ذكاء اصطناعي

هل كان المريخ صالحاً للحياة من قبل؟ تحليلات مريخية تكشف عناصر الماء والحديد والمغنيسيوم في التربة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

"بيرسيفيرانس" تحاول كشف أسرار صخرة "متمردة" على المريخ لفهم تاريخه القديم.

تستخدم مركبة ناسا أدوات متقدمة لتحليل صخور المريخ والبحث عن معادن نادرة.

تحليل الصخور يدل على وجود معادن طينية تدعم فرضية المياه السائلة سابقًا على المريخ.

يُجري العلماء التجارب في "حفرة جيزيرو"، موقع يُعتقد أنه احتفظ بأدلة جيولوجية عن الحياة القديمة.

ظهرت اقتراحات بتخفيض ميزانية مشاريع جلب عينات المريخ رغم أهميتها للبحث العلمي.

تخيل أنك الآن بجانب مركبة الفضاء "بيرسيفيرانس" على سطح المريخ، تراقب كيف تكافح هذه المركبة المتقدمة بنشاط مع صخرة غريبة، وُصفت بـ "متمردة وغير متعاونة"، بهدف فك أسرار كوكب المريخ ومعرفة ما إذا كانت الحياة قد وجدت طريقها هناك قبل مليارات السنين.

بدأت المركبة التابعة لوكالة ناسا باستخدام أداة خاصة لتقشير الطبقة الخارجية لصخرة أُطلق عليها اسم "كينمور" على سطح الكوكب الأحمر، بهدف الكشف عن المكونات المعدنية المخفية بداخلها. تتيح هذه العملية للعلماء فرصة نادرة لدراسة صخور لم تتأثر بالرياح المريخية ولا بالإشعاعات أو الغبار على مدار ملايين السنوات.

ولكن الأمر لم يكن سهلاً، وفقاً لما قاله كين فارلي، نائب العالم المسؤول عن المهمة، حين أوضح بأن الصخرة "كينمور" ظهرت في البداية وكأنها عادية ومثالية، ولكن عند البدء في عملية الاحتكاك والجلخ، بدأت بالاهتزاز بشكل غير متوقع، مما أدى إلى كسر قطع صغيرة من سطحها. وأضاف فارلي: "لكن رغم الصعوبات، نجحنا في الوصول لعمق كافٍ لإجراء تحليلاتنا العلمية".


من طحن الصخور إلى اكتشاف المعادن النادرة

هذه المرحلة الجديدة من استكشاف المريخ تمثل تحولاً واضحاً في مهمة بيرسيفيرانس من مجرد أخذ عينات سطحية إلى إجراء دراسات متقدمة لمكونات الصخور بشكل دقيق. تستخدم المركبة تقنيتين جديدتين، حيث تعتمد على رأس حفر متقدم وأداة تنظيف بالنيتروجين، لضمان دراسة مواد نقية وخالية من الشوائب. تقنيات حديثة تختلف عن وسائل المركبات السابقة التي كانت تستخدم فرشاة بسيطة لتنظيف السطح بعد الحفر.

وبمجرد انتهاء عملية الاحتكاك، تبدأ المركبة استخدام أدواتها العلمية المتطورة لفحص تركيبة الصخور. منها جهاز "واتسون" الذي يلتقط صوراً دقيقة وأداة "سوبركام" التي تستخدم الليزر لكشف التركيب الكيميائي للصخور والمعادن الموجودة في داخلها.

وقد كشفت التحليلات إلى الآن عن وجود معادن طينية تحتوي على جزيئات ماء مرتبطة بعناصر مثل الحديد والمغنيسيوم، مما يدعم فرضية أن المريخ كان سابقاً يحتوي على كميات من الماء السائل. كما تم العثور بشكل مفاجئ على معدن الفلدسبار الموجود عادة على الأرض والقمر وباقي الأجرام الصخرية الأخرى، بالإضافة لأول مرة على اكتشاف هيدروكسيد المنغنيز النادر.

وتعتبر هذه النتائج خطوة هامة للغاية، لأن المعرفة الدقيقة التي يُحصّلها العلماء اليوم من هذه الصخور، ستساعد في المستقبل لاختيار مواقع الهبوط وتحديد إمكانية استخدام المواد المحلية كمصادر للمياه أو الأوكسجين أو حتى كمواد بناء لمساكن رواد الفضاء على المريخ.


لماذا تم اختيار حفرة جيزيرو؟

تجري هذه التجارب والتحليلات في "حفرة جيزيرو"، وهي حفرة مريخية قطرها حوالي 45 كيلومتراً، يُعتقد أنها كانت في الماضي بحيرة كبرى تشكلت حولها ممرات مائية وأنهار. هذه الحفرة تعتبر مكاناً استراتيجياً فريداً، لأنها تحتفظ بأدلة جيولوجية دقيقة جداً عن الماضي المائي لكوكب المريخ، ما يجعلها الموقع الأمثل للبحث عن أية أدلة محتملة على وجود حياة قديمة على سطح المريخ، والمعروفة باسم "البصمات الحيوية".

ذو صلة

وعلى الرغم من أهمية مشاريع جلب عينات المريخ إلى الأرض، فقد ظهرت مؤخراً اقتراحات بتخفيض ميزانيتها أو إلغائها، وهي قضية يترقب العلماء والمهتمون ببحوث الفضاء تطوراتها بقلق شديد.

في النهاية، يمكن القول إن ما يحدث حالياً على سطح الكوكب الأحمر من تجارب واكتشافات، يفتح أمامنا نافذة فريدة لفهم تاريخ المريخ بشكل أعمق، وربما تقييم فرص الحياة على سطح كوكب غير الأرض. بإمكان الباحثين والمهتمين في ناسا تحسين وضوح الرسائل الموجهة للجمهور عبر استخدام مصطلحات أبسط تفسر الأدوات والعمليات بشكل أفضل، وربط الاكتشافات العلمية المثيرة بشكل سلس ومفهوم أكثر للقراء غير المتخصصين، حتى تظل القصة بمجملها جذابة وواضحة لكل من يتابع هذه المغامرة الفضائية الرائعة على الكوكب الأحمر.

ذو صلة