نرويج تخفي معبدًا غامضًا 2800 عام… والانهيار الأرضي يفضح السر!

3 د
تم اكتشاف موقع عبادة نرويجي مدفون منذ 2800 عام بفعل الانهيار الأرضي.
احتوى الموقع على بيوت طويلة ومدافن حجرية وأحجار منقوشة تعود للعصر البرونزي.
ظهر الموقع بالصدفة خلال توسعة طريق سريع، محافظًا عليه الطين لقرون.
توضح الاكتشافات علاقة التقاليد الروحية بالهندسة المعمارية في تلك الحقبة.
يتوقع العلماء أن وادي جولدال يخفي المزيد من الأسرار التاريخية تحت التراب.
في واحدة من أكثر الاكتشافات الأثرية إثارةً في النرويج الحديثة، تمكن علماء الآثار أخيراً من رفع الستار عن موقع عبادة قديم بقي مخفياً تحت طبقات سميكة من الطين لما يقارب الثلاثة آلاف عام. هذا الموقع، الذي يقع في وادي نهر جولدال وسط النرويج، ضم مجموعة مذهلة من البيوت الطويلة، ومدافن حجرية، وأحجار منقوشة يُعتقد أن لها علاقة بطقوس روحية تعود للعصر البرونزي.
المشهد الذي كان مخفياً طوال هذه القرون ظهر للسطح بالصدفة خلال أعمال توسعة لطريق سريع جديد. عمليات الحفر كشفت عن آثار نشاط بشري يعود، بحسب تقدير العلماء، إلى فترة بين عامي 1000 قبل الميلاد و800 قبل الميلاد. وقد لعب الانهيار الأرضي الهائل، الذي غطى المكان حتى عمق ثلاثة أمتار بالطين، دور الحارس الأمين الذي أبقى أسراره إلى اليوم.
وهذا الاكتشاف البالِغ الأهمية قاد فريق العمل إلى إعادة النظر في طبيعة الحياة الدينية والمعمارية آنذاك.
تفاصيل الموقع: بيوت طويلة وأحجار تعبق بالرموز
ركزت الحفريات على منطقتين رئيسيتين، كان يُهيمن على كل منهما بيت طويل يتراوح طوله بين عشرة واثني عشر متراً. إلى جانب هذه البيوت الكبيرة، عثر الباحثون على تلال دفن وبقايا هياكل حجرية يُرجح أنها استخدمت في طقوس الدفن أو الشعائر الروحية. ومن اللافت غياب الدلائل التي تشير إلى وجود مستوطنة ثابتة، إذ بدت كل الشواهد مرتبطة بأنشطة احتفالية وممارسة طقوس خاصة أكثر من كونها لحياة يومية اعتيادية.
ويُعزز هذه الفرضية العثور على عدة أحجار منقوشة، بعضها مزخرف برسوم أقدام بشرية، فيما عُثر على أحدها مخفياً بعناية وسط مجموعة من الحجارة الصغيرة في طرف أحد البيوت: حجر صغير الحجم لا يتعدى طوله عشرين سنتيمتراً، يحمل على وجهه الأول رسماً لشخص يحمل قوساً وسهاماً وبجانبه كلب، بينما يحمل على وجهه الآخر رسماً لسفينة وشخص غامض. حسب تصريح رئيسة فريق الحفر هانِه برين، فإن وجود مثل هذه الأحجار المحمولة في أرض الموقع الأصلية يُعدّ اكتشافاً استثنائياً ونادراً بكل المقاييس.
هذا ارتبط بنوع الطقوس التي ربما كان السكان يُقيمونها في تلك الفترة، خاصة مع إمكانية حمل تلك الأحجار في الجيب، وربما استخدامها كرموز سحرية أو تذكارية مصاحبة للأفراد في رحلاتهم أو طقوسهم الدينية.
أسرار المدافن وطقوس العصر البرونزي
وجود بقايا عظام بشرية أكد أن الموقع لم يكن منطقة عبور عابرة، بل شكّل، على الأرجح، مركز عبادة هاماً يخدم أهل المنطقة وما حولها. المدافن توزعت بين قبور مغطاة بالحجارة وتجمعات حجرية شكلت تلالاً، في حين أظهرت بعض الحفر آثار نار استخدمت لصهر البرونز داخل طقوس شعائرية وليس لأغراض المعيشة التقليدية.
وهذا الربط بين تفاصيل المعمار وطرائق الدفن والرموز المنقوشة يعكس تشابك المعتقدات الروحية والاجتماعية في تلك الحقبة، ويوضح كيف ارتبطت التقنيات البرونزية بالأبعاد التعبدية.
اكتشافات مستمرة: هل هناك المزيد من الأسرار المدفونة؟
الملفت أن الموقع الأثري الذي تم فتحه حديثاً قد يكون مجرد البداية، حيث يتوقع العلماء وجود المزيد من الرسوم والنُقوش المخفية في الأراضي المجاورة للمنطقة التي تم فحصها ميدانياً حتى الآن. تُشير هذه المؤشرات إلى أن وادي جولدال كان يشكل في العصر البرونزي مشهداً كاملاً من النشاط البشري والروحاني والثقافي الذي ما يزال تحت التراب في انتظار الاكتشاف.
من خلال هذا الربط بين التاريخ المنسي والإنسان الحديث، تبرز أهمية البحوث الأثرية في اكتشاف أسرار الحضارات القديمة وإحياء العوالم التي ظلت راقدة تحت أقدامنا لآلاف السنين.
ما بين الانهيار الأرضي وعزلة الوادي، وجد التاريخ طريقه للخروج إلى النور، مانحاً العالم لمحة مثيرة عن تكوين المجتمع، وممارساته الروحية، وحسه الرمزي في قلب النرويج القديمة. ويظل السؤال معلقاً: كم من الكنوز التاريخية مازالت تنتظر دورها للظهور بعد قرون من السكون؟