ذكاء اصطناعي

مياه الأرض تغير ميل الكوكب: كيف أدى ضخ المياه الجوفية لتحول محور الدوران؟

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ضخ المياه الجوفية أدى لميل محور الأرض بمقدار 80 سنتمترًا تقريبًا.

الدراسة أظهرت تأثير نقل الكتلة المائية من اليابسة إلى المحيطات.

التغير في توزيع الكتلة أدى لارتفاع طفيف في مستوى البحار.

مناطق مثل غرب أمريكا الشمالية وشمال غرب الهند ساهمت بشكل كبير.

الباحثون يربطون نشاط الإنسان بتغيرات المحور وتسارع ارتفاع مستوى البحار.

هل يمكننا تصحيح وضع كوكبنا قبل فوات الأوان؟ سؤال يلوح في أفق البحث العلمي بعد أن كشفت دراسة حديثة أن ضخ المياه الجوفية على مدى أقل من عقدين تسبب في ميل محور الأرض بمقدار 80 سنتمتراً تقريباً. خبر يبدو غريباً للوهلة الأولى، لكنه يحمل خلفه الكثير من الحقائق العلمية المذهلة - بل والمخيفة أحياناً عندما نفكر في عواقب استمرار النزيف المائي من باطن القشرة الأرضية.

الموضوع في سلسة اختلالات المناخ لا ينحصر فقط في ارتفاع درجات الحرارة أو ذوبان الجليد في القطبين، بل يتعداه ليتصل بنقل الكتلة المائية في باطن الكوكب نفسه. دراسة منشورة في مجلة "Geophysical Research Letters" أظهرت أن ضخ حوالي 2,150 مليار طن من المياه الجوفية لصالح الزراعة والاستهلاك البشري بين عامي 1993 و2010 أدى لنزوح المياه إلى المحيطات، مما غير توزيع الكتلة الأرضية ودفع بمحور الدوران لينزاح أكثر من 31 بوصة. هذا الاضطراب البسيط في توزيع المياه يمثل 0.24 بوصة إضافية في مستوى البحار، ما يجعله أحد العوامل الخفية في ظاهرة ارتفاع مستوى المحيطات.


العنوان الرئيسي: كيف تغيّر المياه الجوفية محور كوكبنا؟

ما يثير القلق فعلاً، بحسب الدكتور كي وون سيو، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة سيول الوطنية، هو أن إعادة توزيع المياه الجوفية أصبحت من أكبر المؤثرات المناخية في انحراف محور الأرض. تخيّل الأمر كأنك تضيف وزناً خفيفاً على لعبة البلبل الدوَّار: تدور اللعبة بشكل مختلف عندما تتغير كتلتها، وكوكبنا كذلك. بتعبير أدق، تحويل المياه من أعماق البر إلى المحيطات يشبه تعديل ميزان الغرفة؛ يتأثر الكوكب برمته حتى لو لم يلحظ الإنسان العادي أي تغير بمقاييس الحياة اليومية.

هنا تصبح أهمية فهم هذه الظواهر واضحة: ضخ المياه الجوفية من مناطق في خطوط العرض المتوسطة لها التأثير الأكبر، مما يفسر مساهمة مناطق مثل غرب أمريكا الشمالية وشمال غرب الهند في ميل الأرض الجديد. ومع انتقال المياه من اليابسة إلى السواحل، تغيرت ديناميكية الكتلة الكاملة للأرض، ولو بمقادير صغيرة، إلا أن أثرها تراكمي وعابر للعصور.

ولأن البيانات الجديدة تربط بشكل مباشر بين نشاط الإنسان وتغيرات المحور، يستعد العلماء للعودة بالتاريخ عبر تحليل بيانات قديمة لرصد كيفية تطور هذه الظاهرة وربطها بتسارع ارتفاع منسوب البحار. ولتوضيح الصورة أكثر، كان الباحثون يحللون انتقال المياه منذ نهاية القرن الماضي ليرصدوا بدقة العلاقة بين حركات المحور والتحولات المناخية الكبرى الناتجة أصلاً عن تصرفات الإنسان.

هذا الوعي العلمي الجديد يمنح دعاة حماية المياه والزراعة المستدامة دليلاً مادياً جديداً يدعم جهودهم لوقف ضخ المياه الجوفية المفرط وإيجاد حلول جذرية لمشكلة ندرة المياه والتكيف مع تغير المناخ. فكما يرى الدكتور سيو، يمكن لهذه الدراسات أن تساعدنا في تتبع التحولات الضخمة في تخزين المياه على مستوى القارات، وتمكين صناع القرار من تبني سياسات أشمل للتعامل مع آثار تغير المناخ وتزايد مستويات البحار.

ذو صلة

خاتمة توضيحية تربط الموضوع وتحفزه على التفكير

في النهاية، لم يعد ارتفاع مستوى سطح البحر مسألة ذوبان جليد وحسب، بل تحوّل أيضاً إلى قضية تخص استخدامنا المخطط والرشيد لمصادر المياه العذبة الجوفية. إذا استبدلنا في نصنا كلمة «نزوح المياه» بعبارة أدق مثل «إعادة توزيع الكتلة المائية»، يمكننا أن نمنح القارئ فهماً أوضح لديناميات التغيير. كما أن تضمين جملة تربط بين تغيير محور الأرض وانعكاساته المستقبلية على مناطق السواحل قد يضيق بؤرة الاهتمام ويوضح الصورة. خلاصة القول: كل قطرة ماء نضخها من باطن الأرض تغير قليلاً في ميزان كوكبنا، وهو تذكير جميل بأن أفعالنا الصغيرة قد تصنع في النهاية تغييرات كوكبية كبرى.

ذو صلة