ذكاء اصطناعي

نيورالينك تبحر نحو مستقبل الرؤية: “العين الذكية” تمنح الأمل للمكفوفين

محمد كمال
محمد كمال

4 د

أعلنت نيورالينك عن تطوير "عين بيونيكية ذكية" لإعادة البصر للمكفوفين.

تعمل التقنية عبر نظارات مزوّدة بكاميرات وشريحة تُحفز قشرة الدماغ مباشرة.

بدأت التجارب السريرية في كاليفورنيا، تستهدف حالات محددة من فقدان البصر.

حصل المشروع على تصنيف "الجهاز الثوري" من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

توقعات برؤية أولية مبسطة قابلة للتطوير لرؤية موجات أشعة مختلفة مستقبلًا.

في مشهد علمي مذهل، أعلنت شركة نيورالينك المملوكة لإيلون ماسك عن شراكة مع جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا وفِرق بحثية إسبانية لتطوير "عين بيونيكية ذكية" تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بهدف إعادة البصر للمكفوفين. المشروع الواعد يربط بين أجهزة زرع دماغية دقيقة وتقنيات تعلم آلي حديثة، في خطوة قد تغيّر حياة الملايين حول العالم.


كيف تعمل العين البيونيكية الجديدة؟

تبدأ التقنية بعدسات نظارة أو أجهزة قابلة للارتداء مزوّدة بكاميرات رقمية صغيرة، تلتقط المشاهد حول المستخدم. هذه البيانات البصرية تصنَّف وتُعالج بشكل فوري عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ثم تُرسل لاسلكيًا إلى شريحة ذكية "نيورالينك N1" مزروعة مباشرة في قشرة الدماغ المسؤولة عن معالجة الرؤية. وهنا يحدث السحر: تقوم الشريحة بتحويل الصور الرقمية إلى نبضات كهربائية مصممة بعناية لتحفيز الخلايا العصبية في مركز الرؤية، مُلتفّة بذلك على أي تلف في العين أو الأعصاب البصرية. هذا النهج يُعد قفزة حقيقية تتجاوز تقنيات الأطراف الاصطناعية الشبكية التقليدية، التي غالبًا ما تقتصر على تعويض الأجزاء المتضررة من العين فقط.

ولا تقتصر روعة الابتكار على أسلوب التحفيز، بل يشمل النظام أيضا تقنيات التصنيع المصغرة الخاصة بنيورالينك، ودمج أساليب "الأوبتوجينيتيك" لتحاكي تجارب الرؤية الطبيعية قدر الإمكان. تعدد التعابير هنا بين زرع الدماغ، العدسات الذكية، الرقائق البيولوجية والذكاء الاصطناعي يعزز ترابط المعاني وتكامل التقنية ضمن منظومة متكاملة.

هذا التطور اللافت يدفعنا لاستعراض خطوات البحث السريرية، والعقبات المحتملة، وما يحمله المستقبل من وعود وربما تحديات.


في قلب التجارب السريرية: أين وصل المشروع؟

حالياً، لا تزال الدراسة في مراحلها الأولى. انطلقت عملية تسجيل المشاركين في التجارب السريرية ضمن جامعة كاليفورنيا، مع اقتصار الدعوات على حالات محددة حتى الآن. ومع أن المشروع أُعلن عنه رسميًا في يوليو 2025، إلا أن زرع العين الذكية لم يجر بعد على البشر لأغراض البصر – فكل زراعة سابقة لنيورالينك كانت تركز فقط على مساعدة مرضى الشلل.

ومن خلال الخطوات التجريبية الراهنة، تستعد فرق البحث لإجراء تقييمات مكثفة على العين الإلكترونية وقت توفر المشاركين، لضمان أعلى درجات الأمان والفعالية. وهنا يبرز الدور المحوري للرقاقة الدماغية، والتواصل اللاسلكي، والمحاكاة العصبية في رسم معالم المسار السريرية.

وهذا يلفت الانتباه إلى الخطوات التنظيمية والمستقبل التجاري المرجو من هذا الابتكار.


الاعتماد التنظيمي والطموحات المالية

حصد مشروع "بليندسايت" (Blindsight) الخاص بنيورالينك للمرة الأولى تصنيف "الجهاز الثوري" من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في سبتمبر 2024، وهو تصنيف يفتح الباب أمام تسريع الموافقات والدعم الفني لضمان تطور التقنيات الفارقة لعلاج الأمراض المزمنة. بفضل هذا الاعتماد، يمكن للفريق العلمي خوض مراحل التقييم السريري بوتيرة أسرع – شرط مواصلة الالتزام بالمعايير الصارمة المفروضة على الأجهزة الدماغية.

ورغم أن أقل من عشرة أشخاص حول العالم خضعوا حتى اليوم لأية زراعة شرائح نيورالينك (وكلهم لعلاج الشلل وليس فقدان البصر)، تعتزم الشركة تأسيس عيادات ضخمة تُجري عشرات آلاف الجراحات سنويًا بحلول 2031، مع توقعات بعائدات سنوية قد تصل مليار دولار في حال نجاح التقنية وانتشارها على نطاق واسع. تبقى هذه الأرقام رهينة باجتياز مزيد من اختبارات الأمان والفعالية، وموافقة الجهات الصحية التنظيمية النهائية.

ومن هنا ننتقل إلى توقعات جودة الرؤية التي ستتيحها العين البيونيكية، وحدودها التقنية القائمة.


هل نقترب من رؤية خارقة أم لا تزال الأحلام مؤجَّلة؟

يتوقع إيلون ماسك أن الرؤية الأولى التي سيحصل عليها المستخدم لن تكون مثالية بل ستُشبه الجودة الأولية لألعاب الفيديو القديمة – صور مبكسلة وقدرة محدودة على تمييز التفاصيل. هذه التوقعات تتفق مع آراء باحثين مستقلين في جامعة واشنطن، الذين أوضحوا أنه حتى مع زيادة دقة مصفوفات الأقطاب، ستظل مستويات فقدان المعلومات البصرية كبيرة مقارنة بالبصر الطبيعي. أي أن الرؤية الأولية ستكون وظيفية – تمكن الشخص من المشي أو التعرف على الأشياء العامة – لكنها بعيدة عن مستوى التفاصيل الدقيقة.

ذو صلة

مع ذلك، لا يكف ماسك عن التفاؤل، بل يلمّح إلى إمكانية تطوير العين البيونيكية مستقبلاً بحيث تتخطى قدرة البشر الطبيعية، فتسمح مثلًا برؤية الأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية – وربما حتى "التقاط" موجات الرادار. إلا أن مختبرات البحث تؤكد أن مثل هذه التصريحات تظل حتى الآن ضمن دائرة الاحتمالات النظرية، فجودة الرؤية العالية عبر تحفيز الدماغ اصطناعياً ما تزال تحديًا عصيًّا على الإنجاز بسبب قيود التقنية والأقطاب الحالية.

وبينما يبقى الطريق طويلاً قبل ملامسة الكمال، فإن رحلة نيورالينك نحو العين الذكية ترسم أفقًا جديدًا وتجعل من المستحيل اليوم مشروعًا للغد. ولعل مراجعة المصطلحات المستخدمة – مثل توظيف "العين الإلكترونية" في سياق الشرح التقني – يثري النص ويضيف وحدة دلالية أعمق. كما أن إبراز السياق الاجتماعي للطموحات التجارية أو صياغة جملة ختامية تربط بين الأحلام والواقع، يعمق الانطباع ويشجع القارئ على متابعة التطورات القادمة بشغف متجدد.

ذو صلة