ذكاء اصطناعي

هل تُخفي آبل تراجعها التقني خلف قناع الفكاهة؟ تأملات في عروضها الجديدة بين الابتكار والكوميديا

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

حاولت آبل استخدام الفكاهة في مؤتمرها بدلًا من التقنيات الجديدة المبتكرة.

اجهت الشركة انتقادات بأن المزاح محاولة لإخفاء قلة الابتكار في الذكاء الاصطناعي.

شخصيات مثل كريغ فيديريغي أشعلت الحدث لكن أثارت تساؤلات حول جدية الشركة.

الاعتماد المفرط على المرح قد يضر بسمعة آبل في مواجهة المنافسة الشرسة.

المستقبل يتطلب من آبل التركيز على تقنيات جادة وفريدة بدلاً من المزاح اللافت.

عندما يجتمع العالم التقني كل عام لمتابعة مؤتمر آبل السنوي للمطورين "WWDC"، يتوقعون إعلانات ثورية وتقنيات جديدة مثيرة. لكن ما حصل هذا العام كان مختلفًا بعض الشيء؛ فبدلاً من الانبهار بالتقنيات الجديدة، وجد جمهور آبل نفسه أمام عرض من النكات والدعابة من قِبل كريغ فيديريغي، أحد كبار مسؤولي الشركة، في مشاهد وصفها كثيرون بعبارة «كثير من الإحراج، قليل من الابتكار».

وليس من الغريب أن يحاول البعض إدخال الفكاهة في كلماتهم وخطاباتهم، فهذا أمر طبيعي ومحبب أحياناً لكسر الروتين، ولكن يبدو أن آبل أخذت هذا النهج لمنطقة مختلفة تماماً. فالملاحظ أن توقيت هذه الدعابات والحركات "الكوميدية" الغريبة يأتي في أوقات تواجه فيها الشركة تساؤلات صعبة حول قدراتها في مجالات ذات منافسة عالية مثل الذكاء الاصطناعي.

ويبدو بالفعل أن الشركة التي اشتهرت برقّي عروضها وأناقة تفاصيلها، اختارت أسلوب المزاح المفرط كوسيلة ذكية للهرب من مواجهة الأسئلة الجوهرية. ففي مؤتمر إطلاق آيفون 15 على سبيل المثال، شاهدنا حوارًا مملًا بين المدير التنفيذي تيم كوك وشخصية تجسد "الطبيعة الأم"، وهو مشهد بدا مفتعلاً بعض الشيء هدفه الأساسي إشغال الجمهور وإضفاء نوع من المرح الخفيف في غياب أي مزايا استثنائية حقيقية للجهاز الجديد.

لكن هل المزاح وإلقاء النكات كافٍ للتغطية على تراجع آبل التقني؟ قد يكون هذا السؤال هو الأهم، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي الذي تسيطر عليه شركات مثل غوغل وميتا ومايكروسوفت. آبل، التي اعتادت أن تسبق الآخرين في الابتكار والريادة، تبدو اليوم متأخرة في هذا المجال، وسط تسريبات إعلامية تؤكد تأخر إصداراتها المتعلقة بـ "ذكاء آبل"، وأن المستخدمين لن يروا ميزات الذكاء المتقدمة الخاصة بالشركة حتى عام 2026 على الأقل.

ومع أن شخصية كريغ فيديريغي المرحة تضفي جوًا مختلفًا وتجذب فئة معينة من متابعي المؤتمر، إلا أنها في الوقت نفسه تعكس واقعًا مقلقًا: وهو اعتماد الشركة على أسلوب المراوغة الفكاهية كبديل عن العرض الصريح لإمكانياتها التقنية الحقيقية. ولا شك أن لجوء آبل إلى هذا المستوى من المزاح المبالغ فيه خلال حدث كان الجمهور فيه ينتظر أفكارًا خلاقة وجديدة، أثار استياء بعض الفئات، خصوصاً الفئة الشابة التي تسعى إليها الشركة كشريحة أساسية من المستهلكين.

ذو صلة

هذا الأمر يعيد للأذهان مواقف آبل الأخيرة، والمتمثلة في إعلانات وحركات ترويجية لا تتوافق تماماً مع الصورة التقليدية للشركة. فهل هذه السلوكيات المرحة استراتيجية متعمدة تهدف لصرف انتباه المستهلكين عن تأخر آبل في تبني تقنيات متقدمة، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي؟
المسألة أصبحت الآن واضحة؛ الدعابة اللطيفة قد تكون ممتازة في وقتها الإيجابي، لكن الاعتماد عليها بشكل مفرط يوشك أن يصبح سلاحًا ذا حدّين، وقد يتسبب في إيصال رسالة سلبية للجمهور بأن الشركة تعاني فعلاً من نقص حاد في المحتوى التقني الجاد.

وفي النهاية، يبقى أمام آبل خيارات عديدة لتحسين أسلوبها في تقديم الأحداث المستقبلية، من بينها الحد من الاعتماد على الدعابة المفرطة والاهتمام بتقديم تفاصيل أكثر دقة وعمقاً تقنياً، بالإضافة إلى معالجة تأخرها الواضح في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدلاً من محاولة إخفائه خلف حجاب الفكاهة. فالسوق العالمي لا يرحم، والمنافسة التقنية تحتاج تركيزًا أكثر وإضاعة وقت أقل على "النكات الأبوية" و"خفة الظل" المفتعلة.

ذو صلة