الخوادم وتدريب النماذج نفسها بعين الاعتبار.

ويؤكد ذلك بشكل واضح ساشا لوتشيوني، رئيس المناخ في شركة الذكاء الاصطناعي "هجينغ فيس"، الذي قال بشكل ساخر إن ألتمان "ربما يكون قد اختلق الرقم من العدم". تشير لوتشيوني إلى دراسة حديثة نُشرت هذا الأسبوع بمشاركتها مع باحثين آخرين، توضّح غياب الشفافية في ما يتعلق بالتأثير البيئي لنماذج الذكاء الاصطناعي. ففي نتائج الدراسة كانت النسبة الصادمة هي أن 84٪ من استخدام النماذج اللغوية خلال شهر مايو 2025 ذهبت نحو نماذج لا توفر أي معلومات عن بصمتها البيئية.

وهذا يربطنا بالالتباس الشائع الناتج عن تعليقات ذكرها المدير التنفيذي لـ"ألفابت" — وهي المالكة لجوجل — زاعماً أن الاستعلام الواحد لـ"شات جي بي تي" يستهلك طاقة تتجاوز بعشرة أضعاف البحث التقليدي على جوجل. ورغم أن مصداقية هذه المعلومة محل شك، لكن مصادر إعلامية عديدة اعتبرتها رقماً موثوقاً دون فحص أو تحقق، كما كشف بحث لوتشيوني وفريقها عن أصل هذه الشائعة المتداولة باستمرار.

من ناحية أخرى، تحاول جهود بحثية متزايدة كسر حاجز الاختلاف من خلال دراسة نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر. فمثلاً دراسة نُشرت مؤخراً قامت بمقارنة استهلاك الطاقة لـ 14 نموذجًا لغة مفتوح المصدر، وكان من النتائج المدهشة اكتشاف فارق كبير بينها، حيث تستهلك بعض النماذج 50٪ طاقة إضافية بالمقارنة مع نماذج أخرى. ويعود سبب هذا الاختلاف إلى أن النماذج الأكثر تعقيداً تستخدم قدراً من الحسابات الداخلية أكثر، وتسعى لتوفير إجابات أكثر دقة وإسهاباً في الاستفسارات المعقدة، وهي مرتبطة مباشرةً بزيادة الاستهلاك، خاصةً إذا شملت هذه الحسابات تدريب النماذج وتبريد الأنظمة المشغلة.

لكن، هل هناك حلول عملية توازن بين دقة الأجوبة والطاقة المستخدمة؟ يرى الباحث ماكسميليان داونر، من جامعة ميونخ، أن هناك فرصة كبيرة لترشيد الطاقة، من خلال استخدام نماذج صغيرة وأقل استهلاكاً للطاقة في الأسئلة البسيطة أو الروتينية، مع تخصيص النماذج الأكثر تعقيداً فقط لما يتطلب تعمقاً ودقة أكبر. بالفعل، بعض الشركات مثل جوجل ومايكروسوفت بدأت بتطبيق هذه التقنيات التي توجّه استفسارات المستخدم المألوفة أو البسيطة إلى نماذج أصغر وأقل استهلاكًا للطاقة.

إضافةً لذلك، هناك عوامل كثيرة أخرى يجب مراعاتها في حساب بصمة الذكاء الاصطناعي البيئية، مثل نوعية المعدات المستخدمة في المراكز التي تحتوي على وحدات معالجة الرسوميات والذكاء الاصطناعي، فجهاز مثل وحدة Nvidia A100 المستعمل في معظم الأبحاث أقل استهلاكاً للطاقة من الجيل الأحدث Nvidia H100 المخصص لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. أيضاً يجب حساب احتياجات مراكز البيانات من تبريد ومعدات شبكية وإضاءة. كل هذه العوامل تؤثر بشكل كبير على الإجمالي الحقيقي لاستهلاك الطاقة.

ذو صلة

وفي ضوء مثل هذه التحديات وعدم الوضوح، تؤكد ساشا لوتشيوني أهمية الالتزام بالشفافية. وتأمل أن يكون الإفصاح عن نسب انبعاثات الكربون وتأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة إلزامياً للشركات التي تقدم هذه الخدمات، خاصةً في ظل الأزمة المناخية التي نعيشها اليوم. ربما هذا الطريق ليس سهلاً، لكن الخطوة الأولى تبدأ من الإفصاح الكامل والأكثر دقة عن معلومات استهلاك الطاقة لهذه التقنيات التي باتت جزءاً يومياً من حياتنا.

لا يسعنا في الختام سوى القول بأن السؤال عن كمية الطاقة التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي ضروري، ومن المهم بذل مزيد من الجهود لتقديم صورة شفافة وواضحة تساعدنا في تجنب الوقوع في فخ التقديرات التقريبية غير الدقيقة. قد يكون من الأفضل استبدال بعض المصطلحات التقنية الصعبة بمرادفات سهلة التناول، وتكثيف ربط الحقائق وبعض الجمل بمثل عملي بسيط لتكون قريبة من فهم القارئ العام بسهولة وسلاسة. هذه الخطوات البسيطة هي مفتاح تحقيق محتوى أكثر وضوحاً، وتقديم إجابة عملية على سؤال يهمنا جميعاً في حياتنا اليومية.

ذو صلة