مفاجأة في عالم النباتات: البطاطس تعود أصولها إلى الطماطم بحسب دراسة جديدة

3 د
كشفت دراسة حديثة أن البطاطس تعود أصولها إلى الطماطم منذ ملايين السنين.
استخدم الباحثون بيانات جينية للبطاطس البرية والمزروعة لتحديد الأصول المشتركة.
السلالة البرية من البطاطس في تشيلي كانت أولى الخطوات لتطور البطاطس الحالية.
تلعب الاكتشافات الجينية دورًا محوريًا في تحسين جودة المحاصيل الزراعية مستقبلًا.
تشير الدراسة إلى الترابط الوثيق بين النشوء التطوري واللغة.
هل تخيّلت يوماً أن يكون هناك رابط خفي بين البطاطس الشهيرة التي تُزهر أطباقنا يومياً والطماطم الحمراء التي تعطي سلطة الصيف نكهتها المميزة؟ إذا كان الجواب لا، فأنت لست وحدك! دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة "سيل" كشفت عن سر مدهش: البطاطس التي نعرفها اليوم ترجع أصولها القديمة بالفعل إلى الطماطم، وتم ذلك من خلال تزاوج قديم حصل قبل تسعة ملايين عام.
حين نتأمل في الشكل والطعم والرائحة، نجد أن البطاطس والطماطم يحملان اختلافات جذرية. مع ذلك، يحملان خيوطاً وراثية تربط بينهما بشكل مذهل. الباحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية أعلنوا أنهم حلوا أخيراً لغز منشأ البطاطس الذي حيّر علماء النبات سنوات طويلة. عالم الوراثة سانوين هوانغ، أحد المشرفين على الدراسة، أشار إلى أن الحكاية بدأت بسلالة برية من البطاطس في تشيلي تُدعى "إتيوبيروسوم". هذه السلالة، مع كل شبهها بالبطاطس، تفتقر للدرنة الغنية بالنشا التي نعتمد عليها في غذائنا. هنا تماماً جاء دور الطماطم!
هذا الربط الوراثي بين البطاطس والطماطم لا يتوقف عند الشبه الظاهري أو الطعم، بل يدخل في عمق الجينات. من خلال تحليل شامل لـ 450 جينوم بطاطس مزروعة و56 نوعاً برياً من البطاطس، اكتشف الباحثون أن إحدى الجينات الحاسمة (SP6A) انتقلت من سلف الطماطم إلى هذا الهجين القديم، وأعطت النبات التعليمات الوراثية لتخزين الغذاء على هيئة درنة تحت الأرض. في الوقت ذاته، جين آخر (IT1) قادم من البطاطس البرية ساعد في تحويل الساق الموجودة تحت التربة إلى مخزن ممتلئ بالنشا. وهكذا وُلدت البطاطس كما نعرفها اليوم، مزجٌ جيني عجيب أثمر نوعاً غذائياً غير مسبوق. وهذا الربط العميق بين التركيب الوراثي والنشوء التطوري يفتح الباب لفهم أكبر لتطور المحاصيل وتاريخها.
ويزداد الأمر تشويقاً حين نعرف أن الدراسة شملت أكبر مجموعة بيانات جينية للبطاطس البرية تم تحليلها حتى الآن، وذلك بحسب تصريحات زييانغ زانغ – أول مؤلفي البحث من معهد شينزين لعلوم الجينوم. لم يكن من السهل أبداً جمع عينات برية نادرة وصعبة المنال، ما يجعل هذه النتائج محطة رئيسية في معرفة أصول البطاطس وتنوعها الجيني. هذه النقلة المعرفية تساعد العلماء والمزارعين على فهم كيفية ظهور سمات نباتية جديدة بفضل التهجين الطبيعي، وفي نفس الوقت تعزز آمال تحسين جودة الزراعات مستقبلاً.
وتماشياً مع هذا السياق العلمي، نجد جاذبية خاصة للتحولات اللغوية المصاحبة، إذ تكشف القواميس أن كلمة "طماطم" دخلت الإنجليزية في القرن السادس عشر مستعارة من كلمة الناهواتل "توماتل"، في فترة كانت فيها البطاطس قد استُقدمت بالفعل إلى أوروبا وانتشرت بين الناس. المعنى هنا أعمق من مجرد تقارب أسماء؛ هو انعكاس لطريق طويل سلكته هاتان النبتتان من جبال أمريكا اللاتينية إلى موائد العالم. وكأن اللغة نفسها التقطت الإشارة وأعادت تشكيل الكلمات لتظهر "tomato" شبيهة بـ"potato".
من خلال تتبع الخريطة الجينية والنظر في الجذور اللغوية، تتجلى أمامنا قصة تطورية ملهمة تُظهر كيف يمكن لحدث تزاوج قديم أن يحدث ثورة في عالم الغذاء ويؤدي إلى ظهور محاصيل جديدة تغيّر نمط حياة البشر لعصور طويلة. هذا البحث لا يكتفي بالإجابة عن سؤال علمي عالق، بل يذكّرنا أيضاً بمقدار التشابك بين الطبيعة وعملية التطوير البشري واللغوي. ولو أردنا تعزيز حضور هذه القصة في الأذهان، يمكننا أن نجد مرادفات أقوى قادرة على تقريب المعنى أكثر، كأن نستخدم "السلالة الموروثة" بدلاً من "الهجين القديم". ومن المجدي ربط الخاتمة بوضوح مع المستقبل الزراعي، بإضافة جملة تشدد على دور الاكتشافات الوراثية في تحسين جودة المحاصيل وتأمين الغذاء مستقبلاً.