“وايفاي” يراقبك دون أن تدري: تعرف على WhoFi التقنية الجديدة التي تهدد خصوصيتك

3 د
تقنية WhoFi تستخدم الوايفاي لاستشعار وتحديد هوية الأفراد دون الحاجة لأجهزة إضافية.
تمكن النظام من التعرف بدقة تفوق 95% على الأفراد حتى مع تغير الظروف البيئية.
يثير استخدام هذه التقنية مخاوف حول الخصوصية وجمع "بصمات رقمية" دون إذن الأفراد.
تقنيات الوايفاي المتقدمة تمهد لمستقبل في المراقبة دون الحاجة لاتصالات تقليدية.
تطرح WhoFi نقاشًا حول توازن الأمان الشخصي والخصوصية في عصر الاتصالات اللاسلكية.
تخيّل أن شبكة الوايفاي العادية في منزلك أو مكتبك قد يكون بمقدورها معرفتك وتمييزك بمجرد مرورك بالقرب منها، حتى في غياب الكاميرات أو الأجهزة الذكية التقليدية! هذا ليس مشهداً من أفلام الخيال العلمي، بل حقيقة تقنية جديدة تدعى WhoFi طورها باحثون في جامعة لا سابينزا بروما، والتي باتت تثير جدلاً متصاعداً حول مستقبل الأمان الشخصي والخصوصية الرقمية.
تعقب الأفراد عبر موجات الإنترنت اللاسلكية
يحمل نظام WhoFi ابتكاراً مثيراً: فهو يستغل شبكات الوايفاي المتوفرة في كل مكان لاستشعار وجود الأشخاص وتحديد هوياتهم عبر تحليلات دقيقة للذبذبات. تعتمد الفكرة على قراءة ما يسمى "معلومات حالة القناة" Channel State Information (CSI)، التي تعكس أثر مرور الأجسام والأشخاص على إشارات الوايفاي. هذا التغيّر في الإشارات يُشبه بصمة رقمية لكل فرد، يستطيع نظام الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد عليه WhoFi تمييزها وتصنيفها بدقة.
بالانتقال من هذا الأساس العلمي، تبرز إمكانيات WhoFi في تجاوز القيود التقليدية للرقابة الرقمية، إذ أنه لا يحتاج لأي تفاعل جسدي أو تسجيل مرئي للتمكن من مراقبة الحضور البشري. وهكذا، يتحول أي مكان مزود بالوايفاي، حتى المنزل البسيط أو أقسام الشركات، إلى مساحة مراقبة مستترة تستطيع تتبع الحركة و"رؤية" الأشخاص خلف الجدران وفي الظلام دون أي أثر واضح للعيان.
ميزات قوية وسط مخاوف الخصوصية
وتتزايد المخاوف مع إعلان فريق الباحثين عن قدرة النظام على تحقيق دقة في تمييز الأفراد تتجاوز 95%، حتى مع تغيّر الظروف البيئية المحيطة أو تبدل مستوى الإضاءة. هنا تتعمق المخاوف المرتبطة بالهوية البيومترية، إذ أصبح من الممكن لأول مرة جمع "بصمات رقمية" دون علم أو إذن صاحبها، سواء كان ذلك في البيت، العمل، أو الأماكن العامة.
ينتقل بنا هذا إلى نقاش أوسع حول إمكانية اختراق الروتين اليومي للأفراد ورصد أنماط الحركة والتنقل بسهولة. وفي حين يؤكد الفريق البحثي أن تقنية WhoFi لا تكشف عن بيانات مستخدمين محددين بشكل تقليدي ولا تجمع معلومات شخصية كالاسم أو البريد، فإن مجرد القدرة على إعادة التعرف على شخص بعينه يعطي مساحة واسعة لقلق المتابعين والمدافعين عن الحقوق الرقمية.
تقدم تقنيات الوَيفاي خطوة جديدة في المراقبة الذكية
ولعلّ WhoFi ليست الزائر الوحيد في ساحة التقنيات اللاسلكية الذكية، حيث ظهرت نماذج عدّة في السنوات الماضية تتنافس على توظيف شبكات الوايفاي في مراقبة الحركة واكتشاف حوادث السقوط أو حتى رسم خريطة للأجسام عبر الجدران. على سبيل المثال، طوّر باحثون في جامعات مثل سانتا باربرا وكارنيجي ميلون تقنيات تستخدم الموجات اللاسلكية لقراءة الحروف خلف الحواجز أو رسم وضعية الجسم داخل الغرفة بدقة، في حين اتجهت شركات مثل Gamgee وكومكاست لإدماج أجهزة المراقبة في أجهزة المنزل الذكية.
وعند الربط بين هذه التطورات المتسارعة تنكشف صورة مستقبلية حيث يصبح الإنترنت اللاسلكي ليس فقط نافذة على العالم، بل أيضاً عدسة مستترة تراقب حركة الجميع وتخزن تفاعلاتهم اليومية دون تعليق واضح.
إلى أين تتجه الحدود بين الأمان والخصوصية؟
اتضح من مسار WhoFi، رغم أنه ما يزال مشروعاً أكاديمياً دون خطط رسمية لتسويقه حتى الآن، أن قدرات المراقبة من خلال الشبكات اللاسلكية تشهد نقلات نوعية قد تغيّر نظرتنا للأمان الشخصي والسياسات العامة للخصوصية. فبينما يبدو الأمر من منظور علمي مذهلاً وواعداً لتطبيقات مثل مراقبة المسنين أو كشف المقتحمين، تظل الأسئلة الأخلاقية قائمة حول من يملك الحق في جمع هذه البصمات الرقمية وكيفية استخدامها مستقبلاً.
لقد بات من الواضح اليوم أن الحديث عن حدود الخصوصية في عصر الاتصالات اللاسلكية يفرض نفسه بقوة على طاولة النقاشات التقنية والقانونية. ربما يكون الأجدى أحياناً استبدال مصطلحات أمنية عامة بمصطلحات أدق تعكس فعلاً جوهر التقدم الحاصل، كما أن إضافة جمل تربط تأثيرات التقنية على حياة المستخدمين اليومية يقوي جدل المقال ويمده بلمسة إنسانية متجددة، بحيث يصبح الحوار حول التقنية ليس نقاشاً للمختصين فقط بل قضية تهم كل فرد يعيش في عصر الوايفاي الذكي.