هل نشهد تغير ثوري في عالم الطاقة!؟ استخدام وقود الإندماج النووي “تجارياً” لأول مرة!

3 د
نجحت "أسترال سيستمز" في إنتاج التريتيوم تجاريًا لأول مرة بالتعاون مع جامعة بريستول.
تستخدم التقنية نهجًا جديدًا يجمع بين الاندماج اللاتيسي والكهروستاتيكي للحصول على وقود أكثر كثافة.
الإنجاز يفتح المجال لاستخدامات طبية وتجارية مثل النظائر المشعة والطاقات الهجينة.
تقنية "بطانية الليثيوم" تساهم في إنتاج التريتيوم وإدارة الحرارة بكفاءة عالية.
تركز الشركة على تطبيق الطاقة النظيفة وتسليم مفاعلات MSF بحلول عام 2025.
نجحت "أسترال سيستمز"، الشركة البريطانية الناشئة بالتعاون مع جامعة بريستول، في تحقيق خطوة تاريخية تمثلت في إنتاج مادة التريتيوم - وقود أساسي للاندماج النووي - على مستوى تجاري لأول مرة. ويأتي هذا الإنجاز ليعالج واحدة من كبرى التحديات التي كانت تقف عائقاً أمام تطوير طاقة الاندماج، وهي توفير وقود تريتيوم بشكل مستدام وفعال اقتصادياً.
تعد تقنية "أسترال" المعروفة بـ"الاندماج متعدد الحالات" (Multi-State Fusion أو MSF) واحدة من التقنيات الثورية الجديدة، التي تعتمد على الجمع بين اندماج الحالة الصلبة (اللاتيسي) الذي أثبتته ناسا في السابق، والتقنية التقليدية المعروفة بـ"الاحتواء الكهروستاتيكي"، مما يحقق كثافة وقود في الحالة الصلبة أعلى بأربعمائة مليون مرة من كثافة الوقود في حالة البلازما العادية.
إن المفاعل التجريبي الجديد استطاع الوصول إلى معدل مذهل بلغ أكثر من تريليون عملية اندماج ديوتيريوم-تريتيوم في الثانية، مما يضع هذا المشروع على الطريق الصحيح نحو إنتاج الطاقة النظيفة بشكل تجاري ومستدام.
تقدم سريع في التطبيقات الطبية والتجارية
لا يقتصر إنجاز "أسترال" على الجانب البحثي فقط، بل يمتد إلى تطبيقات مباشرة وقريبة المدى، أبرزها إنتاج النظائر المشعة المستخدمة في الطب النووي لتشخيص وعلاج السرطان. كما فتحت هذه التقنية المجال أمام استخدامات طموحة من قبيل تقليل النفايات النووية، وتوظيف أنظمة طاقة هجينة تدمج ما بين الاندماج والانشطار النووي، وحتى في دفع واستكشاف المركبات الفضائية. مع تمويل جديد بلغ حوالي 5.3 مليون يورو بدعم من مستثمرين بارزين مثل "سبيد إنفست" و"بلايفير"، تخطط الشركة لتسليم نماذج مفاعلات MSF للمستثمرين والعملاء مع نهاية العام 2025، مستهدفة في المرحلة الأولى قطاع الطب النووي الذي تقدر قيمته بحوالي 15 مليار دولار.
كيف تنتج أسترال مادة تريتيوم المهمة للطاقة النووية؟
لجعل اندماج التريتيوم ممكناً اقتصادياً وعملياً، استخدمت "أسترال" تقنية "بطانية الليثيوم" (Lithium Breeder Blanket)، وهو نظام ضروري مصمم لأداء وظيفتين أساسيتين: توليد وإنتاج مادة التريتيوم من جهة، والتعامل مع الحرارة المرتفعة الناتجة من تفاعلات الاندماج من جهة أخرى. فعندما تصطدم النيوترونات الناتجة عن الاندماج بذرات الليثيوم الموجودة في هذه البطانية، فإنها تحفز ردود فعل نووية تؤدي لإنتاج التريتيوم. هذه العملية تلزم هندسة متطورة جداً لإدارة التيارات الكهربائية المتولدة وكذلك استخراج التريتيوم الجديد بكفاءة عالية من أجل إعادة استخدامه مرة أخرى في الحلقة الوقودية المغلقة.
وتمثل مادة التريتيوم تحدياً مستمراً، فهي مادة مشعة بنصف عمر قصير (نحو 12 عاماً فقط) وتتضاءل مخزوناتها العالمية بنسبة 5% تقريباً سنوياً، علماً بأن مفاعلاً نووياً واحداً بقدرة 1 جيجاوات يحتاج سنوياً لما يعادل حوالي 55 كيلوغرام من التريتيوم، بينما لا يتوفر طبيعياً في العالم سوى حوالي 7.5 كيلوغرام في وقت واحد. لهذا السبب، يشكل نجاح "أسترال" في إنتاج التريتيوم محلياً وإعادة تدويره ودمجه في نظام مستدام، قفزة كبيرة تعزز آمال الاعتماد على طاقة الاندماج النظيف كبديل مستدام وفعال.
شخصيات رائدة وراء النجاح
تأسست "أسترال سيستمز" عام 2021 على أيدي اثنين من رواد القطاع النووي: المخترع د. توم والاس-سميث المتخصص في علوم الاندماج والانشطار، وخبير الاندماج التجاري تالمن فايرستون الذي يمتلك باعاً طويلاً يمتد لأكثر من عشرين عاماً في صناعات الاندماج والدفاع. استطاع الفريق الانتقال بسرعة هائلة من مرحلة التنظير العلمي إلى التطبيق الفعلي والميداني. ونجحت الشركة في إقامة مرفقها التجريبي بمجمع "دورست للابتكار" في بريطانيا بموجب شراكات بحثية مع جامعة بريستول وهيئة الطاقة النووية البريطانية، لتشكل المنصة المثالية لانطلاق هذه التكنولوجيا من المختبرات إلى الأسواق العالمية.
ويعتبر هذا النجاح الأخير تأكيداً متجدداً على أهمية تطوير تقنيات إنتاج وتصنيع الوقود النووي محلياً، الأمر الذي من شأنه أن يجعل طاقة الاندماج النووي مصدراً أكثر واقعية لتغطية احتياجات العالم للطاقة النظيفة في المستقبل. من جهة أخرى، يمكن تعزيز جودة النص أكثر بتوظيف مرادفات أخرى قوية وأكثر جذباً، وربما بتوضيح بسيط حول مفاهيم فيزيائية أكثر صعوبة، مما يجعل الموضوع أقرب لقارئ عام ربما لا يمتلك خلفية علمية متقدمة. ومع ذلك، يعد هذا الخبر بحد ذاته خطوة عملاقة إلى الأمام في الطموح البشري نحو الطاقة النظيفة اللامحدودة.