ذكاء اصطناعي

هواوي تبهر العالم بـCloudMatrix 384: قفزة نوعية في سباق الذكاء الاصطناعي ضد انفيديا!

محمد كمال
محمد كمال

4 د

كشفت هواوي عن نظام CloudMatrix 384، منافسًا قويًا لنفيديا في الحوسبة الفائقة.

يتكون النظام من 384 معالج Ascend 910C، بقوة 300 بيتا فلوبس.

يستخدم تصميمًا بصريًا شاملًا لتسريع نقل البيانات بين المعالجات.

يتفوق في الذاكرة، لكنه يستهلك طاقة أعلى بكثير من المنافسة.

تستثمر هواوي في تقنيات محلية لتقليل الاعتماد على الموردين الغربيين.

مع انطلاق فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي 2025 في شانغهاي، خطفت شركة هواوي الأضواء بإعلانها عن نظام CloudMatrix 384، أحد أكثر أنظمة الحوسبة الفائقة تطوراً على الإطلاق. هذا الكلستر مكون من 384 معالج ذكاء اصطناعي من نوع Ascend 910C، ويعد بمنح الصين دفعة قوية في استقلالية تطوير الذكاء الاصطناعي ومنافسة عمالقة الصناعة مثل نفيديا. قوة الحوسبة في هذا النظام تصل إلى 300 بيتا فلوبس، أي نحو ضعفي ما توفره المنظومة الرائدة جي بي 200 من انفيديا – ولكن مع استهلاك طاقة أكبر بكثير أربع مرات تقريبًا.


تصميم بصري شامل: قلب CloudMatrix الفائق

الجديد هنا ليس رقم القوة فقط، بل البنية المعمارية الجريئة. فقد أنجزت هواوي بنية قائمة على الاتصال البصري الكلي، إذ يرتبط كل معالج في المنظومة ويبث البيانات مباشرة دون المرور بهياكل هرمية تقليدية أو مواجهة عنق زجاجة في نقل البيانات. شبكتها الفائقة مؤلفة من 6912 وصلة ضوئية فائقة السرعة، توفر عرض نطاق يفوق 5.5 بيتابت في الثانية، ما يضمن تدفقاً هائلاً للمعلومات بين 384 وحدة معالجة و192 وحدة للمعالجة المركزية من نوع Kunpeng. الانتقال لهذا التكامل البصري يضع حداً لمشاكل فقد البيانات وتأخير الإشارات التي يعاني منها النقل عبر الكابلات النحاسية، ويسمح بأداء متناسق سواء في عمليات التواصل الداخلية أو الخارجية بين العقد. وكل هذا ينتظم في 16 رفاً ضخماً تتوزع عليها الـمعالجات ووحدات التبديل.

وهذا يعكس كيف تمكنت هواوي من التعامل مع نقاط ضعف تقنيات الحوسبة الفائقة التقليدية عبر الاعتماد على تقنيات الألياف البصرية والتوزيع المتكافئ للمعالجة.


حسابات هائلة وذاكرة أقوى… مع تكلفة طاقة ثقيلة

عندما ننظر إلى أرقام الأداء، نجد أن كل معالج Ascend 910C قادر على إنتاج 1.5 بيتا فلوب في عمليات BF16، والتكامل الصيني هنا يسبق منافسه الأمريكي بوضوح عندما يتعلق الأمر بعرض الذاكرة – إذ تبلغ السعة الكلية لذاكرة HBM في النظام 49.2 تيرابايت، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تتيحه منظومة نفيديا، وبعرض نطاق للذاكرة يصل إلى 1,229 تيرابايت في الثانية. لكن في الجانب المقابل، يدفع النظام ضريبة استهلاك الطاقة المرتفعة حيث يلتهم 559 كيلوواط، مقابل 145 كيلوواط فقط لنظيره الأمريكي، ما يعني أن كفاءته للطاقة أقل بـ2.3 ضعف تقريباً. ومع ذلك، ترى هواوي أن تدني تكاليف الكهرباء في الصين وحجم البنية التحتية يسمحان بهذا النهج القائم على “القوة الغاشمة” لتحقيق الاستقلالية عن الموردين الغربيين.

ولربط هذه المواصفات بالاستراتيجية الأشمل، فهواوي تلعب على وتر استثمار مواردها البحثية والمالية الهائلة لتطوير حلول محلية قادرة على سد الفجوة التقنية الناتجة عن العقوبات الأمريكية.


الثورة البصرية: كل بايت بيانات ينتقل بضوء الليزر

القفزة التكنولوجية التي اختارتها هواوي تجلت بوضوح في بنية الربط البصري الشاملة. حيث تخلت كليًا عن التوصيلات الكهربائية المعتادة – تلك التي تقصر عن متابعة احتياجات الذكاء الاصطناعي ببطءها وحدودها الفيزيائية – واعتمدت بديلاً عن ذلك منظومة اتصال ضوئي معتمدة على مبادئ تقنيات WDM أو تعدد أطوال الموجات الضوئية. هذا الاختيار يعني أن البيانات تتدفق عبر قنوات متعددة باستخدام أطياف ضوئية متوازية، وهو حل “يشبه الطرق السريعة متعددة المسارات للبيانات”. بهذه الطريقة، تصبح المنظومة بأكملها كيانًا متكاملًا، إذ تنتقل المعلومات بين المعالجات بسرعة الضوء تقريباً، وتستفيد من انعدام ضياع الإشارة الذي يشوب الكابلات النحاسية في مسافات طويلة.

هذه الثورة في بنية الربط تواكب توجهات كبرى شركات أشباه الموصلات عالميًا، وتفتح الباب أمام استخدام التقنيات الفوتونية لدعم أعباء الذكاء الاصطناعي العملاقة، مع الحفاظ على معدلات تأخر زمنية منخفضة جداً تُمكّن العمليات المعقدة من التكامل اللحظي.


سباق استراتيجي في قلب الحرب التكنولوجية

من الواضح أن هواوي لا تتحرك في فراغ. فالإجراءات الأمريكية الأخيرة، التي تجرّم ببساطة استخدام شرائح Ascend من هواوي في أي مكان حول العالم، تظهر مدى احتدام المواجهة على مسرح السيادة التقنية. وبينما تفرض واشنطن قيوداً متزايدة سعياً لعزل المنظومة الصينية، تستثمر بكين (عبر هواوي وغيرها) عشرات المليارات في المختبرات المحلية لتطوير التقنيات والحلول الخاصة؛ حيث يتجاوز حجم البحث السنوي في هواوي 25 مليار دولار ثلثها يذهب لأبحاث نظرية طويلة الأمد. وفي هذا السياق، تظهر نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر الصينية مثل DeepSeek كرأس حربة تتيح للصين التقدم بسرعة، مستفيدة من سياسة الانفتاح ونشر التقنيات في الدول النامية، في وقت بدأت فيه الشركات الأمريكية تعمد إلى إغلاق منصاتها ونماذجها.

وهذا ما يكشف أن سباق التطوير لم يعد معركة حول المعالجات فقط، بل حول من يمتلك بنية تحتية معرفية مستقلة ونماذج خوارزمية تتغذى على بيانات عالمية تنمو بعيداً عن أعين القيود.

ذو صلة

عندما نستعرض تفاصيل إعلان هواوي، يتضح أن الشركة تراهن على تكثيف تطويرها الداخلي ومضاعفة استثماراتها في البنية التحتية الذكية التي تعتمد على المعالجات الضوئية والتوزيع اللاهرمي للبيانات، لتكسب مساحة واسعة من الاستقلالية عن التكنولوجيا الأمريكية. ورغم تحديات استهلاك الطاقة، تقدم هواوي بديلاً قادراً على استيعاب التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي. ربما لو استبدلنا التعبير عن “الثورة البصرية” بمصطلح “التحوّل الكلي للبنى التحتية الرقمية”، أو أضفنا عبارة توضح كيف يتكامل الاستثمار البحثي الصيني مع هذه القفزات التقنية، سنحصل على نص أشد تماسكًا وأكثر عمقاً في الربط بين المشهد التقني وصراع القوى العالمي. وفي النهاية، كل خطوة في هذا الصراع تحمل بين طياتها تحولات قادمة في بنية الذكاء الاصطناعي حول العالم.

ذو صلة