ذكاء اصطناعي

هل تعود الدلافين والحيتان الى اليابسة مجدداً!؟ العلماء يعلنون الوصول الى نقطة اللاعودة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

الدلافين والحيتان القاتلة تطورت إلى كائنات مائية بالكامل، فلا تستطيع العودة إلى اليابسة.

الدراسة تؤكد التغيرات التشريحية التي تجعل عودتها للبر مستحيلة.

التكيف البيئي الشديد يكسبها سمات فريدة ولكنه يزيد حساسيتها تجاه التغيرات البيئية.

العلماء يحذرون من أثر التغير المناخي وتلوث المحيطات على هذه الكائنات.

الحفاظ على النظام البيئي البحري أصبح ضرورة ملحة لحماية هذه الثدييات المائية.

هل تساءلت يوماً لماذا لا تعود الدلافين والحيتان القاتلة (الأوركا) إلى اليابسة؟ المفارقة أنها نشأت أصلاً من كائنات برية، لكنها اليوم أصبحت مخلوقات مائية بالكامل لا يمكنها العودة إلى الحياة البرية، بحسب دراسة علمية حديثة أشرف عليها باحثون في جامعة فريبورغ بسويسرا.

نشر مؤخراً ضمن مجلة "Proceedings of the Royal Society B" دراسة موسّعة كشف فيها فريق الباحثة برونا فارينا تطورات هائلة حصلت خلال ملايين السنوات في أجسام هذه الكائنات البحرية، والتي باتت اليوم تجعل عودتها إلى اليابسة مستحيلة تماماً.


الطريق إلى البحر: رحلة تطورية بلا عودة

أوضحت الدراسة أن الدلافين والحيتان القاتلة كانت قبل ملايين السنين تنتمي إلى كائنات شبه مائية يمكنها العيش على اليابسة والماء معاً. لكن مع مرور الزمن، تطورت بيولوجياً لدرجة أنها خسرت بشكل نهائي القدرة على العودة للحياة البرية. وتكمن الصعوبة الأساسية هنا بأن الانتقال من نمط حياة شبه مائي إلى حياة مائية بالكامل هو تغيير جذري لا يمكن عكسه بحسب القانون المعروف بـ"قانون دولو" (Dollo's law)، والذي يوضح أنه عندما يُفقد كائن ما خاصية معقدة بشكل كامل، يصبح احتمال استعادتها من جديد في أجيال لاحقة شبه مستحيل.

وهنا يأتي السؤال المهم، لماذا فقدت هذه الحيوانات كل الإمكانية للعودة إلى البر؟

والإجابة يكشفها البحث عبر دراسة مكثفة لأكثر من 5600 نوع من الثدييات، مؤكداً أن التغيرات التشريحية والوظيفية التي اكتسبتها الحيتان والدلافين، مثل تحوّل الأطراف إلى زعانف قوية والذيل إلى أداة دفع مذهلة، أصبحت غير قابلة للتغير. يضاف إلى ذلك قدرة أجساد هذه الحيوانات الكبيرة الحجم على الاحتفاظ بالحرارة في المياه الباردة، وتطور نظام تغذيتها، كما أن ولادتها أصبحت بالكامل تتم بشكل مائي.

وبما أن هذه الكائنات فقدت صفاتها البرية، ظهر التحدي الجديد حول قدرتها على مواجهة التحولات البيئية المفاجئة في المستقبل.

وهذا تحديداً ما يقودنا للفهم العميق للعلاقة بين التكيف المدهش لهذه الكائنات في محيطاتها والتهديدات البيئية المستجدة.


التكيف الاستثنائي والتحديات المستقبلية

رغم أن هذه المخلوقات تعتبر من أفضل الصيادين في أعماق المحيط، إلا أن الدراسة تحذر من أن هذه السمات نفسها — التي تجعل الدلافين والحيتان القاتلة من أنجح كائنات المحيط المفترسة — قد تتحول لمشكلة ضخمة مع الوقت. فالتكيف الشديد مع موطن محدد يؤدي إلى حساسية عالية تجاه أي تغير بسيط يطرأ على البيئة البحرية. وقد يعني ذلك خطراً كبيراً إذا ازداد تلوث المحيطات أو تعمقت أزمة التغير المناخي أو قلّ الغذاء والشُّعب المرجانية اللازمة لبقائها.

الأبحاث الحديثة تقلق العلماء، إذ تؤكد بأنه لو أصبحت الظروف البحرية مناخياً أو بيئياً أكثر قسوة أو تغيّرت بشكل حاد، فإن هذه الكائنات لن يكون لديها مرونة كافية تمكنها من التأقلم بسهولة.

وخلاصة القول أننا أمام كائنات بلغت قمة تخصصها البيئي، لكنها أمام خطورة كبيرة تتطلب التحرك سريعاً للحفاظ على النظام البيئي البحري بشكل شامل.

ذو صلة

ومن هنا يتضح الرابط بين هذه الدراسة وبين التحذيرات البيئية العالمية المتزايدة بشأن تغير المناخ وحماية المحيطات.

ختاماً، في ضوء هذه المعطيات العلمية المتطورة، يحتاج العلماء وصنّاع القرار لتعزيز جهود الحفاظ على النظم البحرية وصقل المبادرات الهادفة لحماية هذه المخلوقات الرائعة، فالتكيف الكبير للدلافين والأوركا يجعل منها كنزاً بيولوجياً نادراً، لكنه أيضاً يعزز واجبنا تجاه الحفاظ على صحة المحيطات واستقرارها، فهي الآن موطنهم الأبدي الذي لا عودة منه.

ذو صلة