ذكاء اصطناعي

ناسا تكشف: سد الممرات الثلاثة في الصين يغيّر سرعة دوران الأرض!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أظهرت دراسة ناسا أن سد الممرات الثلاثة في الصين يبطئ دوران الأرض طفيفًا.

ناتج عن التجمع الهائل للمياه وتغير الكتلة على سطح الأرض بفعل السد.

السد يسهم في توليد الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري بالصين.

مشاريع البنية التحتية الكبرى تؤثر على الأنظمة البيئية والتنوع الحيوي.

تبين تأثير السدود الضخم على الظواهر الطبيعية كدوران الأرض والتوازن البيئي.

في عالم يمتلئ بمشاريع الهندسة العملاقة، أتى سد الممرات الثلاثة في الصين ليرفع سقف التوقعات بقوة، ليس فقط كمصدر للطاقة المتجددة أو كرمز للقدرات البشرية، بل حتى بتأثيره الدقيق وغير المتوقع على كوكبنا. فقد أظهرت أبحاث حديثة أجرتها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” أن هذا البناء الهائل أحدث بالفعل تغييراً طفيفاً في سرعة دوران الأرض، وذلك نتيجة انتقال كتلة هائلة من المياه داخل بحيرة السد. مشهد يستحق التأمل: كيف تغدو منجزاتنا الضخمة قادرة فعلاً على لمس حركات الأرض نفسها؟

الموضوع ربما يبدو غريباً، لكن دعنا نغوص أكثر في التفاصيل: حين بُني سد الممرات الثلاثة على نهر اليانغتسي، وبدأت ملايين الأطنان من المياه تتجمّع خلفه، حدث أمر لا نلحظه في الحياة اليومية. ببساطة، كتلة الماء المتراكمة غيّرت توزيع الكتلة على سطح الأرض – تخيل الأمر وكأنك تحرك ثقلًا صغيرًا على سطح قرص دوّار ضخم. وبهذا التغير الدقيق، رصدت حسابات ناسا تباطؤًا بسيطًا في سرعة دوران الأرض، وهو أمر ليس محسوسًا لنا كبشر في روتيننا اليومي، لكن في عالم الفيزياء وعلم الجيولوجيا له دلالته.

من هنا، يمكن الربط مع الدور الهائل لمشاريع البنية التحتية في إعادة تشكيل الجغرافيا، لكنها أيضاً تبرز مدى حساسية النظام الكوكبي لأي تغيير في توزيع الكتلة. ويصل حجم التغيير الناجم عن السد إلى أجزاء ضئيلة جداً من الثانية في طول اليوم الواحد – لكنها تبقى حقيقية وقابلة للرصد بأجهزة دقيقة. ما يثير التأمل هنا هو كيف أن ابتكاراً هندسياً وبيئياً بهذا الحجم يتجاوز حدود نظرتنا المعتادة لآثار السدود، من توليد الكهرباء وتحسين الملاحة إلى التأثير على ظواهر طبيعية بحجم دوران الأرض.


التأثير البيئي والاستدامة: معادلة دقيقة

وإذا فتحنا الباب للحديث عن الطاقة، يتصدر سد الممرات الثلاثة قائمة محطات الطاقة الكهرومائية الأضخم في العالم، ويضخ في الشبكة الوطنية الصينية طاقة متجددة هائلة تساهم فعلياً في الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل انبعاث الغازات الدفيئة. لكن بجانب ما سبق، تبرز تحديات بيئية تحتاج دوماً إلى توازن وحذر: فمثل هذه المشاريع على مستوى واسع قد تؤثر على الأنظمة البيئية المحلية، تضغط على التنوع الحيوي وتسهم في تغيّر منسوب المياه والتربة. الربط بين قدرة الإنسان على الابتكار العلمي وبين ضرورة مراعاة الاتزان البيئي يظل نقطة حوار أساسية في عالمنا اليوم.

ذو صلة

هذه النتائج تذكرنا أن كل تدخل بشري واسع النطاق في النظام الطبيعي – سواء كان في مجال الهندسة، توليد الطاقة، أو حتى مشاريع إدارة الموارد المائية – قد يحمل في طياته تأثيرات غير مباشرة؛ أحياناً دقيقة وأحياناً عميقة، تمتد من البيئة المحيطة إلى آليات عمل الكوكب نفسه. في كل الأحوال، تصبح الحاجة ملحة لأن ترعى الابتكارات الهندسية الضخمة مفهوماً أعمق للمسؤولية البيئية، وأن تتزامن التنمية مع فهم ووعي لتبعات العلم والتكنولوجيا على الطبيعة والأنظمة الحيوية.

ولا تتوقف أهمية أبحاث ناسا عند رصد الأثر الفيزيائي فقط، بل تعكس أيضاً بوصلة حقيقية نحو مستقبل يعتمد على دراسات مُعمّقة للتخطيط البيئي وهندسة الكوكب. وقد يكون من المناسب هنا أن نفكر في إضافة مصطلحات مثل “توازن الكتلة الأرضية” أو “التأثيرات التراكمية للمشاريع الكبرى” لتقوية الرسالة، أو حتى تضييق تركيز القضية حول آليات مراقبة تأثير الإنسان على الكوكب لمزيد من الوضوح. ومع كل ذلك، يظل سد الممرات الثلاثة مثالاً على قوتنا كمجتمعات حديثة، وخطوة تذكير بمدى ارتباط الابتكار بحس المسؤولية الكونية.

ذو صلة