مفاجأة لم تتوقعها: تعرف على أول كائن سافر حول القمر قبل الإنسان!

3 د
المركبة السوفيتية "زوند 5" دارَت حول القمر عام 1968.
أُرسلت السلاحف والديدان والذباب في رحلة الفضاء هذه.
هذا الإنجاز السوفيتي سبق رحلة أبولو 8 التاريخية.
ساهمت السلاحف في إثبات قدرة الكائنات على تحمل السفر الفضائي.
تظل "سلاحف الفضاء" جزءاً مثيراً من تاريخ الاستكشاف الفضائي.
عندما نتحدث عن الفضاء، دائماً ما نتذكر رحلة أبولو التاريخية بقيادة رواد الفضاء الأمريكيين، تلك المهمة التي غيّرت معالم استكشاف الكون للأبد. لكن هل تصدق أن أول كائن تمكّن فعلياً من الدوران حول القمر لم يكن بشراً على الإطلاق، بل كان كائناً آخر غير متوقع؟
في الثامن عشر من سبتمبر عام 1968، تمكنت المركبة السوفيتية "زوند 5" من الوصول والدوران حول جارنا السماوي، القمر، قبل أشهر من رحلة أبولو 8 التاريخية التي أطلقتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا". وإذا كنت تتساءل عمن كان في داخل المركبة السوفيتية، ستُفاجأ بأن المسافرين لم يكونوا رواد فضاء بأزياء رسمية، بل زوج من السلاحف القادمة من سهوب روسيا، برفقة مجموعة صغيرة من الديدان والذباب والبذور. نعم، لقد سبقتنا "سلاحف الفضاء" في واحدة من أغرب قصص الفضاء على الإطلاق.
لماذا تم اختيار السلاحف تحديدا؟
في هذه الفترة من الحرب الباردة، كان التنافس بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية على أشده في سباق الفضاء. فقد كان السوفييت الأوائل عالميا في إطلاق القمر الاصطناعي "سبوتنيك 1" عام 1957، مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتصعيد المنافسة وإنشاء برامج فضائية طموحة مثل مشروع أبولو. لكن بحلول نهاية الستينات، بدأ الاتحاد السوفيتي يعاني من تأخر في تجهيز صواريخه ومركباته، خصوصاً بعد حوادث مأساوية مثل وفاة رائد الفضاء السوفيتي فلاديمير كوماروف، الذي عُرف إعلامياً باسم "الرجل الذي سقط من الفضاء".
لكن الاتحاد السوفيتي، في محاولة لإثبات قدراته الفضائية مرة أخرى، قرر إرسال كائن حي آخر لرفع راية السبق بالوصول إلى مدارات القمر. كان التفكير منصباً على اختيار كائنات صغيرة لا تتطلب إمدادات ضخمة من الغذاء والأكسجين، وهنا جاءت فكرة اختيار السلاحف، كائنات صغيرة قادرة على تحمل الظروف القاسية لفترات معقولة.
وهذا يأخذنا إلى تفاصيل الرحلة التاريخية لـ "سلاحف الفضاء". ففي 2 سبتمبر 1968، وُضعت السلاحف داخل مركبة "زوند 5" دون طعام، خوفاً من التأثير السلبي لما يمكن أن تتناوله من غذاء على البيانات التي سيتم تحليلها بعد عودتهم من الرحلة. وبعد حوالي أسبوعين، في الرابع عشر من سبتمبر، انطلقت هذه المغامرة الجريئة متجهة إلى الفضاء.
الرحلة التاريخية حول القمر
استغرقت المركبة أربعة أيام للوصول والدوران حول القمر قبل الشروع في رحلة العودة الطويلة نحو الأرض. أخيراً، وفي الحادي والعشرين من سبتمبر، هبطت المركبة السوفيتية بنجاح في المحيط الهندي، ومعها المستكشفان الصغيران—لتُسجل هذه السلاحف اسمها كأول كائن حي أبصر القمر من الفضاء بشكل مباشر.
ولعل الأمر المذهل هنا هو أن السلاحف عادت بحالة صحية جيدة نسبياً، على الرغم من خسارتها للوزن خلال هذه الرحلة الفضائية القصيرة لكنها القاسية. لقد أثبتت هذه التجربة أن الكائنات الحية يمكن أن تتحمل السفر عبر الفضاء وتعود سالمة، ما مهد الطريق لرحلات الإنسان العديدة التي جاءت بعدها.
ومن الملاحظ رغم أهمية هذه التجربة الغريبة أن التاريخ ركز اهتمامه على الرحلات الأمريكية التي تلتها. بصراحة، من كان ليتوقع أن السلاحف الهادئة ستكون هي من أخذ الخطوة الأولى الجريئة نحو استكشاف المدارات القمرية؟
واليوم، بعد سنين طويلة من هذا الحدث الفريد، نتذكر بابتسامة وإعجاب هذه الكائنات الصغيرة، التي تغيّرت من مجرد مخلوقات أرضية متواضعة إلى رواد فضاء تاريخيين، مغيرة فهم الإنسان لحدود قدراته وإمكانياته في ارتياد الفضاء.
ربما لم تلق هذه القصة الفريدة اهتماماً كبيراً في كتب التاريخ، لكنها تستحق بكل تأكيد أن تُروى. كما قد يكون من الجدير استبدال بعض المصطلحات المتكررة بمفردات أقوى وأكثر إبداعاً، أو إضافة ربط أوضح إلى السباق الفضائي ككل، لكسب انتباه أكبر للقارئ وتعزيز سير الحكاية. في نهاية المطاف، مع أن الإنسان صعد إلى القمر، فإن سلاحف صغيرة تمكّنت من الدوران حوله قبل أي بشري، مؤكدة لنا مرة أخرى أن الفضاء مليء بكل ما هو مذهل وغريب، وأن الحقيقة كثيراً ما تكون أغرب من الخيال.