ذكاء اصطناعي

هل يمكن التنبؤ بغضب الطبيعة؟ جهاز جديد يسبق العاصفة بـ40%!

محمد كمال
محمد كمال

4 د

كشف علماء عن ظاهرة "أعاصير الفضاء" تهدد أنظمة الملاحة والأقمار الصناعية.

الرياح الشمسية قد تُنشئ دوامات بلازمية تُسبب اضطرابات مغناطيسية كبيرة.

منظومة "SWIFT" الجديدة ستتيح استشعار الظاهرة بنسبة 40% أسرع.

تقنية "الشراع الشمسي" ستُمكِّن من التنبؤ بالتغيرات المغناطيسية بشكل أفضل.

تفكر "سويفت" في تطوير نظام لحماية الاتصالات والطيران من العواصف الفضائية.

يبدو أن الفضاء بين الشمس وكوكبنا لا يخلو من المفاجآت، فالعلماء كشفوا مؤخرًا عن ظاهرة مريبة أشبه بأعاصير خفية تهدد أقمارنا الصناعية وأنظمة الملاحة دون أن نلاحظها. دراسة حديثة نشرت في **مجلة الفيزياء الفلكية** أوضحت أن هذه الدوامات البلازمية الصغيرة، أو ما يُعرف بـ«أعاصير الفضاء»، يمكن أن تسبب اضطرابات مغناطيسية ضخمة تعطل البنية التكنولوجية على الأرض.
وهنا يبدأ السباق لإيجاد وسيلة استشعار أسرع، تكمن فكرتها في مسبار يعمل بطاقة الشراع الشمسي، قادر على اكتشاف هذه الظواهر قبل وصولها إلينا.

ينبع الخطر من الرياح الشمسية، وهي تيار دائم من الجسيمات المشحونة ينطلق من الشمس. وفي بعض الأحيان، تزداد حدتها بسبب **الانبعاثات الكتلية الإكليلية** التي تقذف كميات هائلة من البلازما في الفضاء. باحثو جامعة ميشيغان اكتشفوا عبر محاكاة رقمية عالية الدقة أن هذه الكتل يمكن أن تولد تراكيب لولبية مغناطيسية تُسمى **الحبال الفيضية**، تنفصل أحيانًا عن العاصفة الأم وتمضي وحدها في الفضاء.
وهذا الكشف يفتح الباب أمام فهم جديد لآلية تشكل العواصف الجيومغناطيسية.


دوامات شمسية خفية


تتراوح أحجام هذه الحبال بين ثلاثة آلاف إلى ستة ملايين ميل عرضًا، وتتصرف كأعاصير من البلازما تحمل حقولًا مغناطيسية قوية. وعلى الرغم من صغرها مقارنة بالانفجارات الشمسية الكبرى، إلا أنها قادرة على توليد اضطرابات تؤثر في أنظمة **الملاحة عبر الأقمار الصناعية** و**شبكات الكهرباء** و**الزراعة الذكية** المعتمدة على تحديد المواقع.
شهد العالم في مايو 2024 مثالًا حيًا عندما ضربت عاصفة مغناطيسية مفاجئة كوكب الأرض، أجبرت شركات الطيران على تغيير مساراتها وأربكت الأقمار الصناعية، بل وأدت إلى خسائر زراعية قدرتها وكالة ناسا بنحو ‎17‎ ألف دولار للمزرعة الواحدة.
وهذا ما يعيد الجدل حول كفاءة أنظمة الإنذار الحالية، التي تعتمد بشكل شبه كلي على أجهزة ترصد الشمس مباشرة.

من هذا المنطلق، يؤكد الباحثون أن المشكلة لا تقتصر على ما ينبعث من الشمس لحظة الانفجار فقط، بل تشمل أيضًا ما يتشكل أثناء رحلته نحو الأرض. فكما يجرف كاسحة الثلوج دوامات من الجليد خلال حركتها، تولد الانبعاثات الشمسية دوامات مغناطيسية ثانوية تزداد خطورتها إذا اصطدمت بتيارات رياح متفاوتة السرعة.
هذا الربط بين طبيعة الرياح الشمسية ومسار العواصف يمهد لفهم أعمق لديناميكيتها.


منظومة «سويفت» الجديدة


حتى اليوم، تعتمد البشرية في رصد طقس الفضاء على نقطة واحدة فقط، هي نقطة التوازن **L1 لاغرانج** الواقعة بين الأرض والشمس، حيث تعمل مركبات مثل «دي إس كوفَر» و«إيس» التابعة لناسا ووكالة نوا. غير أن هذه النقطة تمنحنا رؤية محدودة، فإذا مرّ حبل مغناطيسي خارج مجالها فقد لا نكتشفه أبدًا.
وهنا يأتي الحل المقترح من فريق جامعة ميشيغان: منظومة **SWIFT**، أو ما يعرف بـ«حدود استكشاف أحوال الفضاء». تتألف هذه المنظومة من أربع مركبات فضائية تشكل هرَمًا ثلاثي الأضلاع، وتُصمَّم لتغطية مجال رصد واسع يتجاوز موقع L1 التقليدي.

المركبة المركزية في هذا التشكيل ستحظى بأداة ثورية: **شراع شمسي معدني** خفيف يعكس أشعة الشمس ليستمد منها الدفع بدلًا من الوقود. هذه التقنية، المستوحاة من مشروع «سولار كروزر» في ناسا، تسمح بتمركز المسبار في موقع متقدّم لم يكن الوصول إليه ممكنًا سابقًا.
بهذه الوضعية، سيتمكن من التقاط البُنى المغناطيسية مبكرًا بنسبة تصل إلى **40%** مقارنة بالنظم الحالية، فيما تمنح المركبات المحيطة رؤية ثلاثية الأبعاد لتطور البلازما والحقول المغناطيسية وهي في طريقها نحو الأرض.
وهو ما يربط بين خطة «سويفت» اليوم وطموحات العلماء في بناء نظام تحذير شامل من عواصف الفضاء المستقبلية.

ذو صلة

يرى العلماء أن هذا التحول سيكون بمثابة نقطة انعطاف في تعامل البشرية مع «طقس الفضاء». فبعض هذه الحبال، خاصة التي تمتلك مجالًا مغناطيسيًا متجهاً جنوبًا، يمكن أن تتفاعل بقوة مع غلاف الأرض المغناطيسي وتولّد أقوى العواصف تأثيرًا. وكما أوضح الباحث **مجتبى أخوان تافتي**: *“لا يكفي أن نراقب الشمس، بل علينا أن نرصد ما يتشكل في المسافة بين الشمس والأرض.”* أما زميله **تشيب مانشستر** فأضاف أن المسبارات الحالية ترى التغيرات من زاوية واحدة فقط، بينما تقنيات تعدد المراقبة ستمنحنا صورة كاملة للبنية الكاملة للعاصفة.

بهذه الرؤية المتقدمة، تمهد «سويفت» لعصر جديد من التنبؤات المبكرة التي قد تحمي شبكات الاتصال والطيران والأقمار الصناعية من التقلبات الفضائية المفاجئة، وتقرّبنا خطوة من فهم القوى الخفية التي تحكم علاقتنا بالشمس.

ذو صلة